لا التزام بالوقاية من كورونا في ليبيا

12 اغسطس 2020
عطلة عيد الأضحى شهدت تفلتاً كاملاً (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

وصلت ليبيا إلى المستوى الوبائي الرابع في انتشار كورونا أو ما يعرف بمرحلة الانتشار المجتمعي، في الوقت الذي يعتبر فيه المسؤولون أنّ المواطن مسؤول عن ذلك

بالرغم من منع حكومتي ليبيا: حكومة الوفاق في طرابلس، وحكومة مجلس النواب شرقي البلاد، إقامة صلاة عيد الأضحى في المساجد، بعد أقل من أسبوع من وصول البلاد إلى المرحلة الرابعة من الانتشار الوبائي، فإنّ أغلب مساجد البلاد فتحت أبوابها واستقبلت مئات المواطنين في لامبالاة واضحة بالوضع الخطر الذي تمرّ به البلاد.
وعلى طول شاطئ البحر بتاجوراء، شرقي طرابلس، ومدينتي الخمس والقره بولي، حفلت المصايف البحرية بمئات الأسر التي فضلت الاحتفال بيوم عيد الأضحى والاصطياف معاً، وسط حالة من الازدحام بين الأطفال والنساء. ويؤكد عماد عبد العاطي، الضابط بمديرية أمن تاجوراء بطرابلس، أنّ فرق الشرطة كانت منتشرة في منافذ المدن، غربي البلاد، منذ صباح يوم العيد، لمنع المواطنين من الخروج وسط إجراءات متشددة لتطبيق قرار حظر التجول الشامل الذي أعلنت عنه الحكومة لمدة خمسة أيام.

قضايا وناس
التحديثات الحية

لكنّ عبد العاطي يقول، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المواطنين ما زالوا يتحايلون على الإجراءات الوقائية وفضلوا الخروج من المدن قبل بدء فرض حظر التجول الشامل باتجاه المصايف والمناطق الزراعية المجاورة". ويؤكد أنّ وزارة الداخلية ما زالت متراخية في تطبيق قرار الغرامات المالية على مخترقي قرارات الحظر والإجراءات الوقائية. وبينما أقفلت المحال والأسواق الكبرى أبوابها استجابة لقرارات حظر التجول، فإنّ مئات المواطنين وقفوا في طوابير طويلة أمام المخابز والمحال التجارية الصغيرة المستثناة من القرار، من دون الالتزام بالتباعد الاجتماعي.
يعلق بدر الدين النجار، مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض (حكومي)، أنّ "المواطن يتحمل المسؤولية الكبرى في وصول البلاد إلى هذه المرحلة الخطيرة، وربما نصل إلى مرحلة نعلن فيها خروج المرض عن السيطرة". وقد ارتفع عدد المصابين بالمرض في كامل أنحاء البلاد إلى نحو 6000، من بينهم أكثر من 120 وفاة.
ويذكر الناشط المدني حاتم الأحمر، المهتم بدراسة الجانب المجتمعي للوباء، أنّه أحصى 11 مناسبة اجتماعية في الأسبوع الماضي بمدينة سبها وحدها التي تعتبر ثاني بؤر انتشار المرض في البلاد، مشيراً إلى أنّ تلك المناسبات توزعت بين الأفراح والمآتم. ويقول الأحمر، لـ"العربي الجديد"، إنّ مواطني المدينة أكدوا، بحسب استبيان وزعه بالمدينة، عدم اكتراثهم بالتحذيرات الحكومية والعالمية، ومنهم من لا يصدق أساساً بوجود هذا المرض. 
ويلفت الأحمر إلى أنّ طول فترة الإجراءات الوقائية ساهم بشكل كبير في خروج المواطنين على تلك الإجراءات، كما أنّ الجهود الحكومية في نشر الوعي بخطورة المرض لم تكن كافية، ما شكل عاملاً إضافياً لتمرد المواطنين. يتابع أنّه لاحظ أعذاراً غريبة من قبل المواطنين، من بينها أنّ الإحصاءات المعلنة غير صحيحة، وأنّ من يتكفل الإعلان عنها بهذا الشكل اللافت هم لصوص الميزانيات الحكومية بهدف السرقة. لكنّه يلفت إلى أعذار أخرى، من بينها أنّ بعض المواطنين يتناولون رقية انتشرت في أوساط المواطنين في جنوب ليبيا يؤكدون أنّ لها قدرة على حمايتهم من المرض، وأنّ بعض الناس تماثلوا للشفاء بسببها.
لكنّ النجار لا يعتبر أنّ مثل هذه الأسباب كافية لتبرير انتشار وتفشي المرض، مشيراً إلى أنّ أساس الوقاية يجب أن يكون في قناعة المواطن بخطورة الفيروس، وهو ما يغيب، إذ إنّ بعض الأسر أجبرت فرق العزل على السماح لها بزيارة مريض في قسم الحجر الصحي في إحدى القرى ما تسبب في تفشٍّ كبير للفيروس بينهم. وبينما يقرّ النجار ببعض التقصير في مواجهة الفيروس حكومياً، فإنّه يؤكد أنّه "يجب أن نعلم أنّنا بلد جريح خرج للتو من حرب، والأمن غير مستقر حتى يتمكن الأطباء من التنقل بحرية وسرعة بين بلدة وأخرى". يشير إلى أنّ المركز الوطني لمكافحة الأمراض يشرف على عمليات تدريب العناصر الطبية من جانب، وعلى المواجهة والعزل والعلاج من جانب آخر. ويضيف أنّ "مستجدات المرض العالمية والنتائج التي تظهر يومياً تحتم علينا إجراء التعديلات على خططنا، فمثلاً تحتم علينا نتائج معاودة إصابة المريض بالمرض حال شفائه منه، متابعة المتعافين وإمكانية أن يكونوا سبباً لانتشار المرض مجدداً"، مؤكداً تضاعف الأعباء بشكل كبير على الجهات الصحية.
من جهته، يعتبر قصي حمادي، وهو مواطن من طرابلس، أنّ هناك مبالغة كبيرة بشأن خطورة المرض، ويقول: "كلّ ما هناك أنّها أنفلونزا متطورة نسبياً، لكنّ حكومات واستخبارات دول كبرى تتلاعب بأرزاقنا ومصير حياتنا لصالح أهدافها". ويعمل حمادي في صيانة المكيفات التي تضطره لزيارة منازل المواطنين في كثير من الأحيان، ويقول: "لا أستخدم الكمامة أو القفازين، كما أنّ أصحاب المنازل يتعاملون معي بشكل طبيعي. أنا صاحب مهنة ولا أتقاضى أجراً حكومياً فإلى متى سأنتظر الإعلان عن خروج البلاد من أزمة الفيروس؟".

طلاب وشباب
التحديثات الحية

تجدر الإشارة إلى أنّ أسواق سبان، والترسانة، والحي الإسلامي، وهي أسواق خضار ولحوم شعبية، يومية وأسبوعية، ما زالت تنظم كما هي ويزورها آلاف المواطنين. ويعلق النجار بالقول إنّ "أغلب الناس لا يلتزمون بالكمامات أو يكترثون بخطورة الفيروس"، محذراً من سرعة تخطي البلاد مراحل الخطر وإمكانية وصولها إلى مرحلة لا يمكن فيها السيطرة على المرض إلّا بتكثيف الجهود الدولية.

المساهمون