لا أحد يريد الزواج في إيران

09 سبتمبر 2014
إيرانيّة تتسوّق في أصفهان (جون مور/Getty)
+ الخط -

في قرار الإقدام على الزواج في المجتمع الإيراني، صراع على مستويَين رئيسين. الأول ارتفاع نسبة الشباب، المترافق مع ارتفاع نسبة البطالة في البلاد. والثاني تناقض الموقف بين شابات يسعين إلى التحرر وشبان لا يختارون إلا الزوجة المحافظة، وغالباً من خلال الزواج المدبر عبر الأهل.

في المدن الإيرانية الكبرى، اعتاد الشباب من الجنسين التعبير عن نظرة سوداوية للزواج. فالشابات يتحدثن عن رغبة في بناء مستقبل، من خلال الحصول على الشهادات العليا والبحث عن عمل مناسب والعيش باستقلالية. أما الشبان فتواجههم صعوبة الإقدام على الخطوة. فمتطلبات عائلة الشابة تبدأ بمهر ضخم يقدّر بعدد كبير من القطع الذهبية، ولا ينتهي بواجبات زوجية قد تتطلب ثروة، بحسب ما يحتج الشبان.

مثل هذا الأمر، يواجه المجتمع الإيراني بواقع صعب يتحدث عن ارتفاع سن الزواج لدى الجنسين. فالأرقام الأخيرة التي أعلن عنها المركز الوطني للإحصاء، ذكرت أنّ سن الزواج لدى الرجال يراوح بين 20 و34 عاماً، في حين أن النساء يتزوجن عادة بين 15 و29 عاماً. وبناءً على عدد الأفراد في هذه السنة، فإن 48 في المئة من الرجال والنساء في كل أنحاء البلاد حالياً، لم يرتبطوا بعد. وهي نسبة مخيفة.

إذاً، نسبة الشباب في الهرم السكاني الإيراني مرتفعة. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أنّهم يشكلون ربع السكان. وانخفاض معدلات الزواج أو الزواج في سن متأخرة يولدان وضعاً ديموغرافيّاً أشد خطورة. فهو يؤثر في انخفاض عدد المواليد، ما يدفع المجتمع بدوره نحو الكهولة.

من تزوّج طلّق

وإلى جانب هذا الواقع القاسي على صعيد العزوبيّة المنتشرة في إيران، تشير الأرقام إلى نسبة طلاق مرتفعة في البلاد. فمن تهيأ له الزواج بعد تجاوزه كلّ تلك المطبات، ترتفع لديه احتمالات الطلاق.

وقد ارتفعت نسبة الطلاق العام الماضي فقط، بنسبة 14 في المئة بحسب المركز الوطني للإحصاء. وعوداً على بدء، فإنّ ارتفاع معدلات الطلاق يمثل بحد ذاته عامل خوف لدى الشباب المقدمين على الزواج، ويلعب دوره كذلك في انخفاض معدلات الزواج أو التأخر فيه.

وفي إحصائية أخرى تتعلق بارتفاع نسبة الطلاق، يذكر مكتب شؤون المرأة في وزارة الداخلية الإيرانية أنّ حالة طلاق واحدة تُسجَّل بين كلّ خمس زيجات في إيران. كذلك، ثمّة حالتَين من خمس تشوبهما المشاكل وحالتَين تصلان إلى الطلاق بعد سنتَين تقريباً.

وعلى الرغم من هذه النسبة المرتفعة للطلاق، فإنّ القضاة في المحكمة الإيرانية العليا يقولون إن أسباب الأزواج الذين طلبوا الانفصال هي مشتركة غالباً. فمعظمهم تحدّث عن عدم القدرة على تأمين متطلبات الحياة، ما يسبّب بالتالي مشاكل مع الزوجة تصل إلى حد الطلاق. كذلك، ثمّة سبب آخر يدفع الزوجات إلى طلب الانفصال، وهو إدمان الزوج على المخدرات.

محاولات للحل

يجد علماء الاجتماع أنّ المجتمع الإيراني لا يملك الوعي الكافي بخصوص الزواج. ويقترحون بالتالي توعيته من خلال التعريف بالزواج ومشاكله، عبر دروس تقدم في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. فالتفاهم بين الجنسَين شبه مفقود في المجتمع الإيراني. ويأتي ذلك في ظل انتشار ثقافة جديدة-قديمة. فالرجال عندما يقرّرون الزواج، يطلبون من أمهاتهم وأخواتهم تدبير عروس لهم. كذلك يطلبون من زوجاتهم الالتزام تماماً بمعايير المجتمع المحافظ. تلك النقطة بالذات تعارضها إيرانيات كثيرات يسعين إلى التحرر، بخاصة وأنهن في تقدم مستمر تعليمياً وثقافياً ومهنياً.

على المستوى الطبقي، يذكر المختصون أنّ نسبة الطلاق تزداد لدى الطبقة الوسطى أكثر من سواها، بينما لا تعاني الطبقة الفقيرة منها في ظل صرامة التقاليد المحافظة فيها، وذلك بخاصة مع مفهوم الطلاق المرفوض أساساً في بنيتها. أما الطبقة الغنيّة، فتواجه مشكلة رفض الزواج في الأصل، ما يؤدي إلى تأخر سن الزواج لدى أفرادها. ويشير المختصون إلى أنّ هذه الفوارق بين الطبقات تزيد المشكلة تعقيداً في المجتمع الإيراني وتتطلب حلولاً جذرية لها.

في هذا الإطار، أطلق كثير من المؤسسات الاجتماعية الإيرانية، تحذيرات. وتجاوز الموضوع مستوى المجتمع الأهلي، باتجاه المؤسسات الرسميّة التي دقت ناقوس الخطر، ليصل الأمر في نهاية المطاف إلى البرلمان الإيراني. وهناك بدأ النواب بدراسة مشاريع قوانين حول إمكانية إنشاء وزارة الزواج والطلاق، لمعالجة المشكلة وتداعياتها الضارة بالمجتمع.