يجرّد المستهلكون رفوف المتاجر من لفائف المراحيض ومعقمات الأيادي والأقنعة في كل أنحاء العالم، من اليابان، مروراً بفرنسا، وصولاً إلى الولايات المتحدة، فيما يثير فيروس كورونا الجديد هلعاً بين الناس القلقين من حصول نقص في السلع.
وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صور وفيديوهات يُظهر بعضها تهافت الحشود على المتاجر، وتوثّق أخرى الرفوف الفارغة، ما أدى إلى تفاقم حالة الذعر والارتباك من تفشي الوباء الذي أودى بحياة الآلاف، ووضع الملايين في الحجر الصحي، وسبّب اضطرابات وتراجعات في الأسواق العالمية.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، فرضت أكبر سلسلة سوبرماركت في أستراليا سقفاً لمبيعات ورق المرحاض، بعدما استُدعيَت الشرطة إلى أحد المتاجر في سيدني حيث نشب خلاف على هذه السلعة النادرة.
والسبت، توجه رئيس الوزراء الياباني من خلال "تويتر" لتهدئة المخاوف من حدوث نقص في السلع على الصعيد الوطني، فيما أظهرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي الرفوف فارغة من ورق المراحيض في متاجر أميركية.
وعانت سنغافورة أيضاً من تهافت سكانها على شراء ورق المرحاض، ويعود ذلك وفق الخبراء إلى شائعات "قابلة للتصديق" عن نقص وشيك في هذه السلعة بسبب إغلاق الحدود مع الصين المنكوبة بالفيروس، وهي منتج رئيسي لها.
الأقنعة سلع قيِّمة
وباتت الأقنعة المخصصة للاستخدام الواحد، التي عادة ما تُباع في مقابل بضعة سنتات، من المقتنيات القيّمة، ويتفاقم هذا الأمر بسبب القيود المفروضة على الصادرات من الصين، المنتج الرئيسي لها، بحيث تحتفظ الحكومة بالمزيد منها للاستخدام الداخلي.
خلال الشهر الماضي، اصطف عشرة آلاف شخص خارج متجر في هونغ كونغ قام بتأمين شحنة من الأقنعة، وبعد أيام اعتبرت هذه السلعة في استطلاع للرأي أنها أكثر الهدايا المرغوبة لتلقيها في عيد الحب.
في لندن، تباع الأقنعة في الوقت الراهن بأكثر من 100 ضعف من سعرها المعتاد، فيما قالت السلطات الفرنسية إنها ستتولى بيع أقنعة الوجه وإنتاجها.
وقالت الناطقة باسم منظمة الصحة العالمية فضيلة شايب، لوكالة فرانس برس، إنّ "الطلب مدفوع بالشراء المجنون والتخزين والمضاربة".
وهذا كله يحصل بالرغم من أن المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها لا توصي باستخدام قناع الوجه للمساعدة في مكافحة تفشي الفيروس، لكن في المدن المزدحمة قد يكون وضع القناع مريحاً، حتى لو لم يكن فعالاً.
جنون الشراء
وبعد يومين من إعلان ولاية كاليفورنيا حال الطوارئ على أراضيها، لم تعد المتاجر التي قصدتها وكالة "فرانس برس" الجمعة قادرة على تلبية الطلب الكبير على المنتجات الأساسية.
وتقول رين العاملة في متجر كوستكو في بوربانك: "إنها الفوضى، أرقام البيع هي ضعف ما نحققه عادةً"، وتضيف: "الوضع اليوم خارج عن السيطرة. ولذلك لم يعد لدينا ورق مراحيض ولا معقم للأيدي، والقليل من المياه".
وسجلت كاليفورنيا حتى الآن حالة وفاة واحدة بفيروس كورونا المستجد، لتأتي بعد ولاية واشنطن التي سجلت فيها 11 حالة وفاة.
ورغم دعوات السلطات إلى ضبط النفس، بدأ سكان كاليفورنيا بالاستسلام للهلع وشراء المنتجات بكميات كبيرة، كما حصل في مناطق أخرى في آسيا وغيرها.
وقال المدير المالي لمتجر كوستكو ريتشارد غالانتي، لمحللين الخميس: "إنه الجنون". وفي ذلك اليوم، استُدعيت شرطة مقاطعة سان بيرناندينو قرب لوس أنجليس إلى أحد متاجر سلسلة كوستكو بعدما انفجر أحد الزبائن غاضباً فيها بسبب النقص في المخزون.
تقييد المشتريات
لم يعد يحق لزبائن كوستكو الجمعة سوى شراء صندوقين من المياه المعدنية، مقابل أربعة في اليوم السابق. حاول كثر أن يبتاعوا أكثر من العدد المحدد، لكن العاملين في المتجر صادروها على الصندوق، ما أدى إلى بعض التوتر في المكان.
وأوقف موظف كان يعيد إلى الرفوف الكميات الكبيرة من صناديق المياه التي صودِرَت مراراً من زبائن جدد يحاولون الحصول على ما أمكن من السلع.
تروي ليزا غارسيا البالغة من العمر 30 عاماً: "مع حالة الجنون هنا، بدأنا ندرك أكثر وأكثر واقع الأمور"، مقرةً بأن قلقها إلى ازدياد. وتضيف: "أردنا التزود بورق المرحاض والمناديل الورقية، لكن انظروا إلى هذه الرفوف الفارغة!".
وعند الظهر، لم يبقَ في المتجر سوى زجاجات من المياه الغازية باهظة الثمن، ما أثار استياء العديد من الزبائن. رغم ذلك، يحاول البعض رؤية الجانب الإيجابي من الأمور.
ويوضح أندرو، العامل في الإغاثة، والذي لم يشأ أن يفصح عن اسم عائلته، قائلاً: "أنا حذر". يدفع الرجل عربة محملة بالمياه والمناديل الورقية والليمون الأخضر والمياه الغازية بنكهة الزنجبيل.
يقول كارلوس غونزاليس البالغ من العمر 35 عاماً: "أنا هنا فقط إذا حلّت نهاية العالم"، مضيفاً: "أعتقد أنهم وجدوا طريقة جيدة لبيع الكثير من السلع".
(فرانس برس, العربي الجديد)