يتواصل العرض الأدائي "حكاية الرجل الذي سكن ظله" الذي انطلق في الثاني من الشهر الجاري، حتى بعد غدٍ الأحد، في "ستشين بيروت"، حيث ينطلق العرض عند التاسعة مساء.
يتزامن العمل مع معرض فني بعنوان "الأعمال غير الكاملة لـ كيفورك كساريان"، ويتناول العرض والمعرض حياة وأعمال الكاتب المسرحي والسينمائي اللبناني كساريان، الذي شارك المخرج ربيع مروة كتابة مسرحية "لكم تمنّت نانسي لو أن كل ما حدث لم يكن سوى كذبة نيسان"، لكنه رحل تاركاً خلفه عدة أعمال لم يكملها.
اشتغل كساريان على مشاريع مختلفة مستخدماً وسائط متعددة ومتنقلاً بين التجريب في الأشكال، بين الأعوام 1975 و1993، وبحسب القائمين على العمل الذي كتبه فادي توفيق وأخرجه هاشم عدنان، فإن هذه الأعمال "لم تتوقف عن التوالد الواحدة تلو الأخرى، من دون أن يوفق في إنهاء أي منها".
كساريان يعبّر عن عشرات الفنانين اللبنانيين الذين التقاهم توفيق أو بحث في أعمالهم، وقد وقفت الحرب في طريق مشاريعهم وهدمت المشاريع الفنية التي كانوا بصدد إنتاجها في فترة الحرب.
المروية عن الحرب من وجهة نظر الكاتب، اكتفت بالجانب الاجتماعي والسياسي، ولم تلتفت إلى ما حدث لهذه الفئة من المثقفين وماذا يحدث لأحلامهم ومشاريعهم وإنتاجهم في سنوات الحرب، وفي أثناء هذه العملية من التوثيق الانتقائي للحرب ومجرياتها، يسقط أشخاص مثل كساريان، ويلفظهم الأرشيف أو يستبعدهم ويغيّبهم إلى أن يجري نسيانهم.
يتضمّن المعرض خمسة أعمال تجهيز فيديو، وعمل فني مطوّر ومطبوع، وهو عبارة عن كاتالوغ، وتعرض الأعمال بحيث يشكل تتابعها صورة واحدة، لفيلم غير منجز، ومتقطع وصوتي في صالة العرض، يمكن للمستمع أن يكمل مشاهدة عبر الانتقال من عمل إلى آخر.
كما يتنقل المؤدي بين أدوار عدة: فتارة نراه كدليل للمعرض، وتارة أخرى كمؤلف يروي حكاية الرجل الذي سكن ظله وقصة أعماله، ويبحث في السياقات التي تطوّرت فيها. لكنه يستعين بالحكاية لاقتراح زاوية نظر مغايرة للأعمال المعروضة، من حيث يمكن النطر إليها ليس على أنها أعمال غير مكتملة، بل فصول متراكمة في عمل مستمر.
الأعمال تغطّي تفاصيل عيش كساريان في بيروت، خلال فترة الثمانينيات، وتطرح أسئلة حول معرفة اللبنانين الفعلية بماذا حل في المدينة في تلك الفترة، وكيف عاشوا خلال الحرب، حيث يعزو توفيق سبب هذا الجهل إلى سطوة الرواية الصحافية والإعلامية حول الحرب اللبنانية.
المعرض والعرض يسائلان الأرشيف اللبناني وتاريخه، من يتذكر ويكرّس ومن يتجاهل وينسى، وكيف ينسجم الأرشيف مع الرواية السائدة وينساق معها والتي غالباً ما يحكمها الإعلام وأطرافه وجهاته المختلفة.