تتزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا في الدنمارك، خصوصاً في البلديات التي يقطنها مواطنون من خلفيات إثنية غير دنماركية. ومنذ تفشي الوباء في الدنمارك، وبعد تسجيل أكثر من مليون ونصف المليون فحص، وتأكيد إصابة أكثر من 16 ألف شخص، يعود نقاش دنماركي، سياسي وصحي، حول تتبّع المرض ونأي البعض عن القول إنّ الفيروس ينتشر بين البيئات المهاجرة بحجة "الخوف من تهمة العنصرية". ومع بدء فرض السلطات الكمامات في الحافلات والقطارات، وكلّ وسائل النقل العام، أمس الأول السبت، في عموم أنحاء الدنمارك، بعدما اقتصرت خلال الأسبوع الماضي على المدينة الثانية حجماً وسكاناً، آرهوس، يثار سجال حول زيادة المصابين في بلديات يقطنها مهاجرون. ويتعلق الأمر ببعض بلديات آرهوس وغرب العاصمة كوبنهاغن، ففي الأخيرة، خصوصاً في توستروب وإيسهوي وبروندبي، سُجلت أكثر الإصابات بين من هم من أصول مهاجرة.
وفي بداية انتشار الوباء في فبراير/شباط الماضي، نأت السلطات الصحية بنفسها عن تصنيف أسماء المصابين وأماكن سكنهم، لكنّ ارتفاع عدد الإصابات بات يدفع بعض رؤساء البلديات، لأسباب تتعلق بتتبع خيوط الإصابات، إلى الطلب بالتصريح بإجابات ملموسة عن عرق وجنس وجغرافيا الإصابات المنتشرة في بلديات غرب كوبنهاغن. وبحسب تصريحات البروفسور في مستشفى "فيدأوفر" توماس بينفيلد، فإنّ تلك البلديات "يجب أن تحصل على المعلومات الدقيقة عن الإصابات، وأعرف أنّ هناك خشية من ملامسة الأمر حين يتعلق بمجموعات من خلفيات عرقية أخرى، لأنّ هناك خوفاً من تسمية ذلك بالعنصرية، لكنّ الأمر يتعلق بشيء أكبر من ذلك، وهو السيطرة على الجائحة". وتشير تقارير صحية وصحافية إلى أنّ 7 من 10 بلديات غربي العاصمة، تضم تجمعات من أصول مهاجرة، تشهد انتشاراً أكبر في نسب العدوى. وكان مسؤولو إدارة الصحة الدنماركية أشاروا في مؤتمر صحافي إلى أنّه "يجب الانتباه جيداً لبلديتي إيسهوي وغلوستروب، غربي كوبنهاغن، بسبب اتساع نطاق العدوى فيهما".
خلال الأشهر الماضية، ظلت أحزاب سياسية محسوبة على اليمين، واليمين المتشدد، تنتقد سياسة حكومة يسار الوسط، متهمة إياها بالتعتيم على أرقام الإصابات بين العرقيات في البلاد. واعتبرت بلدية ايسهوي من أكثر البلديات تأثراً بانتشار الجائحة، تبعاً لنسبة المصابين من سكانها. ودفع ذلك بعمدة المدينة، من الحزب الاجتماعي الديمقراطي الحاكم، أولي بيورستروب، إلى انتقاد "غياب دعم لازم من السلطات لتحديد وتتبع العدوى، ومرة واحدة فقط حصلنا على مساعدة معهد الأمصال الوطني (الجهة الرسمية التي تسجل عدد الإصابات اليومية) ولم تكن كافية بما احتوته من معلومات للتتبع". وظلّ المعهد، والسياسيون، يرفضون تصنيف العدوى على الخلفية العرقية إلى أن بات الوضع صعباً مع زيادة الإصابات. وتكشف التقارير أنّ "غياب شفافية التصريح بخلفية المصاب" أدى إلى أن يصبح نصف مصابي مدينة آرهوس، وسط غرب، من الجذور الصومالية. وبالرغم من أنّ صوماليي المدينة أبدوا تعاوناً مع السلطات، وذهبت أنديتهم وروابطهم ومساجدهم للطلب خلال الأسبوع الماضي من مرتاديها البقاء بعيداً عن "التجمع في المقاهي وأخذ الحذر في مسألة التباعد الاجتماعي" فذلك لم يوقف السجال حول عموم "المهاجرين من أصول غير غربية" خصوصاً المسلمين. وأثارت مشاركة مئات من المهاجرين في جنازات، انتقادات إعلامية وصحية لـ"عدم الالتزام بما تصدره سلطات البلاد". وأشارت الإحصاءات الرسمية الجديدة إلى أنّ نصف إصابات الدنمارك هي لمواطنين من أصول مهاجرة، لكن من دون الإدلاء بمعلومات عن المصابين. وبالرغم من أنّ بعض البلديات لا يشكل المهاجرون فيها أكثر من 3 إلى 4 في المائة من عدد السكان، كحالة آرهوس، لكنّ نسبتهم المرتفعة من مجموع الإصابات تثير السجال.
واستغل حزب الشعب الدنماركي (يمين متشدد) مشهد الجنازات، بالرغم من انتشار الشرطة الموكلة فرض تباعد وعدم مشاركة أكثر من 200 شخص، في دعوات لفرض "سوار إلكتروني على المصابين" من خلفيات إثنية غير دنماركية. وتعالت أيضاً أصوات سياسية وإعلامية، بعدما اضطر معهد الأمصال الوطني إلى تسليم بيانات بأسماء وخلفيات المصابين، لتشديد الإجراءات في التجمعات السكنية التي يقطنها مهاجرون. ويطالب رؤساء بلديات مختلفة، ومنها هوي توستروب (قرب العاصمة كوبنهاغن)، وزير الصحة الدنماركي، مانوس هونيكي، بضرورة اتباع الشفافية في المعلومات.
سرية المعلومات
سرية الرقم الوطني للأفراد فرضت منع الإدلاء بأسماء المصابين بفيروس كورونا الجديد في الدنمارك. لكنّ وزارة الصحة بدأت، بسبب الخوف من فقدان السيطرة على الوباء، سياسة جديدة "بتسليم المعلومات للموظفين الموثوق بهم، مع الحفاظ على سرية وحقوق المواطنين وأرقامهم الوطنية" بحسب وزير الصحة ماغنوس هونيكي.