لم تتوقف السيدة الفلسطينية هديل أحمد، منذ مطلع مارس/آذار الماضي، عن محاولات الدخول إلى عالم التعليم الإلكتروني من أجل مساعدة أبنائها الثلاثة، تماشياً مع خطة بديلة وضعتها وزارة التربية والتعليم في غزة لخلق آلية للتواصل مع الطلبة وذويهم في ظل تفشي فيروس كورونا.
وقالت لـ"العربي الجديد" إنّ "الدخول إلى عالم التعليم الإلكتروني صعب ومرهق، ولا يحقق الفائدة المرجوة لأبنائي، عدا عن عدم توفر أجهزة حاسوب خاصة لكل واحدٍ منهم بسبب ظروفنا الاقتصادية الصعبة".
وألقت جائحة كورونا بظلالها على قطاع التعليم، ودفعت وزارة التربية والتعليم إلى إغلاق المؤسسات التعليمية كافة لمنع تفشي الفيروس، بعد اكتشاف أول إصابة داخل المجتمع قبل اكتمال الشهر الأول من العام الدراسي الذي قررت الوزارة افتتاحه مبكراً.
وتشكل الظروف الاقتصادية عائقاً كبيرا أمام سكان قطاع غزة، حيث ثلث الأسر الفلسطينية لديها جهاز حاسوب واحد، فيما لا تملك ثلثي الأسر المتبقية المال لشراء هذه الأجهزة، ما يجعل العملية التعليمية الإلكترونية شبه مستحيلة.
ويعد التعليم عبر الإنترنت أمرا حديثاً بالنسبة للفلسطينيين في ظل عدم وجود تجارب سابقة قبل جائحة كورونا، وتشكل أزمة الكهرباء أحد أبرز عوائق المسيرة التعليمية في قطاع غزة، وخاصة إذا استعانت الوزارة بالتعليم الإلكتروني، إذ تصل الكهرباء إلى بيوت الغزيين في أحسن الأحوال لمدة 8 ساعات فقط في اليوم.
ويشكو الفلسطيني محمد صافي من صعوبة التعليم الإلكتروني بالنسبة لأبنائه الأربعة، مبيناً أنّ عدم توفر الإنترنت والكهرباء بشكل دائم يعد عائقاً حقيقياً. وأكّد صافي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "اختلاف مستويات الأبناء التعليمية يشكل حالة إرهاق كبيرة للأبوين في حال التعليم عن بعد، بينما في التعليم الوجاهي تكون العملية تكاملية بين المدرسة والأسرة".
وأكّدت وزارة التربية والتعليم في غزة أنّ التعليم الإلكتروني لا يشكل بديلاً عن التعليم الوجاهي، لكن في حين انتظم بعض الطلبة في مدارسهم بالضفة الغربية وفقاً لشروط السلامة والوقاية، قررت السلطات في غزة تأجيل استئناف الدراسة بسبب عدم ملائمة الظروف الصحية في القطاع.
وأكد وكيل وزارة التربية والتعليم بغزة، زياد ثابت، أنّ "التعليم عن بعد ليس بديلاً عن التعليم الوجاهي طالما لم يتمكن جميع الطلبة من الوصول إليه بسهولة ويسر"، وأوضح لـ"العربي الجديد" أنّ "الوزارة ستعكف على تطوير كفاءة المعلمين في التعليم عن بعد، والمستقبل القريب سيجبر الجميع على هذا النوع من التعليم، وينبغي نشر ثقافة التعليم الإلكتروني في المدرسة والبيت والمجتمع، وأهمية التدرج في توظيفه بما يتوافق مع إمكانات الوزارة وأولياء الأمور".
وتعتمد التربية والتعليم منصات إلكترونية للمواد التعليمية بأنواعها، لتعزيز وتطوير مصادر التعليم والتعلم المتاحة للطلبة في كافة المستويات، وتوقع ثابت أن "يبدأ الاعتماد على التعليم الإلكتروني خلال العام الحالي بنسبة 5 إلى 10 في المائة وفقاً لسيناريوهات العمل المعتمدة في ظل الظروف الصحية السائدة، على أن تزيد هذه النسبة وفقاً لما يتحقق من توفير للإمكانيات اللازمة لهذا النوع من التعليم خلال السنوات التالية".
ووفقاً للكتاب الإحصائي السنوي لوزارة التربية والتعليم في غزة، فإنّ أكثر من نصف مليون طالب يدرسون في 751 مدرسة موزعة على محافظات القطاع، وتشرف وزارة التربية والتعليم على 414 مدرسة، وتشرف وكالة "أونروا" على 178 مدرسة، فيما يشرف القطاع الخاص على 61 مدرسة، فضلا عن رياض الأطفال والجامعات.
واعتمدت وزارة التربية والتعليم نتائج الفصل الأول من العام الدراسي الماضي في منح الشهادات للطلبة من دون إجراء الامتحانات النهائية، بعد تعذر التحاقهم بمدارسهم في الفصل الدراسي الثاني بسبب تفشي فيروس كورونا.