لا تعليم.. بلا استقرار نفسي

27 يناير 2015
"المالكي" يخرج إحدى دفعات الدعم النفسي ( العربي الجديد)
+ الخط -


النجاح والقدرة على الإنجاز منبعه شعور ورغبة داخلية في الوصول إلى هدف ما. والناجح يبدأ رحلته بحب التفكير في المستقبل وتحقيق أمور يراها مهمة وذات أثر إيجابي على نفسه أو على المجتمع. بيد أن النجاح يبدأ من الحالة النفسية للفرد. فعلى الفرد أن يثق في نفسه وفي قدرته على اجتياز الصعاب، وعلى النجاح، حتى يكتب له فعلا النجاح. ولكن كيف السبيل إلى بث روح الأمل والثقة بالنفس في نفوس الأطفال الذين عانوا من ظروف الحروب والنزاعات القاسية، وعاشوا في أجواء تعمها صرخات الأمهات ودماء الأحباب وضياع كافة مقومات الأمن والأمان.

"المالكي سلام"
الكلام هنا حول أوضاع وأحوال أطفال اللاجئين السوريين النازحين إلى البلدان المجاورة، حيث لوحظ كثرة المشكلات النفسية لديهم، وكثرة الأزمات التي يمرون بها. ومن المعلوم أن الحالة النفسية للطفل من أهم عناصر نجاح تقبله للمدرسة. 

لأجل هذا تم إنشاء "مركز المالكي سلام للدعم النفسي"، بهدف مساعدة الأطفال على المداومة في المدارس، وخلق الأمل لديهم مرة أخرى والتفكير في المستقبل. أنشئ المركز في مدينة الزرقا بالأردن في ديسمبر/كانون الأول 2013، وفتحت أبوابه في يناير/كانون الثاني 2014، حيث يتم التركيز مع الأطفال على ثلاث دوائر: دائرة تركز على الطفل نفسه، ودائرة تركز على كيفية تعامل الطفل مع عائلته، والدائرة الثالثة هي تفاعل الطفل مع المجتمع ككل. 

العلاج أو العنف
تقول ريم أتاسي، المديرة السابقة للمركز، إن من أبرز المشكلات التي لاحظوها، وجود العنف لدى الأطفال بشكل مبالغ فيه، وهو ما قد يحولهم إلى مرتكبي جرائم في حال لم يتم علاجهم واحتواؤهم. ومن أبرز طرق العلاج المعتمدة في المركز، استخدام الفن والقصص والموسيقى والألعاب، كما أنه يتم التركيز في المرحلة الأولى على حكي المشاعر، وحث الأطفال على التعبير عنها ورسم أنفسهم، والتعبير عن غضبهم، وألا يكون ذلك باستخدام العنف مع الأضعف أو الأصغر سنا. إلا أنهم كانوا يصطدمون بكم الكبت لدى الأطفال، وكذلك بعض الموروثات الاجتماعية المتعلقة ببكاء الأولاد الذكور، وأنه من العيب البكاء. 

تحكي أتاسي قائلة إنهم في كل صباح يقومون بعمل دائرة تعارف صباحية يمارس فيها الأطفال الاسترخاء، ومن ثم يتم حكي قصة، ثم يقوم الطبيب النفسي بعمل لقاء مع كل طفل على حدة يحكي فيه قصته، ويعبر عن حاله. وينقسم الأطفال بعد ذلك إلى فرق، أحدها يلعب بالمكعبات، وآخر بالسيارات.. وهكذا. كذلك يمارس الأطفال اللعب في الرمل، حيث إن اللعب في الرمل يساهم في العلاج النفسي للأطفال بشكل كبير. 

ومن أبرز المشكلات التي يعاني منها الأطفال، مشكلة مص الأصابع، والتعلق بالأم بسبب فقد الأب، كثيرون منهم عاشوا القصف، واختبأوا في الملاجئ، وشاهدوا جثثا وعنفا يفوق عقولهم الصغيرة. وهناك من لا يعرف كيف يعبر عن مشاعره ولا عما حدث له، وأحيانا يتعرض المراهقون من اللاجئين إلى العنف من قبل الأردنيين أثناء ذهابهم إلى المدرسة، ويحاول المركز أن يدربهم على مواجهة المشكلات وإيجاد حل لها. 

بث الأمل
ولإعادة بث الأمل لدى الأطفال، يتم الحديث معهم حول اليوم الذي سيعودون فيه إلى وطنهم، وأهمية أن يكونوا جاهزين ومستعدين لهذا اليوم بالعلم والقدرة على البناء، كما يتم التركيز بصورة كبيرة على أهمية حب العلم وفوائد التعلم والعمل على بناء توجه إيجابي نحو المدرسة. 

تم تخريج تسع مجموعات حتى الآن، وما زال المركز يستقبل الأطفال ويعمل معهم، بالرغم من صعوبة البداية التي كان يصعب فيها إيجاد الأطفال ممن يريدون الالتحاق بالمركز. ويقوم المركز على التبرعات الفردية. وقد تم افتتاح فرع آخر للمركز في مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا.

المساهمون