كيف سقطت هولندا فنياً من القمة في عام ونصف؟

14 أكتوبر 2015
+ الخط -


يضم المنتخب الهولندي عددا لا بأس به من المواهب المميزة، ممفيس ديباي على رأس هؤلاء، مع كل من أنور الغازي وفينالدوم ويوردي كلاسي، بالإضافة إلى مجموعة من الأسماء الخبيرة كشنايدر وفان بيرسي، رفقة خط دفاع لا يمكن وصفه أبداً بالسيئ، مع تواجد بليند ورقيق ودي فريج.

الموهبة
مع كل هذه المهارات، من الصعب الحكم على فشل المنتخب الهولندي بعبارة "ندرة أو نقص المواهب"، لأن المنتخب البرتقالي لديه من المقومات ما يكفيه للتألق في مرحلة التصفيات، لكن استمرت دائرة الفشل دون جدوى، حتى فشل الفريق في الحصول على مركز مؤهل لليورو 2016.

يتحدث يوهان كرويف في مقال سابق حول أزمة الطواحين، مؤكداً أن السؤال لا يتعلق بما هي الموهبة التي تملكها، بل في كيفية التعامل مع هذه الموهبة. ومع الاعتماد على جيل شباب من الأسماء الصاعدة، يجب على الطاقم التقني الاهتمام بمواطن القصور، وليس فقط الحديث عن الإنجازات التي تم تحقيقها بهذه الكوكبة الصغيرة.

لذلك بعد الحصول على برونزية مونديال 2014، استمر العمل على نفس المنوال القديم، دون الحديث عن الأشياء الجديدة التي يجب أن يُطورها الفريق، فالمركز الثالث في كأس العالم بات أشبه بالنكبة، لأنه جعل الأمور تبدو وكأنها وردية، لكن بعد عام ونصف فقط، ساءت الأمور بشدة، الأمر لا يتعلق بسوء اللاعبين، ولكن بالطريقة الخاطئة في الاستفادة القصوى من قدراتهم، وضرورة معالجة الأخطاء فيما يخص بناء الهجمة وتحديد استراتيجية اللعب.

مثال أوضح، لاعب بقيمة ديباي، ينتظره مستقبل مبهر، لكنه لم يعد أبداً نجما كبيرا بعد، مع أن الإعلام والخبراء في هولندا يعاملونه وكأنه أحد أعظم اللاعبين في العالم، لذلك الموهبة ليست مشكلة أبدأً، بل التعامل السيئ معها هو أساس البلاء.

كثرة الطباخين
اختار لويس فان غال الإجابة عوضاً عن ورقة الأسئلة في مونديال البرازيل، يصف المقربون من الخال الهولندي بأنه شخص راديكالي في أفكاره، لكن في مهمته الأخيرة مع الطواحين، قرر الرجل الاعتماد على الواقعية السحرية، بالتمركز في مناطقه بشكل كلي، مع الاعتماد على لعبة التحولات السريعة من الدفاع إلى الهجوم.

بعيداً عن قواعد 4-3-3 ومشتقاتها، ركز المنتخب الهولندي على الثلاثي الخلفي، مع خماسي الوسط وثنائية الهجوم، وظهر الفريق بشكل مميز جداً على الصعيد الدفاعي، مع نقل سريع للهجمة من الخلف إلى الأمام، عن طريق التمريرات الخاطفة، والتركيز على استغلال الكرات الثابتة.

لكن بعد رحيل فان غال وقدوم غوس هيدينك ثم داني بليند، نسف الثنائي الآخر قواعد اللعب القديمة، وتحولت الخطة مرة أخرى إلى الرباعي الخلفي، وبالتالي أصبحت شخصية المنتخب الهولندي شبه معدومة، نتيجة عدم الثبات على أسلوب لعب رئيسي، مع القصور الواضح في اتخاذ القرار حول طريقة اللعب في المباريات الكبيرة، ليرى المتابعون مسخا فنيا عرف إعلامياً فقط باسم منتخب هولندا.

طرق اللعب
أدى اختلاف طريقة مواجهة الفرق الأوروبية لهولندا عن منافسيه في المونديال العالمي، إلى شرخ واضح في نتائج الفريق، حيث إن هولندا بالمونديال لعبت على سياسة رد الفعل، لم تهاجم من البداية وفضلت الوقوف في مناطقها أولاً، خصوصاً مع وجود منافسين بقيمة إسبانيا، تشيلي، الأرجنتين، والبرازيل.

ولكن في التصفيات الأوروبية، يلعب معظم المنافسين بأسلوب دفاعي، مع تراجع إلى الخلف. وبلغة الأرقام، فإن متوسط استحواذ هولندا في المونديال أقل من التصفيات، لذلك حدثت الفجوة الكبيرة في أسلوب اللعب بين الفترتين، فمنتخبات أيسلندا، التشيك، وتركيا تعتمد بشكل شبه كلي على أخطاء الهولنديين، وليس العكس.

لذلك عانت الطواحين على مستوى الأداء والنتائج، وزادت الحيرة بين العودة إلى الأسلوب الهجومي المفضل أو الرهان على الدفاع الخلفي المستمر. حتى جاءت هذه السقطة التي يجب أن يتوقف أمامها المسؤولون كثيراً، لأن مجرد تخيل عدم مشاهدة هولندا في اليورو أمر مؤلم، مع التسليم بأن الواقع أشد ألماً.

المساهمون