قبل أسابيع كانت شوارع بيروت تغصّ بالمتظاهرين، وفشلت كلّ محاولات قوات الأمن في إخلائهم من الميادين، وكذلك فشلت المبادرات السياسية في أن تعيد الهدوء إلى الشارع.
لكن فيروس كورونا حوّل شوارع المدينة إلى أماكن شبه مقفرة، تلك التي كانت تصخب نهاراً وليلاً، إن لم يكن بـ الاحتجاجات فبالفعاليات والعروض الموسيقية والمسرحية وأماكن السهر.
لبنان اليوم يعرف 99 حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد، وأُعلن عن ثلاث حالات وفاة، وحالة واحدة تعافت. انهيار اقتصادي وإحباط أضيف إليها اليوم خطر انتشار الوباء في ظلّ ظروف حرجة.
الثقافة ليست في برج عاجي، ولا هي بمعزل عن التأثّر بهذا المناخ من الترقّب والخوف، وإن حاول اللبنانيون تقليد الإيطاليين بالوقوف على البلكونات والرقص والغناء، لكن الواقع يقول غير ذلك.
فعاليات جرى تأجيلها لأجل غير مسمّى، ومراكز ثقافية عُرفت بنشاطها وتأثيرها أوصدت أبوابها وأعلنت تعليق كلّ أنشطتها بسبب الوباء، وهذه نفسها كانت قد علّقت أنشطتها الأشهر الماضية بسبب الانتفاضة والاحتجاجات، فلنا أن نتخيّل حجم الكساد الثقافي وتضرّر القطاع مادياً ومعنوياً خلال الأشهر الماضي التي يكلّلها اليوم كورونا.
"دار النمر للفن والثقافة" أعلنت "تمّ تأجيل البرامج العامة بسبب الظروف الحالية في البلاد"، المؤسسة التي عرفت نشاطاً كبيراً في النصف الأول من العام الماضي توقّفت في الثلث الأخير تضامناً مع اللبنانيين في الشارع، وفي الشهرين الأوّلين من هذا العام اقتصرت في برامجها على عروض سينمائية أسبوعية وهي الآن تعلّق كل شيء بانتظار الآتي.
كذلك نشر "متحف سرسق" على موقعه الرسمي إعلاناً "في ضوء التدابير الأخيرة على مستوى الدولة لمنع انتشار فيروس كورونا، ولضمان سلامة زوارنا، سيغلق "متحف سرسق" أبوابه في الوقت الحالي وحتى إشعار آخر".
كذلك أعلن "المركز الثقافي الفرنسي" بكلّ فروعه في لبنان إغلاق أبوابه أمام الجمهور، وتعليق كلّ برامجه إلى أجل غير مسمّى ناشراً على موقعه بعض إجراءات السلامة والوقاية. وكذلك فعل غاليري "جانين ربيز"، و"صالح بركات"، و"أجيال"، وجرى إغلاق كافّة المتاحف الوطنية.
أما الأحياء التي كانت تضجّ بالموسيقى والحياة، كالجميزة والحمراء ومار مخايل فقد نشر ساكنوها صوراً محزنة لها وهي تخلو من الناس وتغرق في الهدوء والصمت.