طبيعة ميتة
في إحدى الزوايا،
رسم يداً
في أخرى رسم زهرة.
بعدها، أخذ لوحة أخرى
ووضع الزهرة في اليد.
في النهاية، مزّق الرسمَين
ورسم فقط
يداً مدمّاة،
وكتب تحتها
"قرنفلة مقطوعة".
■ ■ ■
طرح
ستبقى اليد،
بيضاء ومعلّقة
مثل نورس الفراق
أو كمنديل
مطرَّز بخيطان
زرقاء.
اليد فقط،
محاولة نور
وسط الظلام،
إحساس مرتعش
بالحياة،
ثقة
بأنّنا ما زلنا نقدر
أن نخيط أغاني
بألوان قوس الغمام
بأنّنا ما زلنا نقدر
أن نخطو
على وتر الموسيقى
المشدود.
غير أنّ اليد التي ستدلّ...
لن تدلّ على شيء؛
وستأخذ…
لن تأخذ شيئاً؛
وستعطي…
لن تعطي شيئاً،
لأنّه سيكون لها
كمال
صمتها المضيء.
■ ■ ■
حين تكره الأشجار جحود الناس
سيأتي يوم تكره فيه الأشجارُ جحودَ الناس وستتوقّف عن الظلّ، والحفيف، وصُنع الأوكسجين. ستحمل جذورها وترحل. ستبقى في الأرض حفر كبيرة هناك حيث كانت الأشجار سابقاً. حين يعي الناس ماذا فقدوا سيذهبون ويبكون بمرارة فوق هذه الحفر. كثيرون سيسقطون فيها. سيغطّيهم التراب. لكنّ أحداً لن ينبت.
■ ■ ■
المجيء الأوّل
كنتم بردانين
فألبستكم ثيابي؛
كنتم جياعاً
فأطعمتكم أحشائي؛
كنتم عطاشاً
فأسقيتكم دمي.
وعندما اكتسوتم وشبعتم،
طلبتم أُغنية
أمّا أنا فأعطيتكم عظامي
فجعلتموها شبّابات؛
لكنّ شفاهكم كانت خرقاء
وطلعت الأغنية
باردة وحزينة
ورحتم تبكون
وتشتمون…
ومع ذلك
لم أحتفظ لنفسي بشيء
سوى لذّة العطاء.
لا تأخذوها منّي.
■ ■ ■
نساؤنا
نساؤنا لم يولَدْن إطلاقاً.
كنَّ دائماً هنا
كصخور لا عمر لها
أو لها عمر لا يمكنك
أن تعدّه.
نساؤنا كنَّ دائماً هنا
بصدرهنَّ مِلؤه الموت
كنّا نَرضعه ونحيا
كنّا نرضعه ونحارب
الموت.
وعندما انثنت كلّها،
الأشجار والرُكَب،
والمدائن ونفوسنا،
وحدهن النساء، منتصباتٍ إلى جانبنا
وصامتات،
كنّ يحكْن الصبرَ والبأس
كي نتدثّرها ونروح
نموت.
النساء اللواتي ولدننا
وأولئك اللواتي أحببناهنّ
كنّ دائماً هنا
ونحن وحدنا
جئنا كي نروح.
* Argyris Chionis شاعر وكاتب يوناني وُلِدَ في 22 نيسان/إبريل 1943. نشر مجموعته الشعريّة الأولى عام 1966. هاجر عام 1967 إلى فرنسا بعد الانقلاب العسكري في اليونان. محطّته التالية كانت في هولندا حيث أمضى ما يزيد على الثماني سنوات. انتقل عام 1982 إلى بروكسل حيث عمل مترجماً في مجلس الاتّحاد الأوروبي إلى حين استقالته عام 1992. أمضى بقيّة حياته في قرية جبليّة يوزّع وقته بين الزراعة والكتابة. رحل في أثينا في 25 كانون الأوّل/ديسمبر 2011.
** ترجمة عن اليونانية: روني بوسابا