لاجئون يروون قصصهم.. كأنهم كتب من لحم ودم

13 فبراير 2016
لاجئون يحملون مآسيهم (فرانس برس/GETTY)
+ الخط -

بصوت هادئ يروي إبراهيم وقائع اعتقاله لدى جماعة بوكو حرام الأفريقية، ورحلته نحو أوروبا، في "مكتبة إنسانية" في قبرص التي تجعل اللاجئين يخبرون سكان الجزيرة قصصهم الشخصية.

وتستبدل المكتبة الناطقة في العاصمة القبرصية نيقوسيا، المستوحاة من نموذج دنماركي، الصفحات الورقية بأشخاص أحياء، أتوا لإطلاع الآخرين على شهاداتهم.

عن هذه المبادرة، تشرح المتطوعة مرغريتا كابسو "هدفنا هو رؤية الأمور من زاوية أخرى، وبدلاً من فتح رواية، يغوص القراء في حياة أحد الأفراد".

"مكتبة إنسانية"، وهي منظمة غير حكومية، دعت ثمانية من نحو ستة آلاف لاجئ و2500 طالب لجوء في هذه الجزيرة المتوسطية الصغيرة، حيث يشكلون موضوعاً مثيراً للخلاف ويجد الناس صعوبة في تقبله.

ويتحدث فلسطينيون وسودانيون وكونغوليون بالتفصيل طوال ثلاث ساعات عن رحلاتهم المزروعة بالعقبات "لقراء" يصغون باهتمام كبير.

اقرأ أيضاً: ليست جنة.. لاجئون يريدون العودة إلى أوطانهم


رغبة في المساعدة

 إبراهيم يونغا (18 عاماً) الذي تعرض للتعذيب وأرغم على الفرار من الكاميرون، بعدما نجا من إسلاميي بوكو حرام مخلفاً عائلته التي انقطعت أخبارها، يقول: "كنت أظن أن الحياة قد انتهت بالنسبة لي". ويروي وقائع الأشهر الأربعة التي أمضاها على متن سفينة لا يعرف أين تذهب، قبل أن يصل "صدفة" إلى قبرص.

وعلى غرار نحو 400 آخرين من طالبي اللجوء، انتهت رحلته في مركز استقبال للاجئين في كوفينو جنوب الجزيرة. 

وبعد الاستماع إلى قصته، تؤكد القبرصية ثيانو ستيلاكي (60 عاماً) التي "تأثرت كثيرا" بشهادته، أنها "ترغب في مساعدته"، وقالت: "نسمع ذلك يومياً على التلفزيون. لكن الأمر يختلف عندما نواجهه مباشرة".

وكثّف المنظمون الإشارات التي تدل على وجود المكتبة. ففيها يضطلع مترجمون بدور "القواميس" مجاناً، كما ألصقت على الواجهة عناوين القصص الثماني.

وتتأكد مارغريتا من أن كل "قارئ" يتقيد بالوقت المخصص له، وهو 30 دقيقة، مستعينة بساعة تحملها، مشيرة إلى أنها "ضرورية لترتيب اللقاءات" لكنها أمر مزعج للجمهور.

وقال جيريمي وهو فرنسي مقيم في قبرص إن "القصص كثيفة جداً وقوية، لذلك أحتاج بعد (كتابين) إلى أن أرتاح قليلاً".

ويفرض ميثاق شرف يوزع على المشاركين أن "يعاملوا الكتب باحترام". وشددت مرغريتا على أن "اللاجئين يتقاسمون تجارب شخصية وحساسة، ويتعين عليهم أن يشعروا بالأمان".

اقرأ أيضاً: "مقبرة أرقام" للاجئين السوريين الغرقى في تركيا


شكل من أشكال التحرر

وفي إحدى زوايا القاعة، يرفع كمال (42 عاماً) قبعته ليعرض أثر رصاصة لامست قمة رأسه، بينما كان يحاول الهرب من السودان. ويقول "لم أشعر بشيء تقريبا".

وتؤكد التلميذة الكسندرا (16 عاماً) "نحتاج بالتأكيد إلى بعض الوقت لهضم ما نسمعه"، موضحة أن هذه المناسبة "فرصة للتعرف فعلاً إلى الحقيقة".

أما كمال المحتجز في الجزيرة منذ 16 عاماً، فيقول: "يفرحنا أن نحدثهم عما عشناه، بدلاً من أن نحتفظ بكل شيء لنا وحدنا. الكلمة شكل من أشكال التحرر".



اقرأ أيضاً: ذلّ على طريق اللجوء إلى لبنان