أظهرت التحقيقات التي قامت بها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي في لبنان أنّ الأشخاص الذين اعتدوا على الناشط والمحامي واصف الحركة ينتمون إلى "الحزب الديمقراطي اللبناني"، الذي يرأسه النائب طلال أرسلان، والممثَّل في الحكومة بوزير الشؤون الاجتماعية والسياحة رمزي مشرفية، وقد استخدم الفاعلون خلال الاعتداء دراجتين ناريتين وسيارتين، واحدة منهما مسجلة باسم وزارة السياحة.
واعترف الشبان، بحسب بيان قوى الأمن الصادر اليوم الاثنين، بتنفيذهم عملية الاعتداء على خلفية تنفيذ المحامي الحركة اعتصامات داخل وزارة الشؤون التي، على حدّ قولهم، يرأسها وزير تابع لخطّهم السياسي.
وبتاريخ الثالث من يوليو/ تموز الجاري، أقدم عددٌ من الأشخاص على متن دراجتين ناريتين على الاعتداء بالضرب على المحامي واصف الحركة بعد خروجه من مبنى إذاعة "صوت لبنان" في محلة الأشرفية، ما أدى إلى إصابته بجروح في رأسه نقل على إثرها إلى المستشفى بغية تلقي العلاج المناسب، حيث توافد الزملاء من المحامين، وعلى رأسهم نقيب المحامين ملحم خلف، للاطمئنان إلى صحته ولتأكيد متابعة القضية حتى كشف المتورطين، وانضمّ إليهم ناشطون في المجموعات المدنية.
وفور شيوع خبر اعتراف المعتدين بأن دافع الاعتداء مرتبط بالاعتصامات التي كان ينفذها الحركة في وزارة الشؤون الاجتماعية وربطهم بالوزير، سارع المكتب الإعلامي للوزير مشرفية إلى نفي علاقته بالأمور أو علمه به بأي شكل من الأشكال، وأكد في بيان أن "وزارة الشؤون تشهد اعتصامات واحتجاجات مختلفة وبشكل شبه متواصل نتيجة المسؤوليات الملقاة على عاتقها في هذه الظروف الصعبة والوزير يأخذ هذا الأمر بمسؤولية كبيرة وبرحابة صدر".
وقال مصدر مقرب من الوزير مشرفية، لـ"العربي الجديد"، إنّ الملف سيذهب إلى القضاء حيث يسلك طريقه نحو العدالة، وقد تقدم وزير الشؤون الاجتماعية بنفسه بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية ضدّ المعتدين على المحامي واصف الحركة، فالوزير ليس مسؤولاً عن تصرّفات وردود أفعال شبان حزبيين، وهو لم يعطِ لأحد أي أمر بالاعتداء على ناشط أو محامٍ أو أي كان.
ورغم محاولة المصدر المقرّب إظهار ميل الوزير إلى عدالة القضاء، لكن التجارب السابقة لم تكن مشجعة لناحية محاسبة العناصر الحزبيين، حيث المخاوف تبقى من التدخلات السياسية في القضاء الذي هو بغالبيته مسيّس، والأمثلة كثيرة على الغطاء الذي جرى تأمينه لعناصر حزبيين، ومنهم تابعون لـ"الحزب الديمقراطي اللبناني" في أحداث جرى تسجيلها في الماضي، فيما تبقى التساؤلات قائمة حول دور الوزير مشرفية، ولا سيما أن سيارة تعود إلى وزارة يرأسها استخدمت في الاعتداء، وكانت إحدى أدوات الفعل المرتكب.
ودعا عدد من الناشطين إلى استقالة وزير الشؤون لأنه يتحمّل مسؤولية ما حدث، والاعتداء الذي تعرّض له واصف الحركة، خصوصاً أن المعتدين استخدموا سيارة تعود للوزارة، فكيف لسيارة كهذه أن تُسلَّم للشبان وأن تبقى معهم ويجري استخدامها ساعة يشاؤون؟
وفي التفاصيل التي فنّدها بيان قوى الأمن اليوم، "فإنّه من خلال الاستقصاءات والتحريات المكثفة، تمكن عناصر الشعبة من تحديد هويات المتورطين، وجميعهم من الجنسية اللبنانية، وهم: ج. ف. (مواليد عام 1998)، ل. م. (مواليد عام 1997)، م. ص. (مواليد عام 1999)، ف. م. (مواليد عام 1087)، ر. ز. (مواليد عام 1998)، ع. ح. (مواليد عام 1998)".
وأضاف البيان: "بتاريخ 9-7-2020 وبعد عملية رصد ومراقبة دقيقة، تمكنت القوة الخاصة التابعة للشعبة من نصب كمينٍ محكمٍ على أوتوستراد منطقة خلدة (محافظة جبل لبنان ودارة أرسلان) نتج منه توقيف الأربعة الأوائل على متن السيّارة المذكورة العائدة لوزارة السياحة، وذلك بعد أن حاول الأول إطلاق النار باتجاه القوة من بندقية كلاشنكوف، فتمت السيطرة عليه ونزع البندقية منه. وبتفتيشهم والسيارة التي كانوا على متنها، ضُبطت بحوزتهم أسلحة حربية عبارة عن بندقيّتين حربيتَين، ومسدس حربي مع الذخيرة، 3 جعب حربية، قبضة حديدية وقناعين. وتزامناً، تم توقيف الخامس في محلة غاليري سمعان".
وأشار البيان إلى أنه "بالتحقيق معهم، اعترفوا بتنفيذهم عملية الاعتداء وذلك على خلفية قيام المحامي الحركة بتنفيذ اعتصامات داخل وزارة الشؤون الاجتماعية التي يرأسها وزير تابع لخطّهم السياسي. كما اعترف الأول والثاني والخامس لجهة قيامهم بتاريخ 5-2-2020 بالاعتداء بالضرب على الصحافي والناشط فراس بو حاطوم في محلة دير قوبل (محافظة جبل لبنان) على خلفية نشره مقالات على صفحته الخاصة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي تتعارض مع توجههم السياسي. وتمّ ضبط الدراجتَين والسيّارتَين، وأجري المقتضى القانوني بحق الموقوفين، وأودعوا مع المضبوطات المرجع المختص، وسُطّر بلاغ بحث وتحرٍّ بحق السادس، العمل جارٍ لتوقيفه، وذلك بناءً على إشارة القضاء".