كيف يخدم الدولار اقتصاد أميركا ورفاهية مواطنيها؟

20 اغسطس 2019
الدولار يراكم الثروة في أميركا (Getty)
+ الخط -
العالم أدمن الدولار فهي العملة التي يحملها أغلب سكان العالم في رحلاتهم وتحفظها البنوك المركزية في أرصدتها وتصدر بها الشركات والدول سندات الدين. ورغم الهجمات المتواصلة على الورقة الخضراء من قبل الصين وروسيا وعدة دول عالمية، لا تزال المهيمنة على النظام النقدي العالمي.

ويقدر مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي)، حجم الكتلة النقدية المتداولة بحوالى 1.7 تريليون دولار حتى مارس/آذار الماضي. ومن بين هذه الكتلة 850 ملياراً متداولة خارج الولايات المتحدة. 

ولكن كيف يخدم الدولار الاقتصاد ورفاهية المواطن الأميركي؟ سؤال طرحه الاقتصادي الأميركي بمصرف "جي بي مورغان"، جيم غلاسمان في دراسة على موقع البنك. يقول غلاسمان، إن هيمنة الدولار على النظام النقدي العالمي تخدم رفاهية المواطن الأميركي والانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة على عدة صعد. وهو بالتالي من أهم المكونات التي جعلت من أميركا دولة عظمى. ولكن غلاسمان لم يتطرق إلى القوة العسكرية التي تحرس هيمنة الدولار. 

ويقدر غلاسمان حجم الاستثمارات الأجنبية الموظفة حالياً في الاقتصاد الأميركي بسبب قوة الدولار ووظائفه كـ"عملة احتياط" لدى المصارف وعملة تسوية للصفقات التجارية وعملة مهيمنة على سوق الصرف العالمي، بحوالى 28 تريليون دولار.

كما يتحدث عن استثمارات أجنبية بين 1.6 وتريليوني دولار تضخ سنوياً في أدوات المال والشركات الأميركية. وهذه الاستثمارات الضخمة تنعش الاقتصاد الأميركي وتوفر له تمويلات رخيصة مقارنة بدول العالم. 

على صعيد نمو الاقتصاد الأميركي، يقول غلاسمان إن أميركا تستطيع أن تتوسع في عجز الموازنة وترفع سقف الدين العام كما تشاء بسبب موقع الدولار. ويقدر الدين العام الأميركي بحوالى 22 تريليون دولار.

ورغم هذا الحجم الهائل من الدين، فإن دول العالم لا تزال تنظر إلى سندات الخزانة الأميركية، على أنها الأداة الأكثر أماناً في ظروف الاضطراب المالي، من بين جميع السندات الدولية، خاصة السندات لأجل عشر سنوات.

وهذه السندات هي التي صنعت قوة النظام المصرفي الأميركي، إلى جانب سوق المال المحلية. كما أن هذه السندات التي تعتمد عليها الحكومة الأميركية في تمويل الإنفاق العام هي الوحيدة التي لا تحتاج إلى تمويل، كما أنه يمكن تسييلها بسهولة، أي تحويلها من سند مالي إلى أوراق نقدية.

وعلى صعيد الفائدة المصرفية، فإن الدولار بهيمنته العالمية مكن الولايات المتحدة من تحديد سعر الاقتراض في العالم. ويقول غلاسمان، في هذا الصدد، إن حوالى 65% من الاقتصادات العالمية ترتبط عملاتها بشكل مباشر أو غير مباشر عبر هامش تأرجح منضبط بالدولار. 

وهذا العامل يفيد المصارف التجارية الأميركية الكبرى بالاقتراض بسعر فائدة أقل وإقراض الدول والبنوك الأجنبية بسعر فائدة أعلى. وهذا العامل ساهم في تراكم الثروة العالمية لدى المؤسسات المالية، كما أن هذه المصارف هي التي توظف فيها الدول فوائضها المالية، خاصة فوائض البترودولار في أوقات ارتفاع أسعار النفط.

كما أن قوة الدولار من أهم أسباب رخاء المواطن الأميركي قياسا بباقي سكان العالم، حيث إنه يستطيع الاقتراض بنسبة فائدة أقل مقارنة مع نظيره الأوروبي أو الآسيوي، كما أن قوة الطلب على الدولار عالمياً تجعل الدول والشركات العالمية حريصة على تسويق منتجاتها في السوق الأميركية طمعا في الحصول على الدولار. وهذا العامل يتيح للأميركيين فرصة الحصول على بضائع بسعر أرخص. ويقدر حجم الاستهلاك في أميركا بحوالى 11  تريليون دولار. 

وعلى صعيد أسواق المال، يرى غلاسمان أن التدفقات الضخمة من أموال العالم على أميركا تنعش سوق "وول ستريت"، وتقود تلقائياً إلى زيادة ثروة المواطن الأميركي بتنامي ثروته في الأسهم وفرص أكبر في أجور أعلى في القطاعات المالية. ويعد حجم سوق وول ستريت الأكبر في العالم، وتقدر نسبة المواطنين الأميركيين الذين يملكون أسهماً أو سندات بحوالى 50%. 
المساهمون