فقد إبراهيم عبد الله ابنته (8 سنوات) بعد إصابتها بمرض الكوليرا بأيام قليلة، في مديرية الحالي التابعة لمحافظة الحديدة، غرب اليمن. جهل عبد الله بالمرض جعله يتساهل معه ولا يحرص على نقلها إلى المستشفى منذ بداية ظهور الأعراض. يقول: "أمضي أغلب ساعات النهار في البحث عن الغذاء، وعندما كنت أعود كانت والدتها تخبرني بأنها تعاني من إسهال شديد، لكنّي كنت أعتقد أنّه إسهال عادي، ولم أتوقع أنّها مصابة بمرض خطير".
يعرف عبد الله أنّ المياه التي يستخدمونها غير نظيفة: "لكننا مضطرون لاستخدامها، فأسعار المياه النظيفة باهظة جداً". يشير إلى أنّ سكان المنطقة يعانون من أوضاع معيشية صعبة "وكثير من السكان يتأخرون في نقل مرضاهم إلى المستشفى".
بالإضافة إلى مديرية الحالي، يتفشى الكوليرا بشكل كبير في مديرية الزيدية، شمال المحافظة، أيضاً، إذ تسبب في وفاة عشرات المواطنين معظمهم من النساء والأطفال والمسنين. وفي السياق، يقول، يحيى عمر، وهو أحد سكان المديرية، إنّ الكوليرا تسبب في وفاة كثير من أبناء المديرية لعدم حصولهم على الرعاية الصحية المناسبة. يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ الأدوية الخاصة بالمرض غير متوافرة في المنطقة. يشير إلى أنّ كثيراً من المرضى يخضعون للعلاج في مستشفيات المدينة على حسابهم الخاص "أما من لا يملك المال، فمصيره الموت إلا إذا حظي بفرصة للعلاج في المراكز التابعة للمنظمات الدولية".
اقــرأ أيضاً
اضطر، عايض عبد الباري، للانتقال مع أفراد أسرته من الحديدة إلى محافظة المحويت هرباً من سوء الأوضاع المعيشية وانتشار الأمراض وعلى رأسها الكوليرا. يقول لـ"العربي الجديد": "أنا في الأصل من أبناء محافظة المحويت وأسكن في الحديدة منذ طفولتي، لكنّنا انتقلنا للعيش في المحويت نظراً لسوء الأوضاع المعيشية في الحديدة. لم تدفعنا الحرب للمغادرة، بل انتشار الأمراض". يشير إلى أنّ المياه النظيفة غير متوافرة في المدينة، مشيراً إلى أنّ أحد أفراد أسرته قد نجا من الكوليرا بأعجوبة بعد تلقيه العلاج في مركز مخصص لعلاج المرض: "كان هذا بمثابة مؤشر دفعنا إلى مغادرة المحافظة". يلفت عبد الباري إلى وضع السكان في الحديدة قائلاً: "نحن ننتمي إلى محافظة المحويت ولدينا منازل أقارب نقيم فيها حتى تنتهي الحرب في الحديدة، لكنّ عشرات الآلاف من الأسر في الحديدة لا تستطيع المغادرة وتواجه خطر الموت".
يعتبر مرض الكوليرا بحسب منظمة الصحة العالمية عدوى حادة تسبب الإسهال الذي يؤدي إلى الوفاة في غضون ساعات إن تركت من دون علاج. وينتقل المرض بسبب تناول الأطعمة أو المياه الملوثة بالكوليرا.
يقول نائب مدير مكتب الصحة في محافظة الحديدة، الدكتور خالد الحلوي، إنّ المياه الملوثة سبب رئيسي في انتشار مرض الكوليرا بين سكان محافظة الحديدة. يؤكد الحلوي لـ"العربي الجديد" أنّ الوضع الصحي في المحافظة "يعيش أسوأ مراحله جراء الحرب على اليمن بشكل عام والحديدة بشكل خاص ما ينذر بكارثة حقيقية. فقد تزايدت أعداد الوفيات بسبب الكوليرا والدفتيريا والضنك والملاريا، في العديد من مديريات المحافظة". يشير إلى أنّ الكوليرا انتشر مؤخراً في مديرية الزيدية: "لكن، هناك مبالغة في أعداد المصابين التي نشرتها وسائل الإعلام، كما أنّ السلطات الصحية تبذل جهوداً كبيرة وفق الإمكانات المتاحة للحد من انتشار المرض".
يوضح الحلوي أنّ حالات الإصابة والوفيات بالكوليرا في مديرية الحالي خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، بلغت 211 حالة مؤكدة، فيما بلغت حالات الوفيات من بداية العام الجاري وحتى شهر سبتمبر/ أيلول الماضي 36 حالة، توزعت بين 8 حالات في مديرية جبل رأس، و4 حالات في كلّ من مديريتي الحالي والمنيرة، و3 حالات في كلّ من باجل والزيدية والضحي، وحالتين في مديريات الزهرة واللحية، وحالة واحدة في مديرية المراوعة. لافتا إلى أن القطاع الصحي في المحافظة "يواجه العديد من الصعوبات نتيجة شح الإمكانات وانقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية وغيرها. المرافق الصحية والمستشفيات تقدم الخدمات الصحية للمرضى بقدر الإمكانات المتاحة". يشدد على ضرورة مضاعفة الدعم المقدم من المنظمات الدولية للحد من انتشار الأمراض في المحافظة.
بحسب تقرير حديث صادر عن وزارة الصحة، اطلعت عليه "العربي الجديد"، فانّ حالات الإصابة المؤكدة بالكوليرا في محافظة الحديدة خلال الفترة من إبريل/ نيسان حتى 28 أكتوبر/ تشرين الأول الماضيين بلغت 950 حالة إصابة، فيما بلغت حالات الاشتباه بالإصابة في الفترة نفسها 189.878 حالة، توفي منها 330 حالة.
اقــرأ أيضاً
وكانت منظمة "أنقذوا الأطفال" قد أعلنت أنّ الحديدة باتت مركزاً لتفشي الكوليرا في اليمن، وأنّ نحو ثلاثين في المائة من الإصابات المحتملة بالكوليرا سجلت لدى أطفال ما دون سن الخامسة، مؤكدة أنّ عدد حالات الكوليرا في المحافظة تضاعف ثلاث مرات منذ تصاعد القتال بين القوات الحكومية وجماعة الحوثيين.
يشكل الحصول على المياه الآمنة في اليمن تحدياً كبيراً للملايين من السكان إذ وصل عدد الأشخاص الذين لا يملكون فرص الوصول للمياه الآمنة وخدمات الصرف الصحي إلى أكثر من 16 مليون شخص بمن فيهم 11.6 مليون شخص في حاجة ماسة لهذه الخدمات وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، التي أكدت أنّ الأوضاع الصحية بالحديدة هي الأسوأ على مستوى اليمن، إذ تسجل مديريات المحافظة أكبر عدد لحالات الإصابة بالكوليرا.
وكان مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أعلن أنّ 4551 شخصاً قضوا بسبب الكوليرا في اليمن، وأنّ 1.2 مليون حالة مشتبه فيها جرى الإبلاغ عنها في الفترة بين إبريل/ نيسان 2017، وسبتمبر/ أيلول 2018.
يعرف عبد الله أنّ المياه التي يستخدمونها غير نظيفة: "لكننا مضطرون لاستخدامها، فأسعار المياه النظيفة باهظة جداً". يشير إلى أنّ سكان المنطقة يعانون من أوضاع معيشية صعبة "وكثير من السكان يتأخرون في نقل مرضاهم إلى المستشفى".
بالإضافة إلى مديرية الحالي، يتفشى الكوليرا بشكل كبير في مديرية الزيدية، شمال المحافظة، أيضاً، إذ تسبب في وفاة عشرات المواطنين معظمهم من النساء والأطفال والمسنين. وفي السياق، يقول، يحيى عمر، وهو أحد سكان المديرية، إنّ الكوليرا تسبب في وفاة كثير من أبناء المديرية لعدم حصولهم على الرعاية الصحية المناسبة. يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ الأدوية الخاصة بالمرض غير متوافرة في المنطقة. يشير إلى أنّ كثيراً من المرضى يخضعون للعلاج في مستشفيات المدينة على حسابهم الخاص "أما من لا يملك المال، فمصيره الموت إلا إذا حظي بفرصة للعلاج في المراكز التابعة للمنظمات الدولية".
اضطر، عايض عبد الباري، للانتقال مع أفراد أسرته من الحديدة إلى محافظة المحويت هرباً من سوء الأوضاع المعيشية وانتشار الأمراض وعلى رأسها الكوليرا. يقول لـ"العربي الجديد": "أنا في الأصل من أبناء محافظة المحويت وأسكن في الحديدة منذ طفولتي، لكنّنا انتقلنا للعيش في المحويت نظراً لسوء الأوضاع المعيشية في الحديدة. لم تدفعنا الحرب للمغادرة، بل انتشار الأمراض". يشير إلى أنّ المياه النظيفة غير متوافرة في المدينة، مشيراً إلى أنّ أحد أفراد أسرته قد نجا من الكوليرا بأعجوبة بعد تلقيه العلاج في مركز مخصص لعلاج المرض: "كان هذا بمثابة مؤشر دفعنا إلى مغادرة المحافظة". يلفت عبد الباري إلى وضع السكان في الحديدة قائلاً: "نحن ننتمي إلى محافظة المحويت ولدينا منازل أقارب نقيم فيها حتى تنتهي الحرب في الحديدة، لكنّ عشرات الآلاف من الأسر في الحديدة لا تستطيع المغادرة وتواجه خطر الموت".
يعتبر مرض الكوليرا بحسب منظمة الصحة العالمية عدوى حادة تسبب الإسهال الذي يؤدي إلى الوفاة في غضون ساعات إن تركت من دون علاج. وينتقل المرض بسبب تناول الأطعمة أو المياه الملوثة بالكوليرا.
يقول نائب مدير مكتب الصحة في محافظة الحديدة، الدكتور خالد الحلوي، إنّ المياه الملوثة سبب رئيسي في انتشار مرض الكوليرا بين سكان محافظة الحديدة. يؤكد الحلوي لـ"العربي الجديد" أنّ الوضع الصحي في المحافظة "يعيش أسوأ مراحله جراء الحرب على اليمن بشكل عام والحديدة بشكل خاص ما ينذر بكارثة حقيقية. فقد تزايدت أعداد الوفيات بسبب الكوليرا والدفتيريا والضنك والملاريا، في العديد من مديريات المحافظة". يشير إلى أنّ الكوليرا انتشر مؤخراً في مديرية الزيدية: "لكن، هناك مبالغة في أعداد المصابين التي نشرتها وسائل الإعلام، كما أنّ السلطات الصحية تبذل جهوداً كبيرة وفق الإمكانات المتاحة للحد من انتشار المرض".
يوضح الحلوي أنّ حالات الإصابة والوفيات بالكوليرا في مديرية الحالي خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، بلغت 211 حالة مؤكدة، فيما بلغت حالات الوفيات من بداية العام الجاري وحتى شهر سبتمبر/ أيلول الماضي 36 حالة، توزعت بين 8 حالات في مديرية جبل رأس، و4 حالات في كلّ من مديريتي الحالي والمنيرة، و3 حالات في كلّ من باجل والزيدية والضحي، وحالتين في مديريات الزهرة واللحية، وحالة واحدة في مديرية المراوعة. لافتا إلى أن القطاع الصحي في المحافظة "يواجه العديد من الصعوبات نتيجة شح الإمكانات وانقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية وغيرها. المرافق الصحية والمستشفيات تقدم الخدمات الصحية للمرضى بقدر الإمكانات المتاحة". يشدد على ضرورة مضاعفة الدعم المقدم من المنظمات الدولية للحد من انتشار الأمراض في المحافظة.
بحسب تقرير حديث صادر عن وزارة الصحة، اطلعت عليه "العربي الجديد"، فانّ حالات الإصابة المؤكدة بالكوليرا في محافظة الحديدة خلال الفترة من إبريل/ نيسان حتى 28 أكتوبر/ تشرين الأول الماضيين بلغت 950 حالة إصابة، فيما بلغت حالات الاشتباه بالإصابة في الفترة نفسها 189.878 حالة، توفي منها 330 حالة.
وكانت منظمة "أنقذوا الأطفال" قد أعلنت أنّ الحديدة باتت مركزاً لتفشي الكوليرا في اليمن، وأنّ نحو ثلاثين في المائة من الإصابات المحتملة بالكوليرا سجلت لدى أطفال ما دون سن الخامسة، مؤكدة أنّ عدد حالات الكوليرا في المحافظة تضاعف ثلاث مرات منذ تصاعد القتال بين القوات الحكومية وجماعة الحوثيين.
يشكل الحصول على المياه الآمنة في اليمن تحدياً كبيراً للملايين من السكان إذ وصل عدد الأشخاص الذين لا يملكون فرص الوصول للمياه الآمنة وخدمات الصرف الصحي إلى أكثر من 16 مليون شخص بمن فيهم 11.6 مليون شخص في حاجة ماسة لهذه الخدمات وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، التي أكدت أنّ الأوضاع الصحية بالحديدة هي الأسوأ على مستوى اليمن، إذ تسجل مديريات المحافظة أكبر عدد لحالات الإصابة بالكوليرا.
وكان مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أعلن أنّ 4551 شخصاً قضوا بسبب الكوليرا في اليمن، وأنّ 1.2 مليون حالة مشتبه فيها جرى الإبلاغ عنها في الفترة بين إبريل/ نيسان 2017، وسبتمبر/ أيلول 2018.