لاءات معركة تحرير الموصل: الأهالي يرفضون مشاركة المليشيات وسليماني

07 اغسطس 2016
ينتظر النازحون من الموصل تحرير مدينتهم (صافين حميد/فرانس برس)
+ الخط -
يثير خبر وجود قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، داخل العراق ووصوله إلى حدود محافظة الموصل (450 كيلومتراً شمالي العراق) مخاوف لدى أهالي المدينة من قيادته المعركة المرتقبة لتحرير آخر أهم معاقل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وفيما يرى مراقبون أن سليماني بات عنصراً أساسياً في المعارك الكبرى التي تخوضها القوات العراقية ضد تنظيم "داعش"، يرفض سكان الموصل وجود سليماني ومليشيات الحشد الشعبي في معركة تحرير مدينتهم.

مشاركة الحشد وسليماني

وأكدت وسائل إعلام عراقية وصول سليماني إلى مشارف مدينة الموصل، وزيارته لمناطق حُررت أخيراً، ضمن زيارة للعراق التقى خلالها بكبار قادة المليشيات. ووفقاً لمصدر مقرب من القيادات السياسية في التحالف الوطني (تكتل سياسي يضم الأحزاب الشيعية الحاكمة في العراق) أصبح في حكم المؤكد مشاركة مليشيات الحشد الشعبي في مواجهات الموصل وقيادة سليماني لتلك المعركة.
ويقول المصدر نفسه، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "اتفاقات مبطنة جرت مع سياسيين من كتل أخرى لوقف الحملة ضد مشاركة الحشد الشعبي في معركة الموصل"، على حد وصفه.
ووفقاً للمصدر، فإن موافقة المكون العربي السنّي كافية لدخول الحشد الشعبي المعركة، "وهو ما تم أخيراً"، مؤكداً أن "جميع الاتفاقات بين الكتل السياسية في العراق تعقد بناءً على مصالح شخصية وحزبية". ويحذر المصدر من أن هذا الأمر "لا يعني أن المليشيات التي تقاتل ضمن هيئة الحشد الشعبي لن ترتكب انتهاكات بحق أهالي الموصل". كما يتوقع تكرار الانتهاكات على غرار ما حصل في معركة تحرير الفلوجة، لافتاً إلى أن "قادة سياسيين مرتبطين بمليشيات شاركت في معارك سابقة، أكدوا أن قتل سكان الموصل سيكون طريق الخلاص من داعش"، على حد قوله.


وكانت القوات العراقية، بمشاركة مليشيات "الحشد الشعبي" بقيادة سليماني، تمكنت في 26 يونيو/ حزيران الماضي من استعادة السيطرة على الفلوجة التي تقع على مسافة 62 كيلومتراً غرب العاصمة بغداد، وكانت تعتبر من أهم مناطق سيطرة "داعش".

وخلال المعركة، وبحسب ما وثقته وسائل إعلام، وما بُثَّ من مقاطع مصورة، اعتقلت مليشيات الحشد الشعبي آلاف الرجال وارتكبت بحقهم انتهاكات عدة.

وتشكلت مليشيات الحشد الشعبي في 14 يونيو/حزيران 2014 من المتطوعين، بناءً على فتوى المرجع الديني علي السيستاني لمقاتلة تنظيم "داعش"، وانضمت إليها جميع المليشيات، المتهمة بارتكاب أعمال عنف طائفي قبل وبعد الانضمام إلى التكتل العسكري. وبسبب هذه الانتهاكات يرفض أبناء المكون العربي السني وجود الحشد في معارك تحرير مدنهم، ولأجل ذلك أيضاً ترفض القوات الأميركية مشاركة الحشد الشعبي في تلك المعارك.

إلا أنه وفقاً للمصدر نفسه، والذي تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن وجود المليشيات في معركة الموصل "يعني بالتأكيد وجود قاسم سليماني"، مشيراً إلى أن الأخير "فرض وجوده في العراق من خلال التحالف الوطني الذي يرتبط قادته بعلاقات متينة مع إيران ويرى فيها الحليف والسند القوي". وكان وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، أكد في تصريح صحافي، في حزيران/ يونيو الماضي، أن قاسم سليماني يعمل في العراق بوظيفة مستشار عسكري للحكومة، و"يعمل في الأراضي العراقية بعلم الحكومة العراقية ودرايتها التامة"، وذلك بعد الظهور العلني لسليماني في معركة تحرير الفلوجة.

هواجس الأهالي

من جهتهم، يجدد أهالي الموصل رفضهم وجود المليشيات وسليماني، ضمن القوات المشاركة في تحرير مدينتهم. يقول الشيخ القبلي حسن العكيلي، وهو أحد شيوخ الموصل، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك الكثير من الأخبار الجيدة التي لا ينقلها الإعلام، تتعلق بانتصارات تتحقق داخل الموصل على يد شباب المقاومة". ويؤكد العكيلي أنه "يومياً يقتل أفراد المقاومة عناصر من داعش، الذي أصبح يعاني بشدة من هذه الضربات التي باتت تفقده قوته وسيطرته على المدينة". كما يلفت إلى أن "مشاركة المليشيات مرفوضة من قبل سكان الموصل في الداخل، كذلك نرفضها نحن الذين نزحنا من مدينتنا ونشارك في تحريرها، فالمليشيات معروفة بجرائمها، ولن نسكت على أي اعتداء بحق أي مواطن إن فرض علينا وجود المليشيات في معركة تحرير مدينتنا".

ويضيف العكيلي "ما لا نريده أن يدخل قاسم سليماني مدينتنا. ندعوه أن يخطط مع من يريدونه بعيداً عنا، كذلك نحن لا نحتاج إلى خططه، فالموصل معروفة بأن كبار القادة العسكريين هم من أبنائها، كذلك فإن أبناءها قادرون على تحريرها وليسوا بحاجة سوى لغطاء جوي".

بدوره، رفض ائتلاف "اتحاد القوى"، يوم الخميس الماضي، تولي قاسم سليماني إدارة الحملة العسكرية المرتقبة لاستعادة الموصل من قبضة تنظيم "داعش". وقالت القيادية في اتحاد القوى، ساجدة محمد، لوكالة "الأناضول" إن "مشاركة الحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل ممكنة، ولا اعتراض عليها إن كانت فصائل الحشد تأتمر بأمر القائد العام للقوات المسلحة". في المقابل، شددت على "أن "وجود أشخاص غير عراقيين يقودون معركة الموصل أمر مرفوض" في إشارة إلى سليماني.
ويأتي هذا الرفض بعدما أعلن المتحدث باسم فصائل الحشد الشعبي، أحمد الأسدي، أن سليماني سيقود الحملة المرتقبة في الموصل. وكان الأسدي قد عبّر في مقابلة صحافية، عن أمله بوجود سليماني في معركة تحرير الموصل، لأنه "لا يكون في منطقة إلا حُررت بسرعة، ويوقع في صفوف داعش خسائر فادحة؛ لكونه عقلية عسكرية" على حد وصفه. وأشار الأسدي إلى أن سليماني مستشار عسكري "للجيش والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب".

وتعتبر معركة مدينة الموصل فاصلة، إذ تعد الموصل أهم مدينة لدى تنظيم "داعش" لكونها مركز وجوده في العراق. وكان الأمين العام لمنظمة بدر، القيادي البارز في الحشد الشعبي، هادي العامري، قد أكد في تصريح صحافي، بوقت سابق، مشاركة مليشيات "الحشد الشعبي" في معركة الموصل.

وجاء تصريح العامري بعد يومين من دعوة منظمة "هيومن رايتس ووتش"، المعنية بحقوق الإنسان، قادة العراق والمسؤولين الأميركيين إلى منع إشراك فصائل "لديها سجلات انتهاكات خطيرة" في الحملة العسكرية لاستعادة الموصل. وأكدت المنظمة أن فصائل الحشد متهمة بارتكاب عمليات إعدام ميدانية، واحتجاز وتعذيب مئات المدنيين خلال الحملة العسكرية الأخيرة في الفلوجة غربي البلاد.