كورونا: الروس متشائمون

05 اغسطس 2020
أسرة روسية نموذجية (غافريل غريغوروف/ Getty)
+ الخط -

ستؤجل أزمة فيروس كورونا الجديد خطط روسيا لتخفيض عدد الفقراء في البلاد بمقدار النصف بحلول عام 2024، أقلّه حتى عام 2030. الأحوال المعيشية تزداد صعوبة مع تراجع اقتصادي واضح، ما يرجح ازدياد عدد الفقراء هذا العام، عن العدد الذي سجل العام الماضي، والذي بلغ نحو 18 مليون نسمة، أي 12.3 في المائة من إجمالي عدد سكان البلاد البالغ 147 مليون نسمة، ممن يقلّ دخلهم عن الحد الأدنى للمعيشة في إقليمهم.
هذا الوضع يزيد استياء الروس من أوضاعهم المعيشية وتشاؤمهم من المستقبل، إذ أظهر استطلاع أجرته "المدرسة العليا للاقتصاد" في موسكو أنّ 43 في المائة من المشاركين أقروا بتدهور أوضاعهم المادية خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بينما أعرب 10 في المائة فقط عن قناعتهم بأنّ الوضع سيتحسن خلال الأشهر الـ12 المقبلة. وخرج الاستطلاع بنتيجة مفادها أنّ "الزيادة المفاجئة للتشاؤم جاءت رداً على هجوم فيروس كورونا غير المتوقع تماماً والذي رافقته إجراءات تقييدية متشددة كادت أن تعطل نشاط العديد من القطاعات".

قضايا وناس
التحديثات الحية

مع ذلك، يشير كبير الباحثين في معهد علم الاجتماع، التابع لـ"أكاديمية العلوم الروسية" أندريه أندرييف، إلى أنّ جميع المواطنين الروس يدركون أنّ أزمة كورونا جاءت بصفتها ظرفاً قهرياً لا يمكن تحميل أحد المسؤولية عنه. ويقول أندرييف لـ"العربي الجديد": "هناك شعور عام بتراجع توتر السكان في موسكو على الأقل، وقد انتهت حالة الصدمة بالرغم من أنّ هناك عدداً غير قليل من الأشخاص على مستوى البلاد وجدوا أنفسهم في وضع صعب. ومن بين هؤلاء، على سبيل المثال، من حصلوا على قروض الرهن العقاري قبيل اندلاع الأزمة، ثم فقدوا عملهم على إثرها ولم يتمكنوا من إيجاد مصدر دخل آخر سريعاً". وحول أمزجة الروس تجاه مستقبلهم المعيشي، يضيف: "بالطبع، ليست هناك بوادر لأيّ تفاؤل كبير وحتى الحكومة لا تخفي ذلك. لا يشعر الناس بالبهجة من الوضع الراهن، لكنّهم يدركون أنّ هذا ظرف قهري لا يمكن تحميل أحد المسؤولية عنه". 
وأظهر استطلاع أجراه "مركز عموم روسيا لدراسة الرأي العام" أنّ أمزجة الروس تشهد تحسناً تدريجياً في ظل ارتفاع نسبة من يعتبرون الوضع في البلاد جيداً نسبياً، من 41 في المائة إلى 49 في المائة. وبالرغم من أنّ 9 في المائة فقط ممن استطلعت آراؤهم اعتبروا الوضع الاقتصادي الراهن جيداً، فإنّ 47 في المائة أعربوا عن رضاهم عن نمط حياتهم. 
بالترافق مع أزمة كورونا، أعلنت السلطات الروسية عن عدد من الإجراءات من شأنها دعم السكان، بما في ذلك مساعدة العاطلين من العمل وصرف معونات إضافية لعائلات تضمّ أطفالاً وبعض الإعفاءات الضريبية وتأجيل أقساط القروض وغيرها من التسهيلات. وقُدرت القيمة الإجمالية لإجراءات الدعم بنحو 3 تريليونات روبل (أكثر من 40 مليار دولار أميركي).
وفي هذا الإطار، يشير الباحث في "مجموعة الخبراء الاقتصاديين" في موسكو، أليكسي بالايف إلى أنّ هذا الدعم أقلّ كثيراً مما قدمته الدول المتقدمة الأخرى للسكان، مضيفاً: "اختارت روسيا النموذج المحافظ للدعم على عكس الدول المتقدمة التي خصصت دعماً مباشراً بقيمة تبدأ من 10 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي. لكن في الوقت نفسه، فإنّ الدعم بهذا الحجم كان سيؤدي في الحالة الروسية إلى استنفاد صندوق الرفاه الوطني البالغ رصيده وقت بدء أزمة كورونا نحو 230 مليار دولار".

ومن المؤشرات التي تزيد من تشاؤم الروس حول مستقبلهم، ارتفاع عدد العاطلين من العمل المسجلين إلى نحو 4.6 ملايين شخص أو 6.2 في المائة من الأيدي العاملة، وفق بيانات هيئة الإحصاء الروسية "روس ستات" عن يونيو/ حزيران الماضي، فيما يعدّ أعلى معدل للبطالة منذ ثماني سنوات.

المساهمون