أعلنت أجهزة الأمن الأوكرانية، أمس الأربعاء، عن اعتقال شخص يشتبه في أنه "معدّ" محاولة اغتيال الصحافي الروسي، أركادي بابتشينكو، التي تؤكد كييف أنها أفشلتها عبر اختلاق خبر مقتل الصحافي المناهض للكرملين.
بدورها، دانت موسكو السلطات الأوكرانية على ما وصفته بأنه "عمل استفزازي ضد روسيا" بعد اختلاق مقتل الصحافي واتهام روسيا بتدبير محاولة اغتياله.
وجاء في بيان وزارة الخارجية الروسية أن "هذه المسرحية هي بكل وضوح عمل استفزازي جديد ضد روسيا"، وأضاف "نحن سعداء بأن هذا المواطن الروسي على قيد الحياة".
لكن خبر محاولة الاغتيال المزورة الذي شغل العالم أعاد تسليط الضوء على الجندي الروسي السابق المقيم في أوكرانيا ومسيرته المهنية، وأعطت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية لمحة حول بدايات بابتشينكو، وتحديداً تجربته في حرب الشيشان، وبالتالي تحوله إلى عدو للكرملين.
عام 1995، حين كان بابتشينكو طالب حقوق في سنته الثانية، جُند في الجيش الروسي. وأُرسل إلى الشيشان بعد عام من شن الرئيس الروسي الراحل، بوريس يلتسين، حربه ضد المتمردين الشيشانيين. وبعد 6 أشهر من التدريب في الأورال، أُرسل إلى الجبهة الأمامية، برفقة 15 ألفاً من مجندين آخرين.
شهد الشاب الروسي هناك الموت والخطر، ما ترك فيه أثراً عميقاً. وبعد نجاته وعودته إلى روسيا، أكمل دراسة الحقوق، وحصل على شهادة البكالوريوس.
وفي 1999 حين بدأ فلاديمير بوتين حملة ثانية ضد الشيشان، تطوّع بابتشينكو للمشاركة في الحرب الجديدة. وكتب لاحقاً "لا أملك أي إجابة حول عودتي إلى هناك. لا أعلم. لم أستطع منع نفسي. رغبة لا تقاوم دفعتني مجدداً إلى هناك".
حارب بابتشينكو مدة 6 أشهر. وحين عاد إلى موسكو، كتب عن تجربته هناك، فحصل على وظيفة في صحيفة "موسكو" اليومية. كما كتب مقالات لصالح "نوفايا غازيتا" التي تعدّ أبرز الصحف الروسية المعارضة، وضمت بين كتّابها المراسلة آنا بوليتكوفسكايا التي قتلت عام 2006.
انتقاد الصحافي الروسي العلني للكرملين والحرب في جورجيا وأوكرانيا جعله هدفاً واضحاً. كما رفض ضم بوتين لشبه جزيرة القرم في 2014، خلافاً لمعظم المواطنين الروس وللتلفزيون الرسمي الذي صوّر الخطوة باعتبارها نصراً وطنياً.
زاد قلق بابتشينكو على سلامته، وتلقى تهديدات عدة بالموت. وتحدث عن خوفه من الاعتقال واحتمال قتله خارج شقته في موسكو.
غادر الصحافي روسيا عام 2017، بعدما أعلن علانية عن لامبالاته إزاء تحطم الطائرة الروسية التي كانت تقلّ أوركسترا إلى سورية.
وكان أعضاء في حزب "روسيا الموحدة" قد دعوا إلى سحب الجنسية الروسية منه، كما نُشر عنوان منزله على شبكة الإنترنت. لذا، نقل بابتشينكو زوجته وابنته إلى كييف، وبدأ بالعمل لدى قناة "كريمين".
لكن الأمان الذي نشده هناك يبدو بعيداً نوعاً ما، إذ إن قراره بتزوير وفاته، بناء على نصيحة أجهزة الأمن الأوكرانية، أدى إلى مزيد من الانزعاج في الداخل، وانتقادات من مؤيديه وأصدقائه على حد سواء.
(العربي الجديد)