كمزقة شراع تهزأ بها الريح

01 يوليو 2017
فائق حسن/ العراق
+ الخط -

الزجاج لا يكون أبداً أشدّ زرقة إلا عند تحطمه/ أراغون


أحاول اختراع غابة وبحر وشواطئ لهذه المدينة
يجب إنقاذ سكّانها من الاختناق
رئيس البلدية رَشاني لأنسى الأمر
حرّاس المقابر
صانعو التوابيت
باعة ثياب الأموات
ناقشو الشواهد
عمّال حدائق المقابر
المتسوّلون
باعة الورود
كهنة المعابد
خرجوا في مظاهرة ضدي يقودهم عزرائيل
بين الجموع يدٌ عمياء تهز قبضتها
ويافطة.

لم أكن سوى ريشة هرمة في جناحك
نقطة في فقرتك
هامش في حياتك
مزقة شراع في سفينتك المحطمة
عطر وردتك
يدك العمياء
نعالك الثقيلة التي تسحق بها العالم
لم أكن سبباً كافياً لتحبني.

أحتفظ بجيبي:
بمِزقة من شراع وبقضيب ديك ذهبي كتعويذة للحظ الحسن
رغم أن البحار ميتة والشموس مطفأة
على الجيوب أن لا تكون فارغة من أشياء تبدو تافهة
من يدري
قد تكون مِزقة الشراع الدليل الوحيد على أنه
كان على هذا الكوكب بحر وبحّارة قبل أن تدمّره اليد العمياء
في أوقات اليأس أخرج مِزقة الشراع من جيبي
وأتركها تقصّ لي تاريخ البحر والغرقى.

اعتدت رؤية العالم تنهشه المسوخ وتبطش به اليد العمياء
لم يعد يثير فيّ الشفقة
ربما يستحق ذلك
المهم أن مِزقة الشراع في جيبي سالمة.

بلا هوية وملامح أجول العالم بعيداً عن اليد العمياء
لم يتعرّف علي أحد لم
أثر ضغينة أحد
لم يكن لديهم سبب كاف لقتلي
كل ما استطاعوا إظهاره قليل من الفضول الذي دمّر حياتي
أو ربما أنهم يبحثون عن مِزقة الشراع في جيبي.

منظرك يثير السخرية
وأنت تكتب على مِزقة شراع قصيدة وسط بحيرة قذرة،
كضفدع مسحور يفشل في العودة إلى ما كان عليه، أميراً جميلاً
يقود أسطول المملكة
كذبوا عليك، هذا الشعر أفسد حياتك

تخفّف من الحكمة والنرجسية
لا تعامل نفسك على أنك أمير مسحور
أنت ضفدع أحمر كريه المنظر
يضيء لي قمر الليل خنادق مملوءة بالجثث بطشت بها يد عمياء
غطيها بأشرعة سفن بالية.

لا أعرف لماذا تذكرت وسط موجة الكآبة
طريقة تسفيد الديك للدجاجة معتمداً على ضغط الهواء
أضحكني منظر شاعر يتسلم الجائزة.

راهب تؤلمه سنّه
عرض علي أن يمنحني الكتب المقدسة والمعبد بما فيه
وسنّه المقدسة المنخورة مسروقة مقابل علاجه.

الوجود نبتة ماريخوانا في حديقة مخفر شرطة
عش في الخطر لتنجو
قالها المجنون صاحب الشارب الكثيف ووضع في يدي مِزقة شراع
ربما كانت علامة موت متفقاً عليها.

أغمض عيني وأقتحمها كإشارة مرور
الحياة تمر
لا أفعل شيئاً آخرَ، كمِزقة شراع تهزأ بها الريح.

لي رأس سهم
جسدي ثقيل
الهواء جامد
قاذف السهم أعور ذو عضلات مخيفة
الهدف غائم تماماً كأن يكون شمساً كاملة
مع ذلك يفوز القناص الأعور

ثمة صياد يحدق بالشمس يده على الزناد في جيبه مِزقة شراع.

جرحي يكفي لابتلاع مجرة وعاجز عن ابتلاع مِزقة شراع.

لأنه يرمي بصره خلف السياج لا ينتبه للورود المتدلية على الأسوار
لأنه يفكر في الخريف يفوته مشهد الربيع
لأنه يهمل الموج المرتمي تحت قدميه ويطيل التحديق في القيعان المعتمة
لأنه لم يعرف كيف يكون نفسه، لا يقبض على ظلاله
لأنه درّب نفسه على أن يكون وحيداً مملوءًا بالقسوة
ملتفاً على نفسه كشجرة سرو على منحدر منسي
لأنه استعاض عن البحر بمِزقة شراع في جيبه
لأنه الصدى الباحث عن منبع الصوت
الجبال تهشّمه وتضخم أوهامه.


* شاعر فلسطيني مقيم في نيكاراغوا

المساهمون