كمال الجنزوري رجل كل العصور

21 أكتوبر 2014
يرغب الرجل بتولّي رئاسة البرلمان المقبل (فرانس برس)
+ الخط -
من جديد، يعود اسم كمال الجنزوري، رئيس الوزراء المصري الأسبق في عهدي الرئيس المخلوع حسني مبارك والمجلس العسكري، وبداية عهد الرئيس المعزول، محمد مرسي، للظهور على الساحة السياسية المصرية بعد قيامه بجولات مكوكية ولقاءات معظمها سرية بين فرقاء وقوى الثلاثين من يونيو من أجل تشكيل قائمة انتخابية لخوض انتخابات البرلمان المقبل لتكون بمثابة الظهير السياسي للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي.

ويأبى الجنزوري الذي أكمل عامه الواحد والثمانين أن يختفي من المشهد أو أن يغيب عن الأضواء لاسيّما وأنه عانى من العزلة التي فرضها عليه مبارك بعد أن أطاح به من منصب رئيس الوزراء عام 1999، ومنعه من الحديث للإعلام وفرض عليه ما يشبه الإقامة الجبرية، في فترة كان يتم خلالها تهيئة المشهد السياسي لتوريث الحكم لجمال، نجل الرئيس المخلوع.

ويعرف الجنزوري المولود في قرية جروان بمركز الباجور في محافظة المنوفية، في الثاني عشر من يناير/كانون الثاني عام 1933، داخل الأوساط السياسية بأنه رجل كل العصور، إذ عمل في نظام الرئيس الراحل، أنور السادات، متنقلاً بين العديد من المناصب.

ففقد شغل منصب محافظ الوادي الجديد عام 1976 ثم محافظاً لبني سويف 1977، قبل أن ينتقل ليتولى مسؤولية معهد التخطيط القومي 1977 ليصبح بعدها وزيراً للتخطيط عام 1982، ولكن هذه المرة مع رئيس جديد هو المخلوع حسني مبارك، ثم يقفز الرجل ليتولى منصب نائب رئيس الوزراء عام 1986، ثم رئيساً للوزراء في الفترة بين عامي 1996 و1999 قبل أن يغادر موقعه وسط أوامر عليا له بالصمت إلى الأبد.

وجاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 لتكون بمثابة قبلة الحياة للرجل لإخراجه من ثلاجة "الموت السياسي" التي فرض مبارك عليه البقاء داخلها، حيث تم اختياره رئيساً للوزراء من جديد بقرار من المجلس العسكري برئاسة المشير حسين طنطاوي، ليشكل حكومة جديدة في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2011 وسط غضب ثوري نظراً لكون الرجل أحد أعمدة نظام مبارك، وسخرية بسبب كبر سنه في ظل قيام ثورة قامت لتدعو إلى تمكين الشباب وضخ دماء جديدة في شرايين الوطن.

وشهدت فترة حكومة الجنزوري الجديدة، عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني، جدلاً سياسياً كبيراً، تارة بسبب مشاكل فشل وزراؤه في مواجهتها كوزير الداخلية السابق اللواء، محمد إبراهيم، خلال أزمة مجزرة بورسعيد، التي راح ضحيتها 72 من مشجعي النادي الأهلي وسط تواطؤ لجهاز الشرطة. وتارة مشكلات أثارها الرجل نفسه عندما اصطدم بجماعة الإخوان المسلمين وحزبها "الحرية والعدالة" الذي كان يمثل الأكثرية البرلمانية.

وقد هدد الجنزوري وقتها رئيس المجلس المحبوس حالياً، سعد الكتاتني، وقال له "إن حكم حل المجلس موجود في درج مكتبه" في إشارة إلى أنه بقرارٍ سيتم إصدار حكم من المحكمة الدستورية بحل المجلس بدعوى عدم دستورية الإجراءات الانتخابية، وهو ما خلق أزمة سياسية كبرى وقتها، انتهت بالفعل بحل المجلس والذي كان إجراءً في إطار معركة الثورة المضادة للقضاء على ثور25 يناير، مما يشير إلى مشاركة الرجل في هذه المعركة.

وعندما وصل "الإخوان" للحكم، وتم إعلان فوز محمد مرسي بمنصب الرئيس، مقرراً تشكيل حكومة جديدة برئاسة الدكتور هشام قنديل، أصدر في الوقت ذاته قراراً جمهورياً بتعيين الجنزوري مستشاراً شخصياً له كنوع من حفظ ماء وجه الرجل.

ومع رحيل الإخوان عن الحكم عقب انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، وتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار، عدلي منصور، رئيساً مؤقتاً، لم يخرج الجنزوري من المشهد فقرر منصور التصديق على قرار بتعيينه مستشاراً اقتصادياً لرئاسة الجمهورية ليأتي بعدها السيسي ويُبقي على الرجل في موقعه مستشاراً شرفياً لرئاسة الجمهورية.

تنقل الجنزوري بين المناصب في عدد من أنظمة الحكم المختلفة، ما دفع الكثير من السياسيين المصريين للقول إن الرجل أحد ركائز "الدولة العميقة" التي تسيطر عليها المؤسسات السيادية.

ولا تمر مناسبة أو لقاء خاص بسياسيين او اقتصاديين، إلا ويحاول الجنزوري أن يظهر فيه بأنه وحده من يعرف خبايا وصغائر هذا البلد ويقول "لا يوجد شبر في مصر إلا وعارف خصائصه كويس آوي، وأعرف أطلع منه أفضل ما فيه". إلا أن هذه المقولة تتعارض مع ما حققه الجنزوري على أرض الواقع.

فقد كبد الرجل الاقتصاد المصري المتهالك خسائر مباشرة وغير مباشرة قدرها اقتصاديون بنحو 17 مليار جنيه بسبب تخطيطه السيئ لمشروع "توشكى" (وهو مفيض طبيعي لتصريف المياه الزائدة خلف السد العالي في أسوان) عندما كان رئيساً للوزراء بين عامي 1996 و1999، حيث ما زال المشروع متوقفاً حتى اليوم دون أي تقدم يذكر بعد أن أهدر الكثير من الجهد والنفقات.

المساهمون