يبدو أنّ المواطنين الكويتيين سئموا تماماً من إجراءات الإغلاق العام والتدابير الوقائية المرتبطة بمكافحة انتشار كورونا، فقرر بعضهم تحدي المخاطر، والسفر خارج البلاد للظفر بإجازة ربما تبعدهم عن هذه الأجواء
تسجل الكويت مغادرة آلاف من المواطنين والوافدين البلاد في الأسابيع القليلة الماضية بالرغم من إجراءات مكافحة فيروس كورونا الجديد المطبقة في مختلف دول العالم. وبينما كانت لهم الحرية سابقاً في الاختيار فإنّ الوجهة هذا العام حكمها قبول الدول الأخرى باستقبالهم تبعاً للتدابير الصحية المتخذة فيها.
درجة الحرارة المرتفعة، شكلت إلى جانب قيود فيروس كورونا الجديد، وما فيها من حظر تجول جزئي مستمر، دافعاً للابتعاد عن الكويت إذ تجاوزت 50 درجة مئوية. وفي هذا الإطار، يقول مطلق السبيعي، وهو مواطن كويتي غادر مع عائلته، إلى تركيا، لـ"العربي الجديد": "إجراءات الحظر المفروضة في الكويت ما زالت مشددة، فأماكن الترفيه الوحيدة في البلاد مثل المطاعم والمقاهي والمتنزهات مغلقة بشكل جزئي، والعائلات المنتمية إلى الطبقة الوسطى لا تملك رفاهية السكن في الفنادق والمنتجعات الراقية التي فتحت أبوابها، كما لا تملك أيّ شاليهات أو منازل صيفية، كما هي الحال مع التجار، لذلك فالسفر إلى دول ذات كلفة منخفضة هو الملاذ الوحيد لدينا، كما هي الحال مع تركيا".
بدورها، تقول شاهة المطيري، وهي مواطنة كويتية اعتادت السفر مع عائلتها سنوياً في الصيف إلى لندن، لـ"العربي الجديد": "لم نستطع السفر إلى لندن هذه السنة بسبب وقف حركة الطيران بين الكويت وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، فاضطررنا إلى السفر إلى تركيا، لأنّ أجواء الحظر في الكويت وارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق أدت إلى حالة من التململ في أوساط الجميع". اتجهت شاهة مع عائلتها إلى مدينة طرابزون المشهورة بأجوائها المعتدلة والباردة في فصل الصيف، إذ وجدت كثيراً من الكويتيين والقطريين هناك، بعد سماح سلطات بلادهم لهم بالسفر.
بالرغم من مخاطرتهم في عالم ينتشر فيه فيروس كورونا، فإنّ الكويتيين المسافرين يؤكدون أنّهم اتخذوا إجراءات احترازية خاصة بهم تجنباً لإصابتهم بالعدوى. يقول السبيعي لـ"العربي الجديد": "ما زال الالتزام بالكمامة والتباعد الاجتماعي وتعقيم اليدين بشكل مستمر هو هاجسنا خوفاً من عودتنا إلى البلاد محملين بالفيروس، لكنّنا في الوقت نفسه نشعر بارتياح كبير نتيجة ابتعادنا عن الأجواء الحارة في الكويت".
من جهتها، تقول مناير العنزي، وهي طالبة جامعية وصلت إلى تركيا مع عائلتها علي متن واحدة من أوائل الرحلات المنطلقة من الكويت بعد إعادة فتح المطار، لـ"العربي الجديد": "نحتاج إلى تغيير الأجواء، خصوصاً مع الأثر السلبي الذي تركه الحظر الكلي علينا ثم الحظر الجزئي، وشعب الكويت بطبيعته شعب يحب السفر ويعشق البقاء خارج البلاد فترة الصيف، لذلك مثلت تركيا التي خففت قيودها بالنسبة لنا الخيار الوحيد حتى الآن". وتتابع مناير دروسها الجامعية عن بعد، مما يعني أنّها تدرس وتتنزه خارج البلاد في الوقت نفسه، وهو أمر لم يكن ممكناً قبل فيروس كورونا الذي عجّل بتطبيق آليات الدراسة عن بعد في الكويت.
بدوره، ينتظر عبد الرحمن الإبراهيم التأكد من سلامة الإجراءات الاحترازية في كوريا الجنوبية ليسافر إليها مستكشفاً لها، إذ يقول لـ"العربي الجديد": "كثيرون يصفونني بالجنون لأنّني سأتجه إلى بلد شرق آسيوي في ظلّ هذه الظروف، لكنّني أحتاج إلى الراحة وتغيير الأجواء والحصول على فترة استجمام تؤهلني للعودة إلى العمل من جديد".
إلى ذلك، يلقي طبيب مختص في الصحة الوقائية، فضّل عدم الكشف عن اسمه، باللوم على السلطات الصحية في الكويت التي أبقت حظر التجول وسمحت للمواطنين بالسفر لأغراض السياحة، كأنّها تقول لهم: "غادروا الكويت إلى بلدان لا تتخذ إجراءات وقائية كافية". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ سلسلة الإجراءات المتشددة في الوقاية تدفع الناس للسفر خارج البلاد إلى حين انتهاء هذه الإجراءات، كما تبعثر كلّ جهود الدولة طوال أشهر في محاربة انتشار الفيروس.
وكان وزير الصحة الكويتي، باسل الصباح، قد نصح الكويتيين بعدم السفر لغير الحاجة معللاً ذلك بعدم استقرار الوضع الصحي في عدد من بلدان العالم، كما أنّ هناك خوفاً من جلب أنواع جينية جديدة من الفيروس قد لا تكون موجودة في الكويت على حدّ قوله.
واشترطت السلطات الصحية على المسافرين الحصول على تأمين صحي خاص بفيروس كورونا يضمن للدولة علاج المصابين الكويتيين في الخارج من دون تكفلها بمصاريف علاجهم، كما اشترطت توقيعهم على تعهدات تفيد بحصولهم على مسحات فحص "بي سي آر" في الدول التي ينوون السفر إليها قبل عودتهم إلى الكويت بـ48 ساعة، والتوقيع على تعهد بقضاء فترة 14 يوماً في الحجر المنزلي الاحترازي فور عودتهم إلى الكويت.