كورونا في إيران: حجرٌ على مواقع التواصل

28 فبراير 2020
اتهامات للسلطات الإيرانية بالتستر والتقصير (الأناضول)
+ الخط -
فيما تسود حالة ذعر وخوف المجتمع الإيراني من جراء تفشي فيروس كورونا المستجدّ في البلاد، الذي طاول حتى الآن 21 محافظة من أصل 31، توجه السلطات الإيرانية أصابع الاتهام إلى "مروجي الإشاعات" على شبكات التواصل الاجتماعي، معلنةً تشديد إجراءاتها الافتراضية، وتشكيل مجموعة عمل "للتصدي للإشاعات" على هذه المنصات التي تنتشر على نطاق واسع في إيران رغم حظر معظمها.

والأربعاء، أعلن رئيس الشرطة الإلكترونية الإيرانية، العميد وحيد مجيد، أن الشرطة ترصد "جميع التيارات الخبرية على العالم الافتراضي ومصادر نشر الأخبار"، مؤكداً أنها تلاحق "قانونياً المتورطين في نشر محتويات تشمل فيديوهات وأخبار وصور، تتضمن إشاعات وأكاذيب تستهدف التشويش على الرأي العام وزيادة القلق في المجتمع".
وكشف مجيد عن اعتقال 24 شخصاً وتسليمهم للسلطة القضائية في أعقاب عملية الرصد وتشكيل مجموعة عمل خاصة في الشرطة الإلكترونية للتصدي لـ"مثيري الإشاعات" في العالم الافتراضي حول تفشي مرض كورونا.

ومنذ الإعلان الرسمي لأولى حالات الإصابة بكورونا في إيران، يوم التاسع عشر من الشهر الجاري، بدأت تجتاح شبكات التواصل الاجتماعي انتقادات واتهامات متعددة للسلطات الصحية الإيرانية، بدءاً من اتهامها بالتأخر في إعلان انتقال عدوى كورونا إلى إيران، وما تبعه من اتخاذ تدابير واقية متأخرة، محملةً إياها مسؤولية التفشي السريع للمرض في البلاد، ومروراً بانتقادات لرفض عزل مدينة قم، بؤرة انتشار الفيروس، ووصولاً إلى مهاجمة قرار محتمل بإعادة فتح المدارس والجامعات بعد حديث للرئيس الإيراني، حسن روحاني، الثلاثاء، عن "عودة الأمور إلى طبيعتها" اعتباراً من يوم الغد، السبت.

واتّهمت منظمة "مراسلون بلا حدود" إيران بالتستّر على تفشي الفيروس. وقالت المنظمة: "تؤكد السلطات أنها تسيطر على الوضع، لكنها ترفض كشف العدد الدقيق للمصابين والمتوفين وتمنع الصحافيين من القيام بعملهم". وكتبت: "في 23 شباط/فبراير استُدعي الصحافي المستقل محمد مساعد وخضع للاستجواب أمام عناصر جهاز استخبارات حرس الثورة بعد نشر رسائل حول الوباء على مواقع التواصل الاجتماعي". وأكدت الإفراج عنه، لكنّ حسابيه على تويتر وتلغرام أُغلقا، وكذلك حُجز هاتفه النقال وجهاز الكمبيوتر الخاص به.

في المقابل، ظلّت السلطات الإيرانية، وفي مقدمتها وزارة الصحة الإيرانية، تنفي صحة الاتهامات عبر منصات التواصل الاجتماعي، رافضةً في الوقت نفسه، الطلبات لإغلاق مدينة قم، معتبرًة أنها طريقة "غير علمية وقديمة". واستخدمت الوزارة حسابات مسؤوليها، خاصة المتحدث باسمها كيانوش جهانبور، ومستشار الوزير علي رضا وهاب زادة لنشر آخر الأرقام والإحصائيات بشأن ضحايا كورونا في البلاد.

بدوره، يتعاطى الإعلام الرسمي المتمثل بقنوات التلفزيون والإذاعة وصحف، موضوع كورونا، في وقت تراجعت فيه ثقة المواطنين به، بعد حادث إسقاط الطائرة الأوكرانية الشهر الماضي. ويحاول هذا الإعلام من خلال نشر تقارير وإجراء مقابلات مع المسؤولين والخبراء، تقليل المخاوف من جراء انتشار كورونا، والرد على "الإشاعات"، ومواجهة "الحرب النفسية" أو "حرب الإشاعات"، التي يقول إن الإيرانيين يواجهونها بسبب كورونا، معتبراً أنها تستهدف أمنهم النفسي. وتركز قنوات التلفاز الإيراني على نشر أوضاع كورونا وتفشيه في المزيد من دول العالم بشكل سريع، في محاولة لإظهار أنه مشكلة عالمية ولا يخصّ إيران وحدها.
لكن مهما حاولت هذه القنوات طمأنة الشارع، والتقليل من خطورة فيروس كورونا واعتباره أقل خطورة من الإنفلونزا B، فمفاعيل تغطيتها في التأثير بقناعات المواطنين لا تضاهي تأثيرات الكمّ الهائل من المواد التي تنشر على شبكات التواصل بشأن كورونا، سواء كانت أنباءً حقيقية أو إشاعات كاذبة، خاصة على المنصتين "تليغرام" و"إنستغرام" الأكثر انتشاراً في إيران. وبحسب بيانات سابقة لمركز "إيسبا" الإيراني لقياس الأفكار والاستطلاعات، فإن 55.9 في المائة من سكان إيران البالغ عددهم 81 مليون نسمة، يستخدمون تطبيق "تليغرام" المحظور، تليه منصة "إنستغرام" حيث يبلغ عدد مستخدميه 29.5 في المائة.

وخلال الأسبوع الذي مرّ على إعلان وصول كورونا إلى إيران، وإلى جانب الأنباء والإشاعات التي راجت على شبكات التواصل في إيران، اجتاحها نوع آخر من المواد، هي وصفات طبية غير علمية للمصابين بكورونا، تزعم اكتشاف دواء لعلاجهم أو إعلانات تجارية تستغل الظروف الصعبة التي يعيشها المجتمع الإيراني للترويج لهذه الوصفات أو مستلزمات طبية، منها كمامات وأقنعة أو مواد معقمة بأسعار عالية.

وفي هذا الإطار، كشف المتحدث باسم منظمة "التعزيرات الحكومية" التابعة للسلطة القضائية، ياسر رايغاني، الثلاثاء، عن ملاحقة الممثلة الإيرانية الشهيرة، بهنوش بختياري قانونياً، بسبب نشرها إعلاناً دعائياً لـ"شراب الوقاية من فيروس كورونا" على حسابها بإنستغرام. وقامت شركة "فيسبوك"، الأربعاء، بحظر إعلاناتٍ تروّج لعلاج كورونا على منصّاتها.

لكن لا يخفى أن هذه الشبكات في ظل انتشارها الواسع في إيران، رغم حظر معظم منصاتها، مثل "تويتر" و"إنستغرام" و"فيسبوك"، تؤدي دوراً بارزاً هذه الأيام، في توعية المواطنين الإيرانيين على طرق مواجهة كورونا من خلال تداول مواد تعليمية وطبية. كذلك فإنها في الوقت ذاته تحولت إلى وسيلة للتسلية والترفيه في هذه الأوقات العصيبة، مثلهم مثل بقية الشعوب في العالم. وخلال الأيام الماضية، انتشر وسم #كرونا_را_شكست_مي‌دهيم (سنهزم كورونا) بغية رفع معنويات الإيرانيين والمصابين بفيروس كورونا.

وفي السياق، نشر مستخدمون اليوم الأربعاء، صورة سيلفي لمصاب بكورونا يدعى "ميثم سعيدي" مع ممرضين في المستشفى، مرفقة بهشتاغ #كرونا_را_شكست_مي‌دهيم. كذلك نشر مستخدمون فيديوهات وكتابات تحتوي على نكت مضحكة، منها حول طريقة التسليم والمصافحة بالأرجل بعد تعليمات صحية بعدم المصافحة بالأيدي.
المساهمون