من المتوقع أن تفتح أسواق المال الأميركية الإثنين، وسط قلق كبير بين المستثمرين من تداعيات الدمار الذي سيخلفه إعصار إيرما الذي ضرب مساء السبت وصباح الأحد ولاية فلوريدا بقوة 120 ميلاً وتم تصنيفه كإعصار من الفئة الرابعة شديدة الدمار.
ودمر الإعصار القوي العديد من المباني والمنشآت بجزر الكاريبي وكوبا، قبل أن يصل إلى أرخبيل فلوريدا مخلفاً وراءه 22 قتيلاً، حسب ما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" اليوم.
وحسب تقديرات قناة "سي إن بي سي" التلفزيونية الأميركية، فإن الإعصار من المرجح أن يجتاح جنوب غربي ولاية فلوريدا وأجزاء من ولاية جورجيا المتاخمة لها.
ولكن على الرغم من المبالغات في تقدير خسائر الدمار، إلا أن خبراء قالوا، للقناة الأميركية، إن خسائر الدمار ستراوح بين 20 إلى 65 مليار دولار.
وهذه الخسائر التي نسبتها القناة الأميركية إلى شركة "إير ويرلد وايد"، تشمل الخسائر في ولاية فلوريدا وكذلك الخسائر في بعض جزر الكاريبي.
وبالنسبة للخسائر الأميركية، فإن تقديرات "إير ويرلد وايد" تتراوح بين 15 إلى 50 مليار دولار. ولكن بالنسبة لخسائر شركات التأمين، فإن خبراء قدروها بمبالغ تتراوح بين مليارين إلى 4 مليارات دولار.
وبالتالي فإن سوق "وول ستريت"، ستتركز مخاوفها على تداعيات الفاتورة الضخمة التي ستدفعها الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات، لتغطية الدمار وانعكاسات ذلك على معدل النمو الاقتصادي، وقرارات رفع الفائدة الأميركية ومعدلات التضخم والوظائف.
وحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، يقدر مكتب الميزانية الأميركية التابع للكونغرس أن خسائر الحكومة الأميركية من الأعاصير تقدر، في المتوسط، سنوياً بحوالى 28 مليار دولار، ولكن هذه الخسائر سترتفع من الآن فصاعداً بنسبة 40%.
وفي هذا الصدد قال خبراء لقناة"سي إن بي سي"، الأحد، إن معظم خسائرالدمار، ستقع على عاتق الحكومة الأميركية واصحاب المنازل والممتلكات التي ستعرض للدمار، وأن الخسائر التي ستقع على عاتق شركات التأمين ستتراوح بين مليارين إلى 4 مليارات دولار فقط .
وهذا يعني أن سوق "وول ستريت" لن تكون منزعجة كثيراً من خسائر الإعصارعلى صعيد خسائر شركات التأمين، بقدر ما ستكون منزعجة من تداعيات خسائر الإعصار على النمو الاقتصادي والسياسة النقدية الأميركية، مثل توجهات الدولار وسعر الفائدة والتضخم.
ومن المتوقع أن يكون انزعاج المستثمرين حينما تفتح البورصة الأميركية، الإثنين، أقل من انزعاجها من كارثة إعصار هارفي الذي ضرب ولاية تكساس. وذلك، ببساطة، لأن ولاية فلوريدا ليست من ولايات الإنتاج النفطي. ولكن على الرغم من ذلك تبقى المخاوف من دمار الإعصار للطاقة التكريرية للمصافي بالولاية. وهو دمار من المتوقع أن يؤثر على أسهم شركات الطاقة وعلى أسعار النفط العالمية، لأنه سيخفض من طلب المصافي الأميركية على الخامات. وبالتالي سيخفض أسعار النفط.
وبسبب هذه التوقعات هبطت أسعار الخام الأميركي أكثر من 3.0% يوم الجمعة، حيث انخفض خام غرب تكساس الأميركي الخفيف في بورصة نيويورك بحوالى 1.61 دولار، أو ما يعادل 3.3%، في التسوية إلى 47.48 دولاراً للبرميل.
وتراجع خام القياس العالمي مزيج برنت 71 سنتاً، أو ما يعادل 1.3%، إلى 53.78 دولاراً للبرميل.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، إن إنتاج الخام بالولايات المتحدة انخفض نحو 8.0%، بسبب هارفي من 9.5 ملايين برميل يومياً إلى 8.8 ملايين برميل يومياً (رويترز).وبالتالي من المتوقع أن تتأرجح أسعار النفط في افتتاحها يوم الإثنين وفقاً لما يحدثه إعصار" إيرما" من دمار للطاقة التكريرية في ولاية فلوريدا، إذ كلما ارتفع حجم الدمار في المصافي انخفضت أسعار الخامات في العالم.
وعلى صعيد أسهم شركات التأمين، لا يتوقع خبراء أن تتأثر بدرجة مزعجة من دمار الإعصار. وحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن المؤمن الحقيقي للفيضانات التي تضرب أميركا، اصبح منذ عقود هو الحكومة الفدرالية وليس شركات التأمين التي نفضت يدها من التأمين على الفيضانات.
ويذكر أن الحكومة الأميركية أسست، منذ العام 1968، "برنامج التأمين القومي ضد الفيضانات"، لملء الفراغ الذي تركته شركات التأمين الخاصة في السوق .
وحسب تعليقات خبراء للصحيفة المالية الأميركية، فإن صناعة التأمين الأميركية كانت ستفلس منذ عقود، إذا كانت هي ستدفع كلف اصلاح وبناء المساكن التي تدمرها الفيضانات عاماً بعد عام، لأن ذلك سيعني أنها ستدفع في المتوسط 250 ألف دولار لتغطية دمار المنزل الواحد ومائة ألف دولار لتغطية دمار المحتويات من أثاث وغيره.
وحسب النظام الأميركي الجديد، فإن أصحاب المنازل يقومون بشراء وثائق تأمين فدرالية، من شركات التأمين الخاصة . وهذه الوثائق على الرغم من أنها تباع من قبل شركات التأمين الخاصة ،إلا أنها تابعة للحكومة الأميركية وهي التي تقوم بتغطية الدمار الذي يحدث لممتلكات حاملها. ولكن ينص القانون الأميركي على أن حامل الوثيقة لن يحصل على التغطية الحكومية للدمار، ما لم يكن قد اشترى الوثيقة قبل 30 يوماً من وقوع الدمار.
وبالنسبة لفلوريدا، فإن تقرير الصحيفة الأميركية يقدر حملة هذه الوثائق بحوالى 1.7 مليون شخص، حتى نهاية يونيو/حزيران الماضي. وتمثل هذه النسبة حوالى 19% فقط من عدد المساكن في الولاية.
وحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن سلطات ولاية فلوريدا أمرت 6.3 ملايين شخص بمغادرة منازلهم، وهو ما يعادل ثلث سكان الولاية. كما أن عمليات الإخلاء تسببت في عمليات اختناق في الطرقات ومحطات الوقود ونقص كبير في المؤن الغذائية والبنزين والجازولين. كما أنشأت الولاية حوالى 385 ملجأ آمناً للسكان.
وبالتالي، فإن خسائر الإعصار المبدئية تبدو مكلفة ومرتفعة جداً بالنسبة لولاية فلوريدا، التي تعد من أهم الولايات الاقتصادية في أميركا من حيث جذبها للاستثمارات.
وحتى الآن من الصعب وضع رقم حقيقي للخسائرالمتوقعة من الإعصارالذي وصفه حاكم فلوريدا، بأنه "عاصفة كارثية لم تشهدها ولايتنا من قبل"، في الخطاب الذي حث فيه السكان على الاستجابة لأوامر إخلاء المنازل، في الوقت الذي تم فيه توسيع نطاق التحذيرات الخاصة بالإعصار على السواحل الشرقية والغربية لفلوريدا.
ويشير معهد التأمين الأميركي إلى أن وثيقة التأمين على المنازل التي تصدرها شركات التأمين الخاصة، لم تعد ضماناً لأصحاب الممتلكات التي دمرت بالحصول على تعويضات لإصلاح الدمار الذي سيسببه الإعصار، حيث إن شركات التأمين غيرت قوانينها خلال العقود الماضية.
وبناء على وثائق التأمين الجديدة التي تصفها "وول ستريت جورنال" بأنها معقدة وغير مفهومة بالنسبة لمعظم المواطنين في أميركا، فإن شركات التأمين تغطي فقط الأضرار الهامشية من دمار الإعصار والفيضانات، مثل سقوف المنازل والأبواب والشبابيك ولكنها لا تغطي الوثائق الجديدة، الخسائر المترتبة من الفيضانات.
ويذكر أن الإعصار "إيرما" أدى إلى دمار عبر دول الكاريبي بلغ حجمه حوالى 10 مليارات دولار، وهو بذلك يعد الإعصار الأكثر كلفة الذي يضرب دول وجزر المنطقة، حسبما قدر خبراء مخاطر الكوارث يوم الجمعة.