قصص الاعتداء الجنسي على الصغار مكررة، لكنّ الخطورة فيها أنّها مسكوت عنها، خصوصاً أنّ مرتكبيها عادة ما يكونون من الأقارب. لكنّ هذه المرأة قررت كسر الصمت والتحدث عن تجربتها، بل وتحويلها إلى عرض مسرحي
"تنهكني الكوابيس كل ليلة مجدداً. منها ما هو واضح يكرر صوراً مضت من بعيد. ومنها ما يعيد إحساسي بالقهر والعجز والغضب والتساؤلات والحيرة. كلما حاولت النهوض شعرت بقوة عجيبة تخنقني، وتركّز قواها حول رقبتي فلا أقوى على أيّ حركة أو تنفس. لا أفرّق جسدي عن أجسادهم.. كأنني أعتدي بنفسي على نفسي. أو أعتدي على ذلك الجسد المهترئ الأبله. أقسى ما أتذكره هي تلك اللحظات التي ينتهي بها الاعتداء.. كنت أنهض بعدها بقوة، ألعب، وأقفز، وأتابع دراستي، وأشارك قصصي الخيالية، وأنام". هكذا كتبت امرأة تبلغ من العمر 38 عاماً من إحدى قرى الجليل في فلسطين المحتلة عام 1948 تصف قصة الاعتداء عليها جنسياً في حضن عائلتها.
معظم الاعتداءات الجنسية في المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل تحدث في مكان معروف للمعتدى عليها كالبيت والمدرسة والحي وأماكن تتردد عليها. المعتدي جنسياً معروف غالباً للضحية ومن محيطها القريب. وفقط في الحالات الاستثنائية يكون المعتدي شخصاً غريباً وغير معروف. الغالبية المطلقة من العربيات المعتدى عليهن جنسياً لا تتقدم بشكوى للشرطة ضد المعتدي، فهناك أزمة ثقة بين الشرطة والفتيات تحديداً في هذا الموضوع، بالإضافة إلى صعوبة مسار التحقيق.
في هذا الإطار، يأتي دور جمعية "السوار" النسوية العربية التي تشغّل مشروع "خط الطوارئ" لدعم ضحايا الاعتداءات الجنسية في المجتمع العربي الفلسطيني.
المرأة التي تقدم شهادتها من إحدى قرى الجليل، وقد وافقت على ذلك مع شرط التحفظ على هويتها، خصوصاً أنّ حديث امرأة عن تجربة تعرضها لاعتداء جنسي والخروج بها من الظلمة إلى النور خصوصاً من خلال الإعلام أمر غير مألوف. هي حاصلة على لقب أكاديمي في التربية، وتعمل في هذا المجال، كما تتطوع منذ خمس سنوات على خط طوارئ الجمعية لدعم ضحايا الاعتداءات جنسياً.
تقول لـ"العربي الجديد": "تكرر الاعتداء الجنسي عليّ منذ كنت في الخامسة، حتى بلغت الرابعة عشرة. والمعتدون هم زوج عمتي وإخوته. اعتدت على الذهاب إلى بيت عمتي من أجل النوم لظروف خاصة بعائلتي في حينه، فعمتي لم يكن لديها أطفال، وكان من المفترض أن تهتم بشأني وتحرسني كطفلة".
تتابع: "اغتصبت في بيت عمتي وفي بيت أهلي مراراً. كنت ألتقي بهم كأقارب لمساعدتي في تدريسي وتحضير واجباتي البيتية المدرسية، أو لكي يلاعبوني ويحرسوني. لم أعِ حينها أنّ ما أمرّ به هو اعتداء جنسي. لم أفهم ذلك فعلياً.. كنت أشعر أن شيئاً ما ليس على ما يرام يحدث معي. لم أتعمق في الموضوع كثيراً وفكرت أنّ كلّ ما يجري لي طبيعي ويحدث للجميع".
تضيف: "بعد بلوغي الرابعة عشرة وطوال فترة لم أعد أراهم فغفلت عن ذلك لزمن. لكن، مع وصولي إلى المرحلة الجامعية تعرضت لتحرش جنسي. وفي ذلك الوقت بالذات استيقظت لديّ الذكريات وعاد الماضي. اختبرت وضعاً نفسياً صعباً جداً وأدخلت إلى مستشفى متخصص بالصحة النفسية، وتناولت الكثير من الأدوية. وعندما خرجت بدأت بعلاج نفسي طوال سنتين. لم يكن علاجاً سهلاً ولم تكن المختصة تفهمني. لذلك تركت العلاج بعد سنتين". تتابع: "بعدها تنقلت بين عدة مختصين نفسيين. كنت ألتزم لفترة وأنقطع بعدها حتى أجد مختصاً جديداً. وقبل فترة وجدت مختصة أتابع معها علاجي، وهي إنسانة رائعة وداعمة ومهنية".
والدة الشاهدة عرفت بالاعتداء الجنسي على ابنتها من صديقتها فقط. تقول الشاهدة: "تكلمت مع صديقة أمي. كنت في حالة نفسية صعبة للغاية. وعندما عرفت أمي منها دعمتني كثيراً، ودفعت معي ثمناً باهظاً من تأنيب الضمير".
عن نظرتها للمجتمع العربي في فلسطين الداخل، تقول: "نعيش في مجتمع ذكوري متسلط مليء بالتناقضات. يمنع أن تعبّر الفتاة عن ذاتها. أشعر أنّني أتمرد على المجتمع، فالمجتمع ينتقد حتى الأمور البسيطة، مثلاً إذا أردت أن أذهب إلى صديقتي ليومين للمبيت عندها خارج القرية أفعل ذلك لكنني أتلقى الانتقادات في بيتي وقريتي".
وعن نظرتها إلى الرجال، تقول: "لا أثق بهم ولم أعش أيّ قصة حب يوماً. ولم أشعر يوماً أنّني جاهزة لذلك أصلاً. لا أستطيع أن أبني علاقة ثقة مع رجل. أشك في الرجال العرب، ولا أقبل بهم إلاّ كزملاء".
تراجع تفاصيل حياتها: "أشعر بقوة اليوم حين أتحدث عن الاعتداء عليّ. لا أشعر أبداً أنّني وحيدة. هذه الأمور تحدث في العالم لكن يجب أن نواجهها. ما يهمني هو ان أشعر بالراحة بيني وبين نفسي، هذا هو الأساس". وعن كتاباتها تقول: "كتبت العديد من النصوص الأدبية كمذكرات تحدثت فيها عن الاعتداء. وستشكل قريباً عملاً مسرحياً بعنوان: حكايا لم تولد بعد".
اقرأ أيضاً: المتحرّشون بالأطفال.. أدمغتهم تختلف عن سواهم من البشر
"تنهكني الكوابيس كل ليلة مجدداً. منها ما هو واضح يكرر صوراً مضت من بعيد. ومنها ما يعيد إحساسي بالقهر والعجز والغضب والتساؤلات والحيرة. كلما حاولت النهوض شعرت بقوة عجيبة تخنقني، وتركّز قواها حول رقبتي فلا أقوى على أيّ حركة أو تنفس. لا أفرّق جسدي عن أجسادهم.. كأنني أعتدي بنفسي على نفسي. أو أعتدي على ذلك الجسد المهترئ الأبله. أقسى ما أتذكره هي تلك اللحظات التي ينتهي بها الاعتداء.. كنت أنهض بعدها بقوة، ألعب، وأقفز، وأتابع دراستي، وأشارك قصصي الخيالية، وأنام". هكذا كتبت امرأة تبلغ من العمر 38 عاماً من إحدى قرى الجليل في فلسطين المحتلة عام 1948 تصف قصة الاعتداء عليها جنسياً في حضن عائلتها.
معظم الاعتداءات الجنسية في المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل تحدث في مكان معروف للمعتدى عليها كالبيت والمدرسة والحي وأماكن تتردد عليها. المعتدي جنسياً معروف غالباً للضحية ومن محيطها القريب. وفقط في الحالات الاستثنائية يكون المعتدي شخصاً غريباً وغير معروف. الغالبية المطلقة من العربيات المعتدى عليهن جنسياً لا تتقدم بشكوى للشرطة ضد المعتدي، فهناك أزمة ثقة بين الشرطة والفتيات تحديداً في هذا الموضوع، بالإضافة إلى صعوبة مسار التحقيق.
في هذا الإطار، يأتي دور جمعية "السوار" النسوية العربية التي تشغّل مشروع "خط الطوارئ" لدعم ضحايا الاعتداءات الجنسية في المجتمع العربي الفلسطيني.
المرأة التي تقدم شهادتها من إحدى قرى الجليل، وقد وافقت على ذلك مع شرط التحفظ على هويتها، خصوصاً أنّ حديث امرأة عن تجربة تعرضها لاعتداء جنسي والخروج بها من الظلمة إلى النور خصوصاً من خلال الإعلام أمر غير مألوف. هي حاصلة على لقب أكاديمي في التربية، وتعمل في هذا المجال، كما تتطوع منذ خمس سنوات على خط طوارئ الجمعية لدعم ضحايا الاعتداءات جنسياً.
تقول لـ"العربي الجديد": "تكرر الاعتداء الجنسي عليّ منذ كنت في الخامسة، حتى بلغت الرابعة عشرة. والمعتدون هم زوج عمتي وإخوته. اعتدت على الذهاب إلى بيت عمتي من أجل النوم لظروف خاصة بعائلتي في حينه، فعمتي لم يكن لديها أطفال، وكان من المفترض أن تهتم بشأني وتحرسني كطفلة".
تتابع: "اغتصبت في بيت عمتي وفي بيت أهلي مراراً. كنت ألتقي بهم كأقارب لمساعدتي في تدريسي وتحضير واجباتي البيتية المدرسية، أو لكي يلاعبوني ويحرسوني. لم أعِ حينها أنّ ما أمرّ به هو اعتداء جنسي. لم أفهم ذلك فعلياً.. كنت أشعر أن شيئاً ما ليس على ما يرام يحدث معي. لم أتعمق في الموضوع كثيراً وفكرت أنّ كلّ ما يجري لي طبيعي ويحدث للجميع".
تضيف: "بعد بلوغي الرابعة عشرة وطوال فترة لم أعد أراهم فغفلت عن ذلك لزمن. لكن، مع وصولي إلى المرحلة الجامعية تعرضت لتحرش جنسي. وفي ذلك الوقت بالذات استيقظت لديّ الذكريات وعاد الماضي. اختبرت وضعاً نفسياً صعباً جداً وأدخلت إلى مستشفى متخصص بالصحة النفسية، وتناولت الكثير من الأدوية. وعندما خرجت بدأت بعلاج نفسي طوال سنتين. لم يكن علاجاً سهلاً ولم تكن المختصة تفهمني. لذلك تركت العلاج بعد سنتين". تتابع: "بعدها تنقلت بين عدة مختصين نفسيين. كنت ألتزم لفترة وأنقطع بعدها حتى أجد مختصاً جديداً. وقبل فترة وجدت مختصة أتابع معها علاجي، وهي إنسانة رائعة وداعمة ومهنية".
والدة الشاهدة عرفت بالاعتداء الجنسي على ابنتها من صديقتها فقط. تقول الشاهدة: "تكلمت مع صديقة أمي. كنت في حالة نفسية صعبة للغاية. وعندما عرفت أمي منها دعمتني كثيراً، ودفعت معي ثمناً باهظاً من تأنيب الضمير".
عن نظرتها للمجتمع العربي في فلسطين الداخل، تقول: "نعيش في مجتمع ذكوري متسلط مليء بالتناقضات. يمنع أن تعبّر الفتاة عن ذاتها. أشعر أنّني أتمرد على المجتمع، فالمجتمع ينتقد حتى الأمور البسيطة، مثلاً إذا أردت أن أذهب إلى صديقتي ليومين للمبيت عندها خارج القرية أفعل ذلك لكنني أتلقى الانتقادات في بيتي وقريتي".
وعن نظرتها إلى الرجال، تقول: "لا أثق بهم ولم أعش أيّ قصة حب يوماً. ولم أشعر يوماً أنّني جاهزة لذلك أصلاً. لا أستطيع أن أبني علاقة ثقة مع رجل. أشك في الرجال العرب، ولا أقبل بهم إلاّ كزملاء".
تراجع تفاصيل حياتها: "أشعر بقوة اليوم حين أتحدث عن الاعتداء عليّ. لا أشعر أبداً أنّني وحيدة. هذه الأمور تحدث في العالم لكن يجب أن نواجهها. ما يهمني هو ان أشعر بالراحة بيني وبين نفسي، هذا هو الأساس". وعن كتاباتها تقول: "كتبت العديد من النصوص الأدبية كمذكرات تحدثت فيها عن الاعتداء. وستشكل قريباً عملاً مسرحياً بعنوان: حكايا لم تولد بعد".
اقرأ أيضاً: المتحرّشون بالأطفال.. أدمغتهم تختلف عن سواهم من البشر