لا تزال الساحة السياسية اللبنانية بانتظار مستجدات الاتصالات بين القطبين المسيحيين، رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. وعبّر الأخير أمام الكثير من الزوار في الأيام الماضية، عن "سيره الجدي في خيار ترشيح عون لرئاسة الجمهورية بوجه المبادرة التي أعدّها حليفه زعيم تيار المستقبل سعد الحريري، الذي اتخذ خيار تبني اسم حليف النظام السوري النائب سليمان فرنجية للرئاسة".
وبحسب "زوّار معراب" (مقرّ إقامة جعجع، شرقي بيروت)، تسير الأمور على السكّة الصحيحة مع عون "حيث لا يزال النقاش مستمراً حول بعض البنود المتعلّقة بالمشروع الرئاسي لعون، وكيفية تعامله مع ملفات أساسية".
ومن أبرز هذه الملفات، بحسب مصادر لـ"العربي الجديد"، مُطّلعة على أجواء النقاش (العوني ـ القواتي)، تمت مناقشة قضية السلاح غير الشرعي، وحركة التسليح والمسلحين في الداخل والخارج، والمقصود هنا، الحدود الشرقية مع سورية. وهو ما يترجم أساساً "ورقة النوايا" التي سبق لعون وجعجع أن أطلقاها (في يونيو/ حزيران 2015)، كنتيجة للحوار الثنائي بينهما (مستمر من ديسمبر/ كانون الأول 2014)، وجاء في أحد بنودها ما معناه، "العمل على تعزيز مؤسسات الدولة، ودعم الجيش معنوياً ومادياً بصفته المؤسسة الضامنة للسيادة، وعدم اللجوء إلى السلاح والعنف، وتعزيز القوى الأمنية الشرعية بهدف بسط سلطة الدولة على كافة الأراضي اللبنانية".
اقرأ أيضاً: مواقف وزير الخارجية اللبناني بالجامعة العربية تتحول لسجال برلماني
وتتمحور أسئلة زوار جعجع تحديداً حول جدية ترشيحه لعون، لكون الرجلين يجسدان أبرز مشهد صراعات الحرب الأهلية السابقة، ولا يزال التنافس السياسي والانتخابي بينهما طاغياً على الساحة المسيحية.
وفي السياق، لم يتردّد جعجع، رداً على سؤال حول علاقته بعون والتوافق بينهما لترشيح الأخير، بالتأكيد على "أنّ هذا الخيار منطقي وجدي"، خصوصاً مع التفاهم الذي يجري الإعداد له.
وشددت مصادر في القوات اللبنانية لـ"العربي الجديد"، على أنّ إعلان جعجع ترشيح عون، ينتظر أيضاً الإعلان الرسمي لترشيح الحريري لفرنجية. مع إشارة جعجع لمجموعة من العوامل الإيجابية وراء ترشيحه لعون، وأبرزها أن الأخير من أقوى الشخصيات المسيحية، ووصوله إلى الرئاسة يعني وجود رئيس قوي ينهي عهود الرؤساء الضعفاء في فترة الوصاية السورية على لبنان (1990 - 2005).
وأضافت المصادر ذاتها، أن توحيد الصف المسيحي بعد عقود من الترهّل الذي أصاب هذه الطائفة منذ نهاية الحرب الأهلية (1989)، سوف يترجم من خلال رئيس يمثل معظم القوى المسيحية.
أما عن العلاقة بين جعجع وأبرز حلفائه المفترضين في قوى "14 آذار"، التي يقودها سعد الحريري، فإنّ "التواصل لا يزال قائماً بين الطرفين بشكل مباشر وغير مباشر".
وأكدت شخصيات في قوى "14 آذار"، لـ"العربي الجديد"، على أنّ الاتصالات لا تزال قائمة بين جعجع والحريري، وكذلك "حركة الموفدين"، وكان آخرها الزيارة التي قام بها عضو "كتلة المستقبل"، الوزير نهاد المشنوق، إلى معراب.
والتقى جعجع والمشنوق ليل الثلاثاء - الأربعاء، وكانت أبرز الخلاصات، بحسب المطلعين على أجواء اللقاء، "الاتفاق على تهدئة الأجواء المشحونة بين الحليفين، والتفاهم على تجميد المبادرتين"، أي ترشيح الحريري لفرنجية، وترشيح جعجع لعون.
وفي سياق الخيار السالف الذكر، أكد مسؤولون في "8 آذار" و"14 آذار"، لـ"العربي الجديد"، أن لقاءً تمّ بين الحريري وفرنجية في باريس، "لا تزال نتائجه غير واضحة، بفعل التطوّرات على خط التواصل بين عون وجعجع".
اقرأ أيضاً: الفيتو اللبناني باجتماع الوزراء العرب: القرار بيد حزب الله
وسبق كل هذا، اجتماع عاصف بين مكوّنات "14 آذار"، تخلّلته "اتهامات متبادلة بالتخوين والتخلي عن مشروعها، بين ممثلي القوات اللبنانية وتيار المستقبل وشخصيات مستقلة محسوبة على الأخير".
وبناءً على ذلك، تكونت خلاصات أنّ الملف الرئاسي قد تم تجميده على الخطين، في حين أن التساؤل الأكبر يبقى حول موقف "حزب الله" من هذه التطوّرات، في ظل شيوع أجواء عن عرقلة الحزب لأي تسوية رئاسية يمكن أن تتوصل إليها القوى المحلية، وذلك انسجاماً مع الظروف الإقليمية والأزمة الإيرانية ـ السعودية، والحرب التي يشارك فيها الحزب في سورية.
اقرأ أيضاً: جعجع يتجه إلى ترشيح عون للرئاسة اللبنانية