الانتخابات الرئاسية الإيرانية: كيف يرفع الإعلام من رصيد المحافظين؟

18 مايو 2017
(Getty)
+ الخط -
اشتدت الحرب الدائرة بين المرشحين الستة مع اقتراب يوم الاقتراع في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، والتي ستقام الجمعة 19 مايو/أيار. وبات التراشق الكلامي وتبادل الاتهامات بين هؤلاء محوراً رئيساً في كل وسائل الإعلام الإيرانية، سواء تلك المحسوبة على الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي، أو التقليدية من صحف ومجلات ومواقع إلكترونية.

النشاط الأكبر يبدو واضحاً على صفحات وقنوات مواقع وتطبيقات التواصل، مع ذلك تحاول المواقع الإلكترونية، لا سيما تلك التابعة للوكالات الإيرانية الرسمية وشبه الرسمية، أن تكون جزءاً من الحملات الدعائية للمرشحين المنقسمين في جبهتين، إحداها محافظة، والثانية معتدلة إصلاحية.


السبب في ذلك يعود إلى أن غالبية هذه الوكالات ليست مستقلة، وتعود لجناح أو لتيار سياسي معين. والملاحظ أن صوت المحافظين أعلى حدة في معظمها، فتشارك العديد من المواقع والوكالات في الترويج لشعارات مرشحيهم، وحتى لاتهاماتهم الموجهة ضد الجبهة الثانية.
تجري هذه المواقع استطلاعات رأي دورية، وشبه يومية، تغلب فيها الكفة لأحد مرشحي المحافظين الذين يمثلون الجبهة الشعبية لقوى الثورة الإسلامية، وهما إبراهيم رئيسي ومحمد باقر قاليباف. ويبرر البعض الأمر بأن معظم متابعي هؤلاء، سواء على صفحاتهم الإلكترونية أو في صحفهم، وحتى في منابر الإعلام الجديد، محسوبون على الشريحة المؤيدة للتوجهات المحافظة، وهو ما يجعل الأمور تميل لصالحهم دائما، وقد لا يرتبط الأمر بمحاولات تزوير أو ممارسة حرب نفسية على الطرف الآخر، بقدر ما إن هذه المنابر مصنفة ومحسوبة على جهة دون أخرى، وينطبق هذا على متابعيها كذلك.

الرئيس المعتدل الحالي حسن روحاني وحليفه الإصلاحي إسحاق جهانغيري، والذي من المفترض أن ينسحب لصالح الأول، يقفان في الجبهة المقابلة. انتقد هذان صراحة ما وصفاه بتكميم الأفواه، مروجين خلال الحملة الدعائية لضرورة رفع مستوى حرية التعبير والرأي والإعلام، ويلقى خطابهما هذا رواجا بين فئات الشباب وساكني المدن الكبرى.

في المقابل، اختلفت شعارات روحاني خلال هذا الاستحقاق عن المرة السابقة، فقبل أربع سنوات ركز على فك قيد الصحافيين والنشطاء، وحتى على إلغاء الإقامة الجبرية عن رموز الحركة الخضراء الإصلاحية، مير حسين موسوي ومهدي كروبي، ويقول بعض مؤيديه إنه لم يحرك ساكنا، وحتى إنه تجاهل هذين الشعارين هذه المرة.

ترى وسائل الإعلام المحسوبة على المحافظين نقاط ضعف أخرى، فلا تتهم روحاني بعدم تحقق شعاراته على هذين الصعيدين، لكنها أكدت إغلاق حكومة الاعتدال الحالية لعدد من الصحف والمواقع، وحظر بعضها أحيانا، وإرسال إنذارات لأكثر من مائة مرة لعدة جهات، ويعود السبب لكونها تتحدث بلسان المنتقد للحكومة، وهو ما يدل على إخفاق الرئيس، حسب رأيها.

تهمة تكميم الأفواه معادلة باتجاهين، فكما يستخدمها روحاني وأنصاره، يوجهها المحافظون للطرف الحكومي المعتدل. وعلى سبيل المثال، نشرت وكالة فارس، صباح الأحد، صورا لمدير مكتبها في قزوين، وقد تعرض للضرب والتهديد من قبل مؤيدين لروحاني، خلال مراسم انتخابية لهؤلاء كان يغطيها.

من ناحية ثانية، تعتمد وسائل الإعلام هذه على مبادئ خطاب التيار المحافظ، الذي يركز بطبيعته على الفئة المحرومة والفقراء، وهو ما يبدو واضحا في شعارات رئيسي أولا وقاليباف من بعده. ولا شك في أن هذا الأمر يلقى صدى كبيرا في الأرياف الممتدة في إيران، وفي أغلب القرى.

كما تساعد هذين المرشحين وخاصة قاليباف، في تسريع وتوثيق الاتهامات الموجهة للمنافسين، فخلال المناظرة التلفزيونية الأخيرة والتي جرت يوم الجمعة، لم ينته قاليباف من تصريحاته التي قال خلالها إن لدى جهانغيري وروحاني أملاكا وعقارات اشترياها في أماكن راقية من طهران بأسعار بخسة للغاية، حتى نشرت كل المواقع المحافظة والمتعددة للغاية الوثائق، لتصبح متوفرة في كل مكان حتى قبل أن يرد المتهم عليها.

يجيد المحافظون الحرب الإعلامية ويتقنون فنونها، ويساعدهم في ذلك تعدد المنابر والجهات الناطقة باسمهم، بل وتماشيهم مع تطور الوسائل الذكية وصفحات الإعلام الجديد، وهو ما يجعل المهمة صعبة على روحاني.

في المقابل، يحاول الشيخ المعتدل مجاراة الوضع، ولا يمكن القول إن وسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونية المحسوبة عليه أو الداعمة له قادرة على التأثير بشدة في أوساط المنتقدين له، لكن الشباب الداعم لروحاني يستخدم منابر مواقع التواصل، وباتوا يطلقون حملات تأييد قد تساعده في مهمته خلال هذا السباق.