لاجئٌ بطريقة شرعية

25 فبراير 2016
لم يتأثرالمجتمع الدولي بما يجري في سورية (فيسبوك)
+ الخط -
خلال سنوات الثورة الخمس، ومع كثرة القتل والدمار والتهجير والاعتقال لم يتأثر المجتمع الدولي بما يجري في سورية وكأنَّ خمسمائة ألف شهيد عدد غير كاف لإدانة إجرام نظام بشار الأسد!

الكثير من المدنيين صاروا يكرهون الظهور أمام الكاميرات خلال الأشهر الأخيرة والسبب هو يقينهم أن لا جدوى من ذلك فالعالم كله يعلم ما يحدث في سورية ولا يستطيعون إيقاف طائرات الأسد ولا طائرات بوتين وكأنَّ الإنسانية لديهم منتهية الصلاحية.


مؤخراً وصل صديقي حسام إلى أوروبا بطريقة غير شرعية كمعظم السوريين، حسام بالرغم من صغر سنه إلا أنه حصد عدّة جوائز في مجال التصوير الفوتوغرافي، أكثر الصور التي اشتهر بها كانت لشاب يعيش في حي مساكن هنانو بحلب، هذا الشاب ومع كل الموت المحيط به كان يهتم بالقطط ويقدم الطعام لهم بشكلٍ يومي.

العديد من الأشخاص الأجانب إتصلوا بحسام ليعرفوا كيف يمكنهم مساعدة القطط وعشرات الرسائل من مهتمين بحقوق الحيوان من حول العالم كانوا يريدون تقديم المساعدة للقطط!، بينما هناك مئات الصور لأطفال قتلوا ببراميل بشار الأسد وصور لعائلات مشردة لجأت إلى المخيمات خوفاً من الطيران الروسي لم تحرك مشاعرهم!

ميمون هو القط الذي يملك جواز سفر، وهذا ما يميزه عنّي، اتصلت صاحبة هذا القط بصديقي أكرم والذي كان يقيم في دمشق في ذلك الحين وأخبرته عن حزنها على فراق ميمون بعد أن تركته في حلب وهاجرت خارج البلاد.

كان خوفها على ميمون كخوف الأم على ابنها الوحيد، وطلبت من أكرم أن يوصل لها القط إلى مكانٍ آمن بعد عدة محاولات فاشلة قامت بها للتواصل مع جمعيات لحقوق الحيوان!

قرر أكرم الذهاب إلى حلب وبعدما عبر معبر كراج الحجز الواقع بين مناطق الثوار ومناطق الجيش الأسدي، والمعروف بمعبر الموت لاستهداف المارّة من قناصيّ جيش النظام، وصل إلى منزل عائلة صديقته وأخبرهم بأنّه سيقوم باصطحاب ميمون وإرساله إلى أوروبا. تم إجراء فحوصات طبية للقط وتم تخديره لأنه لم يكن متعوداً على الخروج من منزله لفترات طويلة.

عاد أكرم بالقط ووصل إلى حاجز الجيش الحر عند مدخل حي بستان القصر، صرخ أحد العناصر لأكرم بعد أن فوجئ بالقط وقام بجمع أصدقائه لمشاهدة القط البرجوازي، فقد كان لا يشبه القطط المتسولة الكادحة التي تبحث عن طعامها بنفسها في القمامة، انتهوا من اللعب مع القط وودعوا أكرم بابتسامة.

وفي الطريق إلى دمشق تم إيقاف الباص الذي كان فيه أكرم من قِبَل عناصر تابعين لـ"تنظيم الدولة الإسلامية" في العراق والشام "داعش" بعد أن لفت انتباههم القط وقفصه المدلل، فتّشوا هاتف أكرم وطلبوا هويته وطرحوا أسئلة كثيرة عليه من بين كل الركاب ولم تثبت عليه الردة بحسب منهجهم، غادر الحاجز وأكمل طريقه.

وبعد تسع ساعات وصل أخيراً إلى دمشق، وعند أول حاجز للمخابرات الجوية في حرستا أرادوا أخذ القط منه متّبعين المزاح تارة والترهيب تارة أخرى.

قام أكرم بإعطاء أوراق القط الرسمية ومن بينها جواز السفر والفحوصات الطبية، وأخبرهم أن هذا القط ليس عادياً أي "ابن خلق وعالم" كما يُقال بالعامية، فلديه صفحة على فيسبوك وأكثر من خمسة عشر معجبا، ضحكوا بسخرية وسمحوا له بالذهاب.

بقي ميمون في دمشق مدة أسبوعين وبعد ذلك تم إرساله إلى بيروت ثم وصل إلى أوروبا عبر الطيران بطريقة شرعية غير كل السوريين!

(سورية)
المساهمون