يمزج مراد بين التجريد والتعبيرية والمناظر الطبيعية في أعمال تبرز تكوينات لونية ذات خطوط سريعة حيث يتشكّل في بعضها خلفها مشهد أقرب لأن يكون بحراً ساكناً تحت سماء حمراء ملبّدة، ويستفيد في بعضها الآخر من تصميم السجاد الشرقي فيشكّل لوحته في مستويين مختلفين، يفصلهما خط الأفق الذي يولد فراغين مقصودين بغرض ترك الخيال للمتلقي لاستكمالهما.
"الفضاء في ما بين" عنوان معرضه الجديد الذي افتتح في الثالث عشر من الشهر الجاري في "غاليري تانيت" في بيروت، ويتواصل حتى الأول من آب/ أغسطس المقبل.
شكّل نهر الفرات الذاكرة البصرية الأولى للفنان الذي قدّم أعماله الأولى في محاكاة لبيئته، لا سيما في تكويناته الغنية بالتفاصيل الدالة على الأرض والشجر ودمجه لها بالجسد الإنساني، ثم أصبح أكثر ميلاً لإظهار العناصر الإنسانية أو الحيوانية بشكل أوضح، وارتباطها أكثر بالحدث اليومية خاصة في جدارياته التي صوّر في إحداها قلعة حلب وهي تطوف فوق مساحات سوداء دخانية، في إشارة إلى الحرب التي تدمر هوية المكان التاريخية.
في معرضه الحالي، ينفّذ أعماله باللون الأسود ومادة الأكريليك وكأنها مرسومة بالفحم، في تكوينات تقترب من شكل نوتة موسيقية، أو اهتمامه بالتفاصيل التي يظهرها في حالة القِدم، أو تختلط فيها المنمنمات العربية مع الأرمنية، أو تظهر تأرجحها بين زمانين أحدهما في زمن قديم أسطوري وآخر مستقبلي تجريدي.
إلى جانب عمله التركيبي "طبقات من الذاكرة" التي يظهر مدينة مربوطة بحبال إلى سقف القاعة وتتدلى منها مبانٍ وزخارف ونقوش وبقايا عمائر كلها محتشدة فوق بعضها بعضاً، كأنها تشير إلى تراكم الماضي وتراثه إلى اليوم.