في عملها الجديد "القالب" الذي تقدّمه مساء اليوم وغدٍ على خشبة مسرح "دوار الشمس" في بيروت، تعرض الكريوغراف اللبنانية كلارا صفير التطبيق العملي لمشروعها البحثي الذي بدأته قبل ثلاث سنوات عن الإرث الحركي في منطقة شرق البحر المتوسط.
"القالب" عرضٌ منفرد من أداء وتصميم صفير، تتعامل فيه مع الرقص العربي كمادة حركية، في محاولة لفهم أبعادها والبحث داخل الجسد عن محدّدات اللغة الحركية الناتجة عن تطوّر هذه المادة عبر التاريخ.
اختارت الفنانة اللبنانية العمل على اشتغالات الراقصتين نبوية مصطفى وتحية كاريوكا في أفلامهما قبل منتصف خمسينيات القرن الماضي، وعن سبب اختيارها تقول لـ"العربي الجديد": "إن هاتين الفنانتين تميّزتا بأسلوبية فيها الكثير من الشعرية والنضوج، وتجلّى هذا في هدوء حركاتهما وصعوبتها التقنية في نفس الوقت، إضافة إلى طريقتهما في التفاعل مع اللحن والإيقاع، وفي حركتهما داخل الفضاء حول ثقل مركزي يُبقي الجسد على تواصل مستمر مع الأرض ويعطيه حرية التحكم بزمن أداء الحركة وحجمها".
بدأت الفنانة مشروعها بالتساؤل عن تاريخ الرقص في المنطقة العربية، ولا سيما في ظلّ تغييب أرشيف كبير بسبب كمّ هائل من التابوهات والمحاذير الاجتماعية والدينية والسياسية تحيط بهذا الموضوع وتسعى إلى تقييد حركته، وعن دوافعها تقول: "أسباب عديدة دفعتني للبحث، أهمّها غياب المراجع وكأن هذا الفن مطلوب منه أن يُمحى من ذاكرتنا، فالإرث الحركي هو إرث ثقافي مثله كباقي الفنون، ترتبط مصادره وظروف نشأته السياسية والإجتماعية ارتباطاً عضوياً مع تبدّل أحوال المجتمعات أو تغيّر أحوالها جغرافياً وسياسياً".
وتختم صفير: "الكثير مما نعرفه اليوم كالرقص البلدي والدبكة هو تطوّر عن العديد من رقصات القبائل العربية والأفريقية وتشكّل جزءاً من هويتها، لذلك فإن التعامل مع الإرث الحركي كمادة إبداعية بقصد إنتاج أعمال فنية معاصرة بوصفه أحد العوامل التي ساهمت في تشكّلنا الأنثربولوجي".
يُذكر أن كلارا صفير مؤدية ومصمّمة رقص، درست الكيمياء والإخراج السينمائي. بدأت مشوارها المهني مع فرقة "كركلا للمسرح الراقص"، وصمّمت عملي "A Head Of Me" و"فلاش" اللذين عُرِضا ضمن فعاليات الدورة الأخيرة من "مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر".