أطبق فيروس كورونا الجديد على البورصة المصرية، ليكبدها خسائر فادحة في بضع جلسات، ويدفع إدارة السوق إلى إغلاقها بشكل متكرر، وسط موجات بيع متواصلة للمؤسسات الأجنبية، التي هرعت إلى التخلص من الأسهم، في تحرك غير مسبوق منذ أكثر من 6 سنوات.
وهوى المؤشر الرئيسي للبورصة "إي جي إكس 30" بنسبة 4.84 في المائة، ليغلق عند مستوى 8756.7 نقطة في ختام تعاملات الأربعاء، بينما كان قد تجاوز الهبوط نسبة الـ 5 في المائة في بداية التعاملات، ما دفع إدارة البورصة إلى إيقاف التداول لمدة نصف ساعة، ليعد بذلك خامس إيقاف منذ بداية مارس/آذار الجاري.
وتأتي خسائر أمس لتزيد من انهيار المؤشر الرئيسي الذي هوى بأكثر من 37 في المائة في نحو 13 جلسة منذ بداية هذا الشهر، وفق رصد لـ"العربي الجديد"، ليخسر رأس المال السوقي نحو 431.5 مليار جنيه (27.3 مليار دولار)، بعد أن انحسرت القيمة السوقية للأسهم المدرجة إلى 235.4 مليار جنيه، مقابل 667 مليار جنيه بنهاية فبراير/شباط الماضي.
ويواصل المستثمرون الأجانب لا سيما المؤسسات البيع، وقد سجلت الأخيرة مبيعات صافية بقيمة 3.05 مليارات جنيه وتبعتها المؤسسات العربية بصافي بيع بنحو 244.4 مليون جنيه، بينما عجزت عمليات الشراء البالغة 3.28 مليارات جنيه من قبل المؤسسات المصرية عن إيقاف عجلة الهبوط.
وتأتي مبيعات الأجانب والخروج من السوق، رغم المغريات التي قدمتها الحكومة، في محاولة لإبقاء أموالهم التي طالما كانت وقود صعود البورصة، التي يعول عليها نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي لإعطاء انطباع للخارج حول تحسن الاقتصاد المصري.
وقررت الحكومة المصرية، الثلاثاء، خفض ضريبة الدمغة بالبورصة على غير المقيمين لتصبح 1.25 في الألف بدلا من 1.5 في الألف وعلى المقيمين لتصبح 0.5 في الألف بدلا من 1.5 في الألف لحين تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية عليهم بداية عام 2022.
كما أقرت خفض سعر ضريبة توزيعات الأرباح للشركات المسجلة في البورصة بنسبة 50 في المائة لتصبح 5 في المائة بجانب الإعفاء الكامل للعمليات الفورية على الأسهم من ضريبة الدمغة لتنشيط حجم التعامل وزيادة عمق السوق المصرية، وإعفاء غير المقيمين من ضريبة الأرباح الرأسمالية نهائيا، وتأجيل هذه الضريبة على المقيمين حتى مطلع 2022.
لكن محللين أكدوا أن هذه الإجراءات جاءت متأخرة للغاية، بعد أن تمكنت تداعيات فيروس كورونا من العديد من القطاعات الحيوية على رأسها السياحة وقناة السويس، بينما تتسلل نحو ضرب تحويلات المصريين العاملين في الخارج، خاصة بعد أن أغلقت دول الخليج أبوابها في وجه العمالة المصرية.
ووفق إحصاءات البنك المركزي، بلغت إيرادات السياحة خلال العام المالي الماضي (انقضى بنهاية يونيو/حزيران 2019) نحو 12.6 مليار دولار، مقابل قرابة 10 مليارات دولار في العام المالي السابق له، بينما بلغت عائدات قناة السويس نحو 5.7 مليارات دولار، ونحو 26 مليار دولار من تحويلات العاملين في الخارج.
ووفق خبراء اقتصاد، فإن هبوط تحويلات المصريين في الخارج، يعني انخفاض القدرة الشرائية لكثير من الأسر المصرية، كما يؤدي إلى توقف الكثير من الأعمال، ولا سيما في قطاعات الإنشاء والعقارات والتجارة التي كانت تعتمد على إنفاق المصريين في الخارج.
وتأتي تداعيات كورونا، فيما يعاني القطاع الخاص من صعوبات بالغة، حيث أظهرت مؤشرات اقتصادية سيطرة الانكماش على القطاع الخاص غير النفطي، للشهر السابع على التوالي، في فبراير/شباط الماضي، ما يزيد مخاطر دخول البلاد في أزمة اقتصادية واجتماعية، خاصة مع ارتفاع معدلات الفقر إلى مستويات غير مسبوقة، جراء السياسات التي يتبعها نظام السيسي منذ قرابة 6 سنوات.
وفي هذه الأثناء، أوصت شركة نعيم القابضة العاملة في مجال الوساطة المالية، باستغلال أي تحركات صاعدة للبورصة المصرية خلال الوقت الحالي، كفرصة للبيع، مشيرة إلى أن وقوع المؤشر الرئيسي للسوق تحت وطأة ضغوط البيع سيدفعهُ إلى مزيد من الهبوط صوب مستوى 8600 نقطة وقد تمتد نحو 7800 نقطة.
ومع ضربات كورونا لنشاط القطاع الخاص، فإن معدلات البطالة مرشحة للانفجار، كذلك فإن الموارد المالية للدولة، من الضرائب والرسوم المختلفة، قد تتراجع بنحو كبير، ما يزيد من الضغوط المالية التي تواجهها الدولة المثقلة بالديون الداخلية والخارجية.
ووفقاً لبيانات تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد، الصادر عن البنك المركزي قبل نحو شهر، قفز الدين الخارجي للبلاد بنسبة 18 في المائة على أساس سنوي بنهاية الربع الأول من العام المالي الحالي 2019/ 2020 (نهاية سبتمبر/أيلول) إلى 109.36 مليارات دولار، وارتفع الدين المحلي بنسبة 8 في المائة إلى 4.18 تريليونات جنيه (270 مليار دولار).