وينتشر هناك مقاتلو تنظيمي "الدولة الإسلامية" (داعش) و"فتح الشام" منذ سنوات تخللتها اشتباكات متكررة بينهما بسبب الخلافات، وبينهما وبين "حزب الله" المنتشر حول مواقع التنظيمين من الجهة السورية بمساندة من مليشيا "سرايا أهل الشام" السورية التي يدعهما الحزب والنظام السوري.
وتولى "جهاز الإعلام الحربي" التابع لـ"حزب الله" وحده نقل أخبار الاشتباكات التي دارت بين "داعش" و"فتح الشام" في أول أيام شهر رمضان، اليوم السبت. وقال الجهاز عبر حساباته على مواقع التواصل إن عشرات المسلحين من التنظيمين قتلوا في الاشتباكات الدائرة بينهما في مناطق "شميس العجرم، خربة داوود، والشاحوط سرج النموره، وادي حميد، الملاهي، العجرم، خربة يونين في جرود بلدة عرسال".
وجاء ذلك بعد "هجوم عناصر داعش على مواقع فتح الشام"، كما تواصلت "الاشتباكات العنيفة بين مسلحي التنظيم من جهة وجبهة النصرة وسرايا أهل الشام من جهة أخرى، وأدت إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى بين الطرفين وسط حالة من الفوضى والتوتر داخل مخيمات وادي حميد بين المدنيين"، بحسب الإعلام الحربي في "حزب الله".
كما تولى الجهاز تعميم خبر عن طلب "فتح الشام" نقل 8 جرحى من مقاتيله إلى المستشفيات اللبنانية بسبب حالاتهم الحرجة، وذلك عبر الصليب الأحمر اللبناني. وتم بالفعل نقل 4 مسلحين إلى مسشتفى فرحات في محافظة البقاع بعد التنسيق مع الجيش اللبناني. وهذه ليست المرة الأولى التي تستقبل فيها المستشفيات اللبنانية جرحى من "فتح الشام"، وتم ذلك خلال مراحل التفاوض التي خاضتها الدولة اللبنانية لإطلاق عسكرييها المختطفين لدى التنظيم المذكور.
ولم يقتصر التدخل الميداني للجيش اللبناني المنتشر في نقاط متقدمة بين جرود عرسال وداخل البلدة على تنسيق نقل المسلحين، بل شاركت مدفعيته في قصف مواقع المسلحين المُشتبكين في الجرود. وتفقد قائد الجيش العماد جوزف عون قبل ظهر اليوم، العسكريين الجرحى من جرّاء حادث التفجير الذي تعرّضوا له يوم أمس في بلدة عرسال، أثناء محاولة توقيف أحد المطلوبين اللبنانيين. وأكد عون على "القدرة الاستخباراتية والاستعلامية للجيش على اجتثاث الخلايا الإرهابية من مخابئها أينما وجدت، وهذه القدرة تسير جنباً إلى جنب مع مواصلة الوحدات الميدانية مهاجمة مواقع التنظيمات الإرهابية على الحدود الشرقية، وتضييق الخناق عليها وصولاً إلى دحرها بصورة نهائية".
وكان الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، قد أكد في كلمة ألقاها في ذكرى عيد المقاومة والتحرير قبل يومين، على سعي الحزب لـ"إنهاء وجود المجموعات المسلحة في جرود بلدة عرسال دون إراقة دماء ومن خلال أي تسوية ممكنة، بالتعاون مع الدولة اللبنانية ومع أهالي البلدة".
وقد استغل تنظيما "داعش" و "فتح الشام" عرسال لموقعها الجغرافي المتداخل مع الأراضي السورية ومحدودية انتشار الجيش اللبناني في جرودها (قبل معركتهم معه عام 2013) لنقل سيارات مفخخة وانتحاريين عبرها إلى الأراضي اللبنانية. وهو ما أدى لوجود حالة نزاع طائفي بين عرسال وجوارها، عززه وصول مقاتلي "حزب الله" إلى جرود البلدة بعد معارك خاضوها مع "داعش" و"فتح الشام" في جرود السلسلة الشرقية التي تفصل سورية عن لبنان.
وتزامن انتشار مسلحي الحزب في الجرود مع مقتل مزارعين من بلدة عرسال أثناء تفقد مزروعاتهم في الجرود العام الماضي.
أما على الصعيد السياسي، فقد دفعت جملة المفاوضات السياسية القائمة حول إقرار قانون جديد للانتخابات رئيس البرلمان، إلى تأجيل الجلسة التشريعية على أمل تحقيق توافق حول قانون جديد. وذلك في تكرار لمحاولة شراء الوقت، قبل اعتماد خيار إجراء الانتخابات وفق القانون الأكثري النافذ حالياً. وهو ما تُعلن مُختلف القوى السياسية رفضه، رغم أنه السيناريو الأكثر واقعية في ظل استمرار المفاوضات لأكثر من 8 سنوات ووجود عدد من مشاريع القوانين الانتخابية الجدية التي تنتظر التصويت عليها في البرلمان.