كيف تعاطى إعلام "الصحة" السعودي مع أزمة "كورونا"؟

10 سبتمبر 2015
وزارة الصحة السعودية ضلت الطريق في الماضي بالتباطؤ(مواقع التواصل)
+ الخط -
يبدو أن الكادر الطبي بوزارة الصحة السعودية بذل جهوداً مضنية، خلال ثلاثة أعوامٍ تقريباً، لاحتواء ومنع انتشار متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، المعروفة اختصاراً بكورونا.


جهود مسؤولي الصحة لمواجهة كورونا، تشبه أحداث فيلم (العدوى)، الذي حقق إيرادات عالية لدور السينما في عام 2011. هذا الفيلم، الذي صوّر حالة المجتمع حينما يصاب أحد أفراده بفيروسٍ معدٍ ومميتٍ، أحداثه ليست بعيدة عمّا يحدث في السعودية جراء انتشار فيروس كورونا، حيث الحيرة التي أصابت الأجهزة الطبية وكذلك منظمات الصحة، لمعرفة مصدر الفيروس وطرق التعامل معه، والخوف والهلع الذي يستشري في المجتمع، خاصةً وأن هذا العدو الصامت ليس شرطاً أن ينتقل إلى الجميع، ولكنه حينما يصيب أحد أفراد المجتمع فمن المحتمل أن يفتك به في ظل عدم وجود المصل واللقاح الفعال حتى الآن.

الصراعات داخل المجتمع قد تظهر أثناء حدوث أزمات صحية. والرأي العام يبحث عن جهةٍ يلقي اللوم عليها وفقاً لنظرية العزو المعروفة لدى ممارسي العلاقات العامة. والواقع يقول إن السعوديون وجهوا سهام النقد إلى وزارة الصحة ومسؤوليها وكذلك هو الحال مع المستشفيات الحكومية. فتم التركيز إعلاميا على قضايا صحية مختلفة، كقضية الطفلة رهام (ضحية دم الإيدز) وقضية حمى الضنك وقضايا كثيرة أخرى، طالب السعوديون في إثرها بإعادة النظر في ما يجري من أخطاء طبية وإدارية المسؤول الأول عنها هو وزارة الصحة.

في مثل هذه الأزمات يجب التواصل مع الرأي العام باستمرار، وتزويده بالمعلومات وآخر المستجدات. فعلى سبيل المثال، وضعت شركة جونسون آند جونسون، المعروفة بالمستلزمات الطبية، معايير إدارة الأزمات نصب عينها حينما وقعت حادثة العبث بمنتج التايلنول في عام 1982م، والتي تسببت بمقتل سبعة أشخاص، فحوّلت الشركة خسائرها إلى أرباح وحافظت على صورتها الذهنية لدى الجمهور.

لقد تعاملت الشركة مع الموقف وفق متطلباته مع أول إشارة لوقوع الأزمة، حينما تلقى مدير العلاقات العامة في الشركة اتصالاً من أحد الصحافيين بصحيفة "شيكاغو تريبيون" ليسأله مجموعة من الأسئلة حول عقار التايلنول. ولأن ذلك المسؤول شعر بوجود شيءٍ ما، أخبر رئيس مجلس الإدارة على الفور، الذي طلب منه معاودة الاتصال على الفور بالصحافي لمعرفة التفاصيل حول تساؤلاته. ردة الفعل هذه أسفرت عن التوصل إلى معلومة مفادها أن تحليلاً طبياً لمعدة أحد الأشخاص المتوفين في شيكاغو، أثبتت وجود علاقة بين المنتج ووفاة ذلك الشخص. 
أما في ما يتعلق بأزمة كورونا، فإن وزارة الصحة السعودية ضلت الطريق في الماضي بالتباطؤ أحيان،اً والتردد والتأخر في تزويد وسائل الإعلام بالمعلومات حول هذا الفيروس، الذي بدأ بحالة وانتهى بإصابة أكثر من ألف حالة. التباطؤ والتردد ساهما كثيراً في انعدام الثقة ما بين وزارة الصحة والمجتمع، خاصة وأن الجماهير كانت تتلقى الشائعات وتتناقلها في وسائل التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى عدم الالتفات إلى تصريحات المسؤولين المتأخرة.

من المهم الإشارة إلى إيجابية تعامل الشؤون الصحية في وزارة الحرس الوطني بالرياض مع الأزمة، حينما تفاعلت مديرة الطب الوقائي في مستشفى الملك عبدالعزيز الطبية، الدكتورة حنان بلخي، مع الخبر الذي انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي، والذي يشير إلى انتشار الفيروس في المدينة الطبية، فما كان من الدكتورة بلخي إلا أن أعلنت إغلاق قسم الطوارئ بشكلٍ كامل لاتخاذ الاحترازات اللازمة بعد وصول الحالات إلى 58 خلال 50 يوماً، وإصابة 15 من الكادر الطبي بالعدوى.

في أحيانٍ كثيرة يكون الحدث خارجاً عن السيطرة، ولكن من الأهمية أيضاً معرفة السبل المثلى للتعامل مع وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، حيث يكون التركيز على مسألة الرأي العام الدولي والمحلي على حدٍّ سواء.

ولذلك، رسم خبراء هذا المجال العديد من الخطط الاستراتيجية للتعامل مع الحدث، قبل وبعد حدوث الأزمة، وقد شبّه أحدهم ما يجري أثناء الأزمات بالموجة الصاعدة تارة والمنخفضة تارة أخرى، وربّان إدارة العلاقات العامة أو المتحدث الرسمي في المركب يقوم بتوجيه مركبه الشراعي من أجل النجاح في مسألة مواجهة الريح العاصفة.

جديرٌ بالذكر أن جائحة إنفلونزا الخنازير، التي ظهرت في عام 2009 كشفت الدراسات التي أجريت حولها أن معظم المواطنين الأميركيين كانوا على دراية بالمرض وطرق الوقاية منه في غضون عشرة أيام، إذ لعب التواصل الفعال دوراً فعالاً في هذه المسألة، فأقبل الناس على ممارسة التصرفات الوقائية لتجنب العدوى، بعد أن هبّت شركات مستلزمات الأدوية الطبية بتسويق منتجاتها والإعلان عنها، كمنتجات معقمات الأيدي والكمامات الواقية وفيتامينات زيادة المناعة، بينما تشير التقارير الصحافية إلى أن فاشية إيبولا، التي ظهرت في غرب أفريقيا في أواخر عام 2013 كشفت الكثير من نقاط الضعف في نظام الاستجابة للوقاية من المرض، نظراً لعدم الرجوع إلى العوامل التاريخية والاجتماعية في تلك البلدان، ولربما ارتبط تفشي هذا المرض بالجهود المبذولة في مسألة توعية الجماهير.

(السعودية)
المساهمون