كوتا تمثيل الشباب في البرلمان المغربي... سجال دستوري وسياسي

28 فبراير 2016
التمثيل الشبابي كان مؤثراً في عام 2011 (جلال المرشدي/الأناضول)
+ الخط -
قبل حلول موعد الانتخابات التشريعية في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل بالمغرب، انطلق جدل سياسي حول إمكانية تعديل القانون التنظيمي لانتخاب أعضاء مجلس النواب، تحديداً إلغاء "الكوتا" أو الحصة المخصصة للشباب، وهي عبارة عن لائحة خاصة تتيح تمثيلاً مضموناً لعدد من الشباب داخل المؤسسة البرلمانية. وفي وقتٍ يذهب فيه مؤيدو مطلب حذف لائحة الشباب وحتى النساء أيضاً، إلى القول إن "الأمر يشبه نوعا من الريع السياسي، كما أن إلغاءها يفرضه الدستور المغربي الذي أُقرّ في عام 2011"، يرى الذين يطالبون بالإبقاء على قائمة الشباب بالبرلمان، بأن "النواب الشباب أظهروا كفاءات منحت إضافة نوعية للعمل البرلماني بالمغرب".

في المقابل، تُطالب أحزاب سياسية بضرورة إلغاء قائمة الشباب، وعدم تخصيص "كوتا" لهذه الفئة من النواب داخل المؤسسة التشريعية، وهو ما دفع قيادات حزبية شبابية إلى التحرّك نحو عدد من الشخصيات داخل الحكومة والمعارضة، من أجل نيل تأييدها للإبقاء على لائحة الشباب بالبرلمان.

في هذا السياق، التقت قيادات شبابية من عدد من الأحزاب برئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، لتُطالبه بالعمل على الإبقاء على "حصة" الشباب في الانتخابات التشريعية المقبلة، وهو ما قابله بنكيران بحياد إيجابي، مؤكداً أنه "ليس مع ولا ضد الإبقاء على قائمة الشباب بالبرلمان".

اقرأ أيضاً: النقابات المغربية ترفض قرارات حكومية متعلقة بالتقاعد

القيادات الشبابية في عدد من الأحزاب، داخل الأغلبية والمعارضة أيضا، برّرت أيضاً مطلب الإبقاء على لائحتهم الوطنية في البرلمان، بأنه بمثابة الإجراء الذي سيُساهم في تحفيز فئة الشباب المغربي على المشاركة السياسية، ويدفعهم إلى الانتماء إلى الأحزاب، والعمل من داخلها لبلوغ مؤسسة التشريع بالبلاد.

من جهته، يرفض الأمين العام لحزب "الاستقلال"، حميد شبّاط، توجّه وزارة الداخلية، التي تُشرف تقنياً على تنظيم الانتخابات في المغرب، إلى إلغاء قائمة الشباب الوطنية بالبرلمان، مشدّداً في تصريح لـ"العربي الجديد" على أن "هذه اللائحة هي مكسب سياسي للبلاد، وتُتيح للمغاربة التعرّف عن قرب على عدد من الطاقات الشبابية الزاخرة والنشيطة بالبرلمان".

كما يعتبر الباحث السياسي، عمر الشرقاوي، أن "إلغاء لائحة الشباب قدر دستوري لا مفرّ منه"، ويضيف في حديثٍ لـ"العربي الجديد" بأن "الأمر لا يتعلق بموقف أخلاقي أو سياسي، سلبي أو إيجابي، حول حصيلة مشاركة الشباب في العمل البرلماني، بل بتنزيل إجباري لقرار دستوري أصدره المجلس الدستوري سنة 2011، أثناء مراقبته لمدى مطابقة اللائحة الشبابية للمقتضيات الدستورية".

أما عبد الرحيم منار اسليمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الرباط، فيؤيد هذا الطرح، وينفي وجود أي مسوغ دستوري لقائمة الشباب، مبرزاً في تصريحاتٍ لـ"العربي الجديد"، بأن "مشاركة الشباب في التنمية السياسية داخل البلاد لا تميّزه عن غيره بحصة (كوتا) تمثيلية للشباب في الانتخابات التشريعية".

يورد اسليمي أن "تمثيل الشباب في انتخابات 2011 كان مجرد ردّ فعل حكمته ظروف معيّنة للدفع بالشباب للمشاركة السياسية، ولا يمكن الاستمرار في هذا الإجراء لأن تحويله إلى مقتضيات دائمة، يمسّ بالقاعدة التمثيلية داخل المؤسسة التشريعية في المغرب".

كما لا تتفق النائبة عن حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، أمينة ماء العينين، مع الآراء السابقة، مؤكدة أنها "ليست متحمسة لإلغاء اللائحة الوطنية للشباب لأن في ذلك الكثير من التجنّي، باعتبار أن اللائحة أفرزت حضوراً نوعياً لعدد من الشباب، شكلوا إضافة قيمة وحقيقية للعمل البرلماني".

كما يرى مراقبون أن للخروج من "المأزق" الدستوري للإبقاء على قائمة الشباب داخل البرلمان، يمكن اللجوء إلى الفصل 33 من الدستور، الذي ينصّ على أن "على السلطات العمومية اتخاذ التدابير الملائمة لتحقيق توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد".
المساهمون