لاجئون يرسبون في اللغة الهولندية

30 ابريل 2017
في إحدى المدارس (العربي الجديد)
+ الخط -
خلال الأعوام الثلاثة الماضية، زاد عدد طالبي اللجوء في هولندا. وشهد عام 2015 النسبة الأعلى لطالبي اللجوء منذ حرب يوغوسلافيا. وقبل عامين، تقدّم نحو 60 ألف لاجئ بطلب لجوء وحماية. إلّا أنّ هذا العدد انخفض خلال العام الماضي، ليشهد هذا العام النسبة الأقل.

وبحسب أرقام المكتب المركزي للبيانات الهولندي، ومنظمة مساعدة اللاجئين الهولندية، وصل عدد الحائزين على حق اللجوء إلى نحو 150 ألفاً منذ عام 2012، وقد قدم معظمهم من سورية وأريتريا وأفغانستان. خلال السنوات الثلاث الماضية وحدها تقدّم نحو 120 ألفاً بطلبات لجوء، بالإضافة إلى آلاف آخرين سيلتحقون بعائلاتهم، بعد نيل قرار لمّ الشمل. ويتوجب على كل منهم تعلم الهولندية خلال ثلاث سنوات كحد أقصى.

أكثر من ذلك، يفرض على هؤلاء إتقان وتعلم اللغة الهولندية، إذ إن إتقان اللغة لزام على كل شخص حصل على حق اللجوء والحماية، وشهادة رسمية بإتمام اختبار الاندماج بهدف الحصول على حق الإقامة الدائمة أو الجنسية الهولندية. يشار إلى أن برنامج "الاندماج" مموّل من الحكومة الهولندية، ويحصل كل حامل لرخصة الإقامة على قرض من مؤسسة تعليمية حكومية قدره عشرة آلاف يورو، يغطي تكاليف دروس اللغة ومراحل الاختبار اللغوي الخاص بالاندماج، أو مرحلة متقدمة في حال كان الطالب يرغب في مواصلة تعليمه في المعاهد والجامعات الهولندية. ميدان تعليم اللغة الهولندية للسكان الجدد بات مضماراً اقتصادياً مربحاً، تتنافس المؤسسات التعليمية والشركات لنيل حصتها من عدد الطلاب الكبير الذي تدفق فجأة على البلاد، بعدما كانت الأعداد أقل من ذلك بكثير خلال السنوات الماضية. في ذلك الوقت، كان الحاصل على حق اللجوء أو المقيم يتعلم اللغة بمجهود شخصي.

حالياً، تتنافس 200 مدرسة وشركة في هولندا للفوز بعشرات آلاف الطلاب الذين يملكون قروضاً حكومية، والهدف هو تحقيق الربح. ويشكو طلاب كثيرون بسبب اختيارهم غير الموفق للمدارس، وقد خسروا قسماً من القرض الحكومي. ويتحدّث هؤلاء عن غياب رقابة حقيقيّة على العملية التعليمية أو التطور الذي يحرزه كل طالب بصورة مستقلة.


خلال العامين الماضيين، انخفضت نسبة الناجحين في امتحان "الاندماج"، وقد أعلنت السلطات عن خيبة أملها بسبب النتائج المتواضعة، إن كان لنسبة المتقدمين أو الناجحين في الاختبار. كذلك، أعلنت عن تغريمها نحو 500 لاجئ لم يتجاوزوا الاختبار خلال الفترة القانونية بمبلغ 1250 يورو، قبل أن توضح أن بعض من شملتهم تلك الغرامة ستراجع ملفاتهم، إذ إن تأخرهم لم يكن خطأً. وهذا بحد ذاته مأزق قانوني وعبء اقتصادي على كثيرين منهم، إذ إن هذه المخالفة قد تؤثر على طلب الإقامة الدائمة أو الجنسية وجواز السفر.

إلى ذلك، فإنّ لوم اللاجئين أنفسهم وتغريمهم بمبالغ إضافية لن يقدم حلولاً لتجاوز عثرات تعلم اللغة وإتقانها، بالإضافة إلى سعي هذه المدارس إلى الربح بشكل أساسي، ولا يتوقع أن يكون البرنامج الدراسي عبر الإنترنت فعالاً. لذلك، تلجأ بعض البلديات والمدن إلى إشراك اللاجئين في دورات ونشاطات لغوية في مراكز متنوعة، كالمقهى اللغوي الأسبوعي أو إجراء محادثات مع متطوع هولندي.

المستوى التعليمي المتدني يدفع الطلاب إلى تغيير المدرسة والبحث عن أخرى. وقد استفاد عميد سابق في كلية الآداب في جامعة دمشق، أحمد الحسين، من أوجه القصور، ليبدأ حياة جديدة في هولندا التي وصلها لاجئاً قبل أعوام قليلة، من خلال تأسيس أول مدرسة سورية لتعليم اللغة الهولندية منذ نحو عام، برفقة شركاء آخرين. لهذه المدرسة فروع عدة في مدن هولندية مختلفة، وتضم ما يزيد عن 30 مدرساً ومدرسة.

يقول لـ "العربي الجديد" إنّ التنافس بين المدارس في هولندا كبير، وقد انعكس على جودة التعليم، نظراً لكثرة عدد الراغبين في تعلّم اللغة. من هنا، جاءت أهمية تأهيل المدرسين على الرغم من كلفة تلك العملية، وأهمية اختيار منهاج مناسب ليأخذ بعين الاعتبار الشريحة الواسعة من مدرسي اللغة الهولندية من اللاجئين، تحديداً الناطقين بالعربية. وبالنسبة لمؤسّس المدرسة، فإن خطة التعليم الناجحة تتطلب مكاناً ملائماً ومنهاجاً وإدارة مسؤولة. ويلفت إلى أهمية الحصص خارج الصف الدراسي بغية المحادثة، موضحاً أن الطلاب يخرجون برفقة مدرسيهم في حصص تدريبية لا تهدف إلى تعلم اللغة فقط، بل أيضاً إلى كسر حاجز الخوف والحديث بلغة الشارع.