كورونا يضرب أسواق القدس القديمة

19 مارس 2020
حركة ضعيفة في أسواق المدينة (فرانس برس)
+ الخط -

تحولت أسواق بلدة القدس القديمة على مدى الأيام القليلة الماضية إلى ما يشبه مدينة أشباح، رغم أن العديد من المحال التجارية لا تزال مفتوحة، لكن حركة الناس هناك شبه معدومة، وغاب عنها المتسوقون بفعل تدابير الوقاية من فيروس كورونا - كوفيد 19 التي اتخذت.

يبدو مشهد تلك الأسواق أكثر وضوحاً في سوق القطانين المتاخم للمسجد الأقصى المبارك، حيث أغلقت جميع محلاته باستثناء 3 محلات فقط تطل على ملتقى شارع الواد مع الطريق المؤدي إلى ساحة البراق، وحيث تتعزز هناك تدابير الاحتلال العسكرية وتقف مجموعات من الجنود والمجندات الإسرائيليين يرتدون جميعا الكمامات الواقية.

يجلس علاء أبو ماضي في بقالته وسط شارع الواد، يمضي وقته في اللهو بهاتفه النقال، بينما يقف طفلان هما أول زبائنه منذ أكثر من ساعتين يطلبان حاجتهما التي أتيا من أجلها، في حين يجتاز الطريق قرب بقالته ثلاثة من المستوطنين بحراسة أربعة من شركات حراسة إسرائيلية خاصة تتولى حمايتهم خلال التنقل داخل البلدة القديمة من القدس.

يقول أبو ماضي لـ"العربي الجديد": "لأول مرة نعيش وضعا كهذا أشبه بمنع التجول، بعد تفشي الفيروس، ولم تعد هناك حركة تذكر في المنطقة، وفي معظم أسواق البلدة القديمة من القدس الوضع مأساوي ولا نعرف نهاية له،  بينما بالكاد ندبر أمور عائلاتنا".

ليس بعيداً عن بقالة أبو ماضي، يجلس خالد النتشة، وهو صاحب محل لبيع الألبسة، منذ ساعات الصباح دون أن يدخل محله ولو زبون واحد، بينما الحركة في الشارع تقتصر على جنود الاحتلال الذين يتبادلون أطراف الحديث مع مستوطن يدير محلا تجاريا أسفل عقار كان قد استولى عليه رئيس وزراء الاحتلال الأسبق أرئيل شارون.

يقول خالد النتشة لـ"العربي الجديد": "الوضع خطير جدا، وغامض، لا نعرف إلى متى يستمر هذا الوضع. الفيروس يشل الحركة التجارية في عموم البلدة القديمة من القدس، ولا أحد  يقدم العون والمساعدة والدعم لنا، وخوفنا يزداد كل يوم بسبب هذا الفيروس".

وهناك من يقيّم الوضع على حقيقته في القدس في هذا الوقت تحديدا، ومن هؤلاء رئيس لجنة تجار شارع صلاح الدين، حجازي الرشق، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، فقال: "الحركة التجارية في مدينة القدس ضعيفة جداً بسبب فيروس كورونا، الذي أثر على جميع دول العالم ومنها القدس المحتلة وتحديدًا البلدة القديمة. لقد أصبح الفيروس قضية عالمية، حيث شل قطاع التجارة في العديد من الدول".

أضاف: "وفي القدس، فإن البلدة القديمة كانت المتضرر الأكبر، ذلك أن العامل النفسي للمواطنين منعهم من الخروج والتجول والوصول إلى الأسواق تفادياً لانتقال العدوى، ما ترتب عليه خسائر كبيرة على أصحاب المحال التجارية، خاصة في الوقت الحالي بنهاية موسم الشتاء، لاعتمادهم على تصريف البضائع من خلال التنزيلات والحسومات، ولكن أصبح هناك تكدس للبضائع بفعل ضعف القوة الشرائية".
ويؤكد الرشق أن "المواطنين هنا في حالة تخوف من التجول والتنقل في وسائل المواصلات، حيث فرضوا على أنفسهم حجرا منزليا والتزموا منازلهم بعد شرائهم مستلزماتهم الأساسية لفترة طويلة الأمد".

ويشير الرشق إلى أن الخسارة الأكبر بالقدس هي في قطاع السياحة، حيث لا يوجد زوار من السياح في هذا الوقت بعد انتشار فيروس كورونا، فيما تكمن الخسارة في الفنادق والمطاعم ومحال الهدايا التذكارية التي يقصدها الأجانب، وباتت المحلات التجارية تغلق قبل صلاة المغرب، وهناك العديد من المحال التي لا تفتح أبوابها، كما أن بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس وممارساتها المستمرة بفرض الضرائب على التجار المقدسيين أضعفت الحركة التجارية في المدينة المقدسة.
المساهمون