كانت وفاة لاعبة كمال أجسام تدعى ميجان هيفورد في أستراليا، بعد استهلاكها كمية كبيرة للغاية من البروتين، سواء على شكل سائل مخفوق أو مكملات أو أغذية غنية بالبروتين. عُثر عليها في شقّتها وهي فاقدة للوعي ونُقلت إلى المستشفى. توفيت ميجان بعد يومين من تصريح الأطباء أنها قد أصيبت بموت دماغي.
بعد وفاتها، اكتشف الأطباء أنها كانت تعاني من حالة نادرة تدعى "اضطراب دورة اليوريا"، هذه الحالة تؤثّر على الكيفية التي يكسر بها الجسم البروتين. ومن ثم، ما هو اضطراب دورة اليوريا؟ وكيف تؤدّي كميّة كبيرة من البروتين إلى الموت؟
عندما يتناول شخص ما البروتين، يُكسّر الجسم المغذّيات كبيرة المقدار ويحلّلها إلى لبنات بنائها الأساسية المُسماة "الأحماض الأمينية". بعدما يستهلك الجسم ما يحتاج إليه من الأحماض الأمينية، يحوّل الفائض منها إلى نيتروجين، وليتخلص الجسم من النيتروجين، تحول الإنزيمات المواد الكيميائية إلى مركب يسمّى "يوريا"، خلال عملية يطلق عليها اسم "دورة اليوريا". ثم تخرج هذه المادة من الجسم مع البول.
لكن إذا كان الشخص يعاني من اضطراب دورة اليوريا، لا يمكن للجسم تحويل النيتروجين إلى يوريا، مما يسبّب تراكم النيتروجين في جسم الإنسان على شكل أمونيا، وهو عبارة عن مادة عالية السُميّة، ويؤدّي الارتفاع الشديد لنسبة الأمونيا في الدم إلى حدوث الإصابة بتلف دماغ لا عَكوس أو غيبوبة أو وفاة.
تنشأ اضطرابات دورة اليوريا من قصور في إنزيم من الإنزيمات الستة المسؤولة عن تحويل النيتروجين إلى "يوريا" في جسم الإنسان. وهذه الاضطرابات وراثية، ما يعني أنها تُمرّر من الآباء إلى الأبناء. حيث تتوقف أعراض اضطرابات دورة اليوريا على مدى خطورة الحالة. على سبيل المثال، شخص يعاني من اضطراب دورة اليوريا الحاد، يعني أن نشاط إنزيم من الإنزيمات الضرورية لديه إما ضعيف وإما منعدم. بالنسبة للأشخاص المصابين باضطرابات أقل حدة، قد يكون مستوى نشاط الإنزيم لديهم أقل من نشاط الإنزيم لدى البشر الأصحّاء.
على سبيل المثال، إذا كان لدينا مولود حديث الولادة مُصاب باضطراب دورة اليوريا الحاد، ستظهر الأعراض خلال 24 ساعة تقريبًا بعد ولادته. قد يحدث له نوبات أو مشكلات في التنفّس، وربما الدخول في غيبوبة. وتُعد الإصابة باضطرابات دورة اليوريا أمرًا نادر الحدوث؛ فمن كل 30.000 مولود حديثًا يوجد مولود واحد مُصاب.
يمكن أن تظهر أعراض لاضطراب دورة اليوريا تترواح ما بين الخفيفة إلى المتوسّطة في مرحلة الطفولة، ويمكن أن تتضمّن في البداية رفضا لتناول الأطعمة كثيرة البروتين وقصور في النمو وبكاء شديد. بينما تتقدم حالة المرض، يمكن أن يحدث للأطفال حالات تقيؤ وخمول وهذيان. وما لم يُعالجوا، يمكن أن تؤدّي الحالة إلى غيبوبة أو وفاة.
قد يصل الأشخاص المصابون باضطرابات خفيفة في دورة اليوريا حتى مرحلة البلوغ قبل أن يتمّ تشخيصهم. يمكن للحمية الغذائية عالية البروتين والإفراط في ممارسة التمارين إحداث ظهور الأعراض، مثلما تُحدث عملية الولادة وفيروسات معينة. كما يمكن للضغط النفسي إحداث ظهور الأعراض في بعض الأطفال والبالغين.
على الرغم من أن اضطرابات دورة اليوريا لا شفاء منها، فإن الحالة يمكن معالجتها باتباع حمية غذائية قليلة البروتين وأدوية معينة تساعد في تخليص الجسم من الأمونيا. في بعض الأحيان، قد يحتاج مريض ما إلى تناول مكملات الأحماض الأمينية للتأكد أن الجسم يحصل على ما يحتاجه لإنجاز وظائفه. وفي حالات الاضطرابات الحادة، قد ينصح الطبيب بإجراء عملية زرع كبد، لأن الكبد هو العضو المنتج للإنزيمات المشاركة في دورة اليوريا.
(النص الأصلي)