اتجهت إيران إلى عدة طرق لتجنب الحظر الأميركي على نفطها، وبعد مرور نحو أسبوع على بدء تطبيق عقوبات واشنطن بدأت تتكشف حيل طهران لمواصلة تصدير خامها بنفس المعدلات ولكن بوسائل غير مباشرة للإفلات من القبضة الأميركية.
وفي هذا السياق، يرصد محللون 4 حيل إيرانية من أجل عدم تأثر مبيعاتها النفطية والتي تعد أهم مصادر الإيرادات المالية لموازنة البلاد، وتتمثل هذه الحيل الأربع في البيع للقطاع الخاص، شراء الجنسيات، التخزين في ناقلات كبيرة، ومقايضة النفط بالسلع.
وما خفف من الضغط على الحكومة الإيرانية وأعطى لها مساحة للتتحرك بسهولة من أجل تنفيذ حيلها هو منح واشنطن إعفاءات لتسع دول من العقوبات، وبالتالي ستكون حركة ناقلات النفط وتصديره لدول أخرى بطرق ملتفة أسهل من المرة السابقة التي شدّدت فيها أميركا وأوروبا الحصار على نفط إيران في عام 2012.
1 - البيع للقطاع الخاص
يعد لجوء طهران إلى شركات القطاع الخاص أحد أبرز الحيل للالتفاف على العقوبات، إذ أعلنت إيران أنها باعت 700 ألف برميل من النفط الخام إلى شركات من القطاع الخاص من أجل التصدير أمس الأحد، وذلك في ثاني جولة مبيعات تستهدف الالتفاف على العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على صادرات طهران، حسب موقع أخبار وزارة النفط الإيرانية على الإنترنت.
ودفعت ثلاث شركات لم يسمها الموقع 64.97 دولارا للبرميل مقابل شحنتين من الخام حجم الواحدة 245 ألف برميل وشحنة حجمها 210 آلاف برميل، جرى تداولها على بورصة إيران للطاقة.
بدأت إيران بيع النفط الخام إلى شركات خاصة من أجل تصديره في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قبيل دخول العقوبات الأميركية على قطاعات من بينها النفط حيز التنفيذ في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
وتجارة النفط الخام خاضعة لسيطرة الدولة في إيران، ومن قبل، كان بوسع شركات التكرير شراء النفط الخام لتصديره لكن كمنتجات بترولية فحسب.
واللافت هذه المرة في استخدام إيران للحيل بهدف الالتفاف على العقوبات الأميركية أنها أعلنت بعض الوسائل بعكس المرة السابقة في العقوبات الأممية.
وفي تصريح لرئيس منظمة تنمية التجارة الإيرانية مجتبى خسروتاج منتصف الأسبوع الماضي، أكد أن شركات تصدير النفط في بلاده لديها الخبرة للالتفاف على الحظر الأميركي المجرّب سابقاً، ما يعكس أن طهران لا تعبأ بالعقوبات الأميركية كثيرا هذه المرة إذ تكيفت أسواقها الداخلية سريعاً مع العقوبات هذه المرة، حسب مراقبين.
2 – شراء الجنسيات
في خطوة استبقت العقوبات بدأت طهران في استخدام أسلوب جديد يطرق الأبواب الخلفية لتمرير إمداداتها النفطية عبر لجوء مديري شركات إيرانية لشراء جوازات سفر من أفريقيا وأميركا اللاتينية منذ عدة شهور لشراء النفط الإيراني كوسطاء ثم إعادة بيعه مرة أخرى.
وما كشف هذه الحيلة هو قيام جزر القمر بإلغاء مجموعة من جوازات السفر التي اشتراها أجانب خلال الفترات الماضية. ولم ينشر هذا البلد الصغير الواقع قبالة ساحل شرق أفريقيا تفاصيل عن السبب وراء هذا القرار، واكتفى بالقول إن هذه الجوازات صدرت بشكل غير مناسب.
وحسب تقرير سابق لرويترز تمت ملاحظة أن أكثر من 100 من بين 155 شخصا ألغيت جوازات سفرهم الصادرة عن جزر القمر في يناير/كانون الثاني الماضي كانوا إيرانيين.
وكان من بين هؤلاء عدد من كبار المديرين التنفيذيين في الشركات التي تعمل في مجالات الملاحة والنفط والغاز والعملات الأجنبية والمعادن النفيسة، وهي المجالات التي تستهدفها جميعا عقوبات دولية مفروضة على إيران. وقد اشترى بعض هؤلاء أكثر من جواز سفر صادر عن جزر القمر.
وعلى الرغم من أن أيا من هؤلاء الأشخاص أو الشركات ليس هدفا للعقوبات، إلا أن القيود على إيران ربما تجعل من حمل جواز سفر آخر أمرا مفيدا.
وتتيح جوازات السفر إمكانية السفر دون تأشيرة إلى العديد من المناطق بالعالم، ويمكن أن يستخدمها إيرانيون لفتح حسابات في بنوك أجنبية وتسجيل شركات في الخارج.
3 – التخزين
استخدمت إيران خلال الفترة التي سبقت العقوبات الأميركية وسيلة التخزين لكميات كبيرة في ناقلات نفط وعدة مناطق تقوم الآن ببيعها.
وتعاونت عدة دول مع إيران في هذه الطريقة للحفاظ على وارداتها النفطية لتلبية احتياجاتها المختلفة من الطاقة.
وطلبت شركتا تجارة النفط (تشوهاي تشنرونغ كورب) و(سينوبك) الصينيتان في وقت سابق استخدام ناقلات تشغلها إيران، وذلك استنادا إلى بند في اتفاقيات التوريد الطويل الأجل.
وكشفت بيانات نفطية سابقة كيف تحاول إيران الالتفاف على العقوبات الأميركية بتغيير طريقة احتساب السعر من تسليم ظهر السفينة (فوب) إلى التسليم بعد الشحن. وبذلك تتكفل إيران بالتكاليف والمخاطر المتعلقة بتسليم الخام، بجانب التأمين.
واستخدمت إيران نظاما مماثلا في الفترة بين عامي 2012 و2016 للالتفاف على العقوبات التي قادها الغرب والتي نجحت في خفض الصادرات بسبب الافتقار إلى التأمين على الشحنات. ويستغرق وصول النفط الإيراني لبعض الدول نحو شهر أو أكثر.
وكان عضو لجنة الطاقة البرلمانية علي غلمرادي قال في تصريحات لـ"العربي الجديد" أعقبت بدء الحظر الأميركي، إن لدى إيران دراية كاملة بالعقوبات الأميركية التي وصلتها أخيراً وبنتائجها المتوقعة كونها اختبرتها سابقاً، مؤكداً على وجود سيناريوهات وخطط بديلة لضمان بيع النفط مستقبلاً. وأوضح أنه لا يمكن الإعلان عنها وهو ما اتفق عليه مجلس الشورى والحكومة معاً.
4 – مقايضة النفط بالسلع
أكدت وكالة بلومبيرغ الأميركية في تقرير حديث أن حظر واشنطن لوحده لن يوقف صادرات نفط إيران، فهناك سبل للبيع بشكل غير رسمي، أو عبر وسائط، إلى جانب وجود احتمال مقايضة النفط بالسلع، وهي الخيارات التي قد تقررها وتتبعها إيران لبيع 800 ألف برميل نفط يومياً.
وكان روبين ميلز المدير التنفيذي لشركة (قمر) انيرجي للطاقة وزميل سابق غير مقيم لشؤون الطاقة في مركز بروكنغز الدوحة قد قال إن إيران كانت قادرة على تحريك 200 ألف برميل في اليوم بشكل سري، وهذا ما من شأنه تحسين وضعها المالي حتى لو أنه لا يترك تأثيراً بالغاً على السوق العالمية.
وتوقعت مؤسسة "فاكتز غلوبال إنرجي" في وقت سابق، أن تبيع إيران 800 ألف برميل في اليوم في عام 2019، منها 20 ألفا عن طريق جارتها العراق، إلى جانب أنها ستستخدم أفغانستان وباكستان لتمرير النفط.
وحسب منظمة أوبك، فقد حققت إيران معدلات صادرات تجاوزت مليونين ومائة ألف برميل، وتعتمد طهران في موازنتها على العائدات الناجمة عن هذه الصادرات بشكل كبير، كما أن 65% من زبائن نفطها من الآسيويين، ويأتي من بعدهم مشترون أوروبيون.