على خلاف ما جرت عليه العادة، لم تهرب أموال سوق الأسهم الأميركية للسندات، التي كان ينظر إليها باعتبارها أكثر أماناً وقت اضطراب الأسواق، وهو ما ظهر في ارتفاع معدلات العائد التي يطلبها المستثمرون عند شراء تلك السندات، الأمر الذي اضطر البنك الفيدرالي للتدخل بشراء بعض أنواع السندات للحيلولة دون انخفاض أسعارها، أي ارتفاع العائد المطلوب عليها، إلى مستويات تثير قلق المتعاملين في أسواق المال الأميركية والعالمية على حدٍ سواء.
ورغم أن انخفاض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 33% منذ بداية العام، وبنسبة 54% منذ تسجيل أعلى مستوياته على الإطلاق في شهر فبراير/ شباط الماضي، تسبب في بعض الإقبال على السندات الأميركية في الأيام الأخيرة من الشهر، إلا أن الصورة في الأسابيع التي مضت من شهر مارس/ آذار الجاري أقلقت الكثيرين.
وبعد التزايد الكبير في معدل انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، ترجم الكثيرون الخسائر الكبيرة التي عانت منها العديد من الشركات الأميركية، الصغيرة والكبيرة على حد سواء، بفعل تعطل سلاسل الإمداد وتعطل الإنتاج، كما تراجع الطلب على منتجاتها وخدماتها في موسم "خليك بالبيت" الذي وحد كافة أرجاء المعمورة، على أنه دليل على تراجع قدرة تلك الشركات على الوفاء بالتزاماتها، الأمر الذي تسبب في تراجع التصنيف الائتماني للعديد منها، وبالتالي ارتفاع العائد المطلوب عند التفكير في شراء سنداتها.
ومع تراجع أسعار النفط، بفعل الحرب السعرية الجارية حالياً بين السعودية وبعض حلفائها من ناحية وروسيا من الناحية الأخرى، ازدادت التكهنات بحدوث الركود، الذي ربما يمتد ليكون كساداً كبيراً، وهو ما دفع العديد من الشركات لقبول دفع معدلات عائد مرتفعة على إصداراتها الجديدة، لكي تتمكن من جمع السيولة المطلوبة للوفاء بما يستحق من ديونها الحالية شديدة الارتفاع، حتى تتحسن الأحوال الاقتصادية، وهو ما أثر في معدلات العائد على السندات القائمة بالفعل.
اقــرأ أيضاً
ورغم تدخل بنك الاحتياط الفيدرالي في أكثر من مناسبة، وإعلان نيته ضخ مئات المليارات من الدولارات خلال الفترة القادمة، لشراء العديد من السندات من الأسواق، إلا أن جهوده ذهبت في أغلبها حتى الآن أدراج الرياح.
وفي تغريدة على حسابه على تويتر، قال الاقتصادي المصري الأميركي الشهير محمد العريان إن "الأداء بالغ السوء لسندات الشركات ذات التصنيف BBB يتماشى مع ما يتميز به القطاع حالياً من ارتفاع الرافعة (أي المديونية مقارنة بحقوق الملكية في الشركة)، الأمر الذي يعرض الكثيرين منهم إلى فقدان تصنيفهم الائتماني لدرجة الاستثمار، وأشياء أخرى".
واعتبر العريان أن "تعطل الوصول إلى التمويل الجديد يحد من فرص توفير الائتمان للشركات والسلطات المحلية وغيرها، وهو ما يضيف صدمة أخرى للأسواق التي تترنح من انتشار الفيروس وتعثر سوق الأسهم وانهيار أسعار النفط".
أيضاً ارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية بصورة ملحوظة خلال الأيام القليلة الماضية، وأرجع مارتين تيلير، المستشار المالي وخبير أسواق المال، السبب في ذلك إلى زيادة الدين العام الأميركي، وما استلزمه من زيادة كبيرة في إصدار السندات الأميركية.
وتزامنت كلمات تيلير مع إعلان الحكومة الفيدرالية تقديم حزم تحفيز للاقتصاد، وتعويض للأفراد والشركات المتضررين من أزمتي الفيروس وحرب النفط السعرية، بقيمة تتجاوز 1.3 تريليون دولار، وربما تصل إلى تريليوني دولار، وهو ما يعني توجه الإدارة الأميركية الحالية لاقتراض ذلك المبلغ، إضافة إلى العجز الحالي في الموازنة الأميركية، والذي كان يقدر بأكثر من 1 تريليون دولار قبل اندلاع الأزمتين.
وانتقد تيلير، في مقالٍ حديث له على موقع ناسداك، تقليل البعض من أهمية ضخامة المديونية الأميركية الحالية (23 تريليون دولار)، وقال إنهم "افترضوا خطأً أن الأمور ستبقى على ما هي عليه، إلا أنه في نقطة معينة، قد تتسبب دورة الاقتصاد المعتادة، أو أي كارثة غير متوقعة، في حدوث تراجع في الأسواق، ووقتها سيمثل العجز مشكلة كبيرة".
ولم يسلم قطاع سندات الرهون العقارية من وباء ارتفاع العائد، حيث تجاوز، في مشهد غير سعيد للمواطن الأميركي الحالم بالحصول على قرض عقاري بمعدل فائدة منخفض، معدل الـ4% في آخر تعاملات الأسبوع الماضي، ورغم تجاوز هذا المعدل على نفس النوع من السندات قبل أقل من سنة، وتحديداً في شهر مايو / آيار من العام الماضي، إلا أن بنك الاحتياط الفيدرالي خفض معدلات الفائدة على أمواله بعد تسجيل هذا المعدل بمقدار 2.25%، الأمر الذي يزيد من تعقد مشهد ارتفاعه إلى ذلك المستوى عند المعدلات الحالية للعائد على أموال البنك.
وبعد انخفاض معدل العائد على سندات الخزانة الأميركية لثلاثين عاماً إلى مستويات غير مسبوقة ووصوله إلى أقل من 1%، الأمر الذي كان يفرض انخفاض العائد على سندات الرهن العقاري، لم نشهد إلا انخفاضاً طفيفاً، قبل أن يرتد لأعلى مع تعقد أزمة انتشار الفيروس، وامتدادها إلى مختلف النواحي المالية والاقتصادية في العالم، ليتجه المستثمرون نحو الاحتفاظ بالسيولة، حتى تستقر الأمور.
ويأتي ارتفاع العائد على السندات بأنواعها المختلفة على الرغم من إعلان البنك الفيدرالي "المفاجئ"، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، عن نيته شراء 200 مليار دولار من سندات الرهن العقاري خلال الشهر القادم، أتم أكثر من ثلثها في الأيام الخمسة الأولى بعد الإعلان عن القرار، لتوفير الدعم اللازم لها، ومنع معدل العائد عليها من الارتفاع.
ورغم تدخل البنك الفيدرالي في سوق السندات وشرائه كل تلك الكميات منها، استمر ارتفاع العائد على سندات الرهن العقاري، وتجاوز ارتفاع العائد على كافة أنواع السندات الأميركية الأخرى.
اقــرأ أيضاً
ويوم الخميس الماضي، وصل الفارق بين العائد على سندات الرهن العقاري وسندات الخزانة الأميركية لنفس المدة إلى 130 نقطة أساس، بينما كان 44 نقطة فقط منتصف فبراير/ شباط الماضي.
ولا يحدد البنك الفيدرالي معدلات الفائدة على أي نوع من السندات، ولا على قروض الرهن العقاري، إلا أن الأخيرة تتأثر بصورة واضحة بمعدلات العائد على السندات طويلة الأجل، لمدة 10 و30 عاماً.
وارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 1.18% يوم الأربعاء، وهو أعلى مستوى له هذا الشهر، قبل أن يرتد مرة أخرى إلى نحو 1%. ومع اضطرار العديد من صناديق الاستثمار لبيع السندات لتوفير السيولة، وصل عائد العشر سنوات لأكثر من ضعف ما كان عليه قبل أسبوعين.
ورغم أن انخفاض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 33% منذ بداية العام، وبنسبة 54% منذ تسجيل أعلى مستوياته على الإطلاق في شهر فبراير/ شباط الماضي، تسبب في بعض الإقبال على السندات الأميركية في الأيام الأخيرة من الشهر، إلا أن الصورة في الأسابيع التي مضت من شهر مارس/ آذار الجاري أقلقت الكثيرين.
وبعد التزايد الكبير في معدل انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، ترجم الكثيرون الخسائر الكبيرة التي عانت منها العديد من الشركات الأميركية، الصغيرة والكبيرة على حد سواء، بفعل تعطل سلاسل الإمداد وتعطل الإنتاج، كما تراجع الطلب على منتجاتها وخدماتها في موسم "خليك بالبيت" الذي وحد كافة أرجاء المعمورة، على أنه دليل على تراجع قدرة تلك الشركات على الوفاء بالتزاماتها، الأمر الذي تسبب في تراجع التصنيف الائتماني للعديد منها، وبالتالي ارتفاع العائد المطلوب عند التفكير في شراء سنداتها.
ومع تراجع أسعار النفط، بفعل الحرب السعرية الجارية حالياً بين السعودية وبعض حلفائها من ناحية وروسيا من الناحية الأخرى، ازدادت التكهنات بحدوث الركود، الذي ربما يمتد ليكون كساداً كبيراً، وهو ما دفع العديد من الشركات لقبول دفع معدلات عائد مرتفعة على إصداراتها الجديدة، لكي تتمكن من جمع السيولة المطلوبة للوفاء بما يستحق من ديونها الحالية شديدة الارتفاع، حتى تتحسن الأحوال الاقتصادية، وهو ما أثر في معدلات العائد على السندات القائمة بالفعل.
ورغم تدخل بنك الاحتياط الفيدرالي في أكثر من مناسبة، وإعلان نيته ضخ مئات المليارات من الدولارات خلال الفترة القادمة، لشراء العديد من السندات من الأسواق، إلا أن جهوده ذهبت في أغلبها حتى الآن أدراج الرياح.
وفي تغريدة على حسابه على تويتر، قال الاقتصادي المصري الأميركي الشهير محمد العريان إن "الأداء بالغ السوء لسندات الشركات ذات التصنيف BBB يتماشى مع ما يتميز به القطاع حالياً من ارتفاع الرافعة (أي المديونية مقارنة بحقوق الملكية في الشركة)، الأمر الذي يعرض الكثيرين منهم إلى فقدان تصنيفهم الائتماني لدرجة الاستثمار، وأشياء أخرى".
واعتبر العريان أن "تعطل الوصول إلى التمويل الجديد يحد من فرص توفير الائتمان للشركات والسلطات المحلية وغيرها، وهو ما يضيف صدمة أخرى للأسواق التي تترنح من انتشار الفيروس وتعثر سوق الأسهم وانهيار أسعار النفط".
أيضاً ارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية بصورة ملحوظة خلال الأيام القليلة الماضية، وأرجع مارتين تيلير، المستشار المالي وخبير أسواق المال، السبب في ذلك إلى زيادة الدين العام الأميركي، وما استلزمه من زيادة كبيرة في إصدار السندات الأميركية.
وتزامنت كلمات تيلير مع إعلان الحكومة الفيدرالية تقديم حزم تحفيز للاقتصاد، وتعويض للأفراد والشركات المتضررين من أزمتي الفيروس وحرب النفط السعرية، بقيمة تتجاوز 1.3 تريليون دولار، وربما تصل إلى تريليوني دولار، وهو ما يعني توجه الإدارة الأميركية الحالية لاقتراض ذلك المبلغ، إضافة إلى العجز الحالي في الموازنة الأميركية، والذي كان يقدر بأكثر من 1 تريليون دولار قبل اندلاع الأزمتين.
وانتقد تيلير، في مقالٍ حديث له على موقع ناسداك، تقليل البعض من أهمية ضخامة المديونية الأميركية الحالية (23 تريليون دولار)، وقال إنهم "افترضوا خطأً أن الأمور ستبقى على ما هي عليه، إلا أنه في نقطة معينة، قد تتسبب دورة الاقتصاد المعتادة، أو أي كارثة غير متوقعة، في حدوث تراجع في الأسواق، ووقتها سيمثل العجز مشكلة كبيرة".
ولم يسلم قطاع سندات الرهون العقارية من وباء ارتفاع العائد، حيث تجاوز، في مشهد غير سعيد للمواطن الأميركي الحالم بالحصول على قرض عقاري بمعدل فائدة منخفض، معدل الـ4% في آخر تعاملات الأسبوع الماضي، ورغم تجاوز هذا المعدل على نفس النوع من السندات قبل أقل من سنة، وتحديداً في شهر مايو / آيار من العام الماضي، إلا أن بنك الاحتياط الفيدرالي خفض معدلات الفائدة على أمواله بعد تسجيل هذا المعدل بمقدار 2.25%، الأمر الذي يزيد من تعقد مشهد ارتفاعه إلى ذلك المستوى عند المعدلات الحالية للعائد على أموال البنك.
وبعد انخفاض معدل العائد على سندات الخزانة الأميركية لثلاثين عاماً إلى مستويات غير مسبوقة ووصوله إلى أقل من 1%، الأمر الذي كان يفرض انخفاض العائد على سندات الرهن العقاري، لم نشهد إلا انخفاضاً طفيفاً، قبل أن يرتد لأعلى مع تعقد أزمة انتشار الفيروس، وامتدادها إلى مختلف النواحي المالية والاقتصادية في العالم، ليتجه المستثمرون نحو الاحتفاظ بالسيولة، حتى تستقر الأمور.
ويأتي ارتفاع العائد على السندات بأنواعها المختلفة على الرغم من إعلان البنك الفيدرالي "المفاجئ"، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، عن نيته شراء 200 مليار دولار من سندات الرهن العقاري خلال الشهر القادم، أتم أكثر من ثلثها في الأيام الخمسة الأولى بعد الإعلان عن القرار، لتوفير الدعم اللازم لها، ومنع معدل العائد عليها من الارتفاع.
ورغم تدخل البنك الفيدرالي في سوق السندات وشرائه كل تلك الكميات منها، استمر ارتفاع العائد على سندات الرهن العقاري، وتجاوز ارتفاع العائد على كافة أنواع السندات الأميركية الأخرى.
ولا يحدد البنك الفيدرالي معدلات الفائدة على أي نوع من السندات، ولا على قروض الرهن العقاري، إلا أن الأخيرة تتأثر بصورة واضحة بمعدلات العائد على السندات طويلة الأجل، لمدة 10 و30 عاماً.
وارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 1.18% يوم الأربعاء، وهو أعلى مستوى له هذا الشهر، قبل أن يرتد مرة أخرى إلى نحو 1%. ومع اضطرار العديد من صناديق الاستثمار لبيع السندات لتوفير السيولة، وصل عائد العشر سنوات لأكثر من ضعف ما كان عليه قبل أسبوعين.