لاجئ سوري يشغل الدنمارك: 24 شخصاً في عائلته

26 مايو 2016
يرفض العمل وتعلّم اللغة ويصر على مطالبه (العربي الجديد)
+ الخط -

"أملك الحق في لمّ شمل زوجاتي جميعهن مع الأطفال، ولا أفهم كيف يرفضون، لقد كنت في الأصل ذاهباً إلى السويد لكنني علقت هنا، ولو كنت في السويد لأحضروهم لي جميعا خلال 3 أشهر". هكذا ظن اللاجئ السوري، دحام الحسن، أن الأمور تجري في قضايا اللجوء، لكن القانون في البلاد الاسكندنافية واضح: لا تعدد للزوجات.

قصة دحام (47 سنة)، أثارت الرأي العام الدنماركي بشكل غير مسبوق، فهو حسب روايته، متزوج من 3 نساء ولديه 20 طفلا، أحضر 8 منهم مع زوجته الأولى، لكنه يصرّ على إحضار زوجتيه و12 ابنا آخرين ليصبح عدد العائلة 24 شخصاً.

ولا يتردّد دحام الذي هرب بسبب سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على مدينته دير الزور، في القول للصحافة الدنماركية عبر مترجمين: "لا أستطيع العمل ولا تعلّم اللغة الدنماركية. لم يعد بمقدوري القيام بشيء، فأنا متعب نفسياً"، ما رفع أصوات السياسيين والمجتمع المدني، للمطالبة بـ"إعادته إلى بلده، فالدنمارك ليست صندوق إعانات".

يعيش دحام برفقة زوجته وأطفاله الثمانية في أقصى غرب الدنمارك بمدرسة مهجورة جهّزت لاستقبال اللاجئين. ويبدي امتعاضه من الوضع الذي يعيشه ومن محاولات السلطات دمجه في سوق العمل، قائلا: "كنت في السابق رجلا قويا وعندي طاقة، اليوم لا أستطيع القيام بأي شيء بسبب مشاكلي النفسية".

ويشكو اللاجئ السوري من قلة المعونة المالية التي يتلقاها شهرياً هو وعائلته التي تقيم في البلد، حيث "لا يتجاوز ما نتلقاه 13 ألف كرون (حوالي ألفي دولار) من البلدية، وهذا مبلغ قليل. لقد استدنت من المعارف هنا لأرسل مساعدة لزوجاتي وأطفالي في سورية من خلال ابن عمي".


في بلدية إسبيا المسؤولة عن لاجئيها، يعترف الموظفون بأنهم متفاجئون من مطالب دحام. "نحن لم نصادف عائلة بهذا الحجم الكبير بين اللاجئين. بالتأكيد الكلفة الاقتصادية كبيرة جدا". وتنقل صحيفة "إكسترا بلاديت" عمّن سمّته "مصدراً سياسياً"، أن "هذه العائلة ستكلف الدنمارك 5 ملايين كرون سنويا".

وأثارت تناقضات رواية اللاجئ دحام، بشأن أعمار أبنائه وعمله (تارة يقول إنه نجار وتارة فلاح)، شكوك كثير من الساسة الذين رفضوا المساس بمبدأ رفض تعدد الزوجات في البلاد.

وتدخل البرلماني الدنماركي من أصل عربي، ناصر خضر، وهو مقرر شؤون الدمج عن حزب المحافظين، قائلاً للقناة الثانية الدنماركية: "أنا أعرف سورية جيداً، ولا أفهم كيف كان لدى هذا الرجل 3 نساء و20 ابناً ويقوم بإعالتهم".

لم يتوقف تشكيك خضر عند هذا الحد، فقد ذهب إلى حد طرح أسئلة عن صحة المعلومات المقدمة "هو يدعي أن لديه عشرين طفلا و17 منهم تحت الخامسة عشرة، والزواج بثلاث نساء في سورية حالة نادرة، يريد إحضار 20 طفلا إلى البلاد بينما يرفض العمل بحجة وضعه النفسي".

وذهب خضر، على موقعه الرسمي، إلى طرح عدد من الأسئلة بشأن صحة رواية اللاجئ، والأسباب التي تدفع المجتمع الدنماركي إلى تحمّل الأعباء الاقتصادية، قائلاً "هو لا يريد أن يحرك أصبعا، فهل سيسمح لزوجاته بالعمل؟ من الذي عليه إعالة هذه الأسرة؟ ألا يفكر هذا الرجل بأن تصرفاته تلك سوف تجعل الشعب أكثر معارضة لاستقبال اللاجئين؟".

من جهتها، علقت مقررة شؤون الدمج في حزب "اللائحة الموحدة" اليساري، يوهنا شميت، على قضية دحام بالقول: "لا يمكنه أن يلمّ شمل أسرته إلا مع زوجة واحدة، وبالتأكيد عليه أن يقبل تعلّم اللغة والخروج إلى سوق العمل، الكل عليهم واجب إعالة أنفسهم، هذا هو القانون وهكذا سيبقى".

رئيسة البرلمان، من حزب الشعب اليميني، بيا كيرسغوورد، قالت للقناة الثانية بالتلفزيون الدنماركي: "خلقت هذه القضية حالة من الأسى بين معظم الأحزاب، فالجميع متفق على أن دولة الرفاهية لم تبن من أجل أن يتلقى الأجانب المعونة دون القيام بأي مجهود".

وأثارت السلبية التي يتعامل بها دحام استياء المهاجرين واللاجئين، وقال محمد الخير، لـ"العربي الجديد": "واحد في الأربعينيات كان يعيل أسرته بحسبه، كيف يقول بكل هذه الصراحة: لن أتعلم لغتكم ولن أعمل في بلدكم وأنتم مجبرون على الإتيان بزوجاتي الثلاث وعشرين طفلا وأنا أجلس منتظراً آخر الشهر لتدفعوا لي؟".

لم يكن لقصة دحام أن تأخذ هذا الحيّز الكبير من النقاش حول اللاجئين، من قبل السياسيين والمجتمع يسارا ويمينا "لو أن هذا الرجل يفهم ما هي تأثيرات سلبيته تلك على تقوية شوكة اليمين المتطرف والإساءة لبحث كثيرين عن حماية"، وفقا لـ"سميرة" التي حضرت منذ عامين، وتحمل شهادة في الحقوق وتعمل الآن عملاً مؤقتاً وتعيل أطفالها بانتظار سماع خبر عن زوجها المعتقل في سورية.

المساهمون