يجتهد الحزب الديمقراطي الكردستاني، الحاكم في إقليم كردستان العراق، للملمة شتات الأحزاب الكردية لا سيما المعارضة سياسةَ "البارزاني والطالباني"، وضمّها في "تحالف كردستاني"، يجمع المقاعد البرلمانية المُفرزة عبر النتائج الأولية للانتخابات التشريعية التي أجريت في البلاد، في 12 مايو/ أيار الماضي. ويسعى الحزب الذي يتزعمه رئيس الإقليم السابق مسعود البارزاني إلى عقد اجتماع موسع يضمّ المؤيدين له والمعارضين، لتكوين جبهة سياسية قادرة على مواجهة التحالفات الكبيرة في بغداد، خصوصاً "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر، فيما ترفض الأحزاب المعارضة وهي الصغيرة بالمقارنة بالحزب الحاكم، الحوار واللجوء إلى نفس أنماط السياسة القديمة في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، والعودة مرة أخرى بطرق ملتوية إلى المحاصصة بحسب "المكونات والطوائف".
وترفض أيضاً، أبرز الأحزاب المعارضة وهي التغيير، والجماعة الإسلامية، والديمقراطية والعدالة بزعامة برهم صالح، العودة إلى سياسة الممانعة والمناكفة التي كانت تمارسها أربيل مع بغداد، فيما تنظر إلى أن سلوك مسعود البارزاني كان خاطئاً، خصوصاً بما يتعلق بإجراء "استفتاء الانفصال" الذي حدث في 25 سبتمبر/أيلول 2017 الماضي. وقاد إلى سلسلة من العقوبات، اتخذتها بغداد بحق محافظات الإقليم، أربيل والسليمانية ودهوك، بالإضافة إلى أنها تمانع عودة السلطة إلى آل البارزاني، الذين يوزعون السلطة في ما بينهم كأسرة وليس إقليماً له وزاراته وبرلمانه، بحسب المعارضين.
وتابع أن "سلسلة الاجتماعات ستتضمن وجود جميع الأحزاب الكردية، حتى المعارضة، وأبرزها التغيير"، لافتاً إلى أن "حركة التغيير لم تحصل على نتيجة جيدة في النتائج الأولية للانتخابات، وبالتالي فهي تدرك تماماً أنها لن تستطيع مخاطبة أحزاب بغداد، من دون وجود قوة كردية كبيرة. والاجتماعات التي ستنطلق الأسبوع المقبل لن تؤدي إلى إرسال أي وفد تفاوضي إلى بغداد، وأن التفاوض سيكون بعد إعلان نتائج الانتخابات الرسمية، والمصادقة عليها من المحكمة الاتحادية".
من جهتها، تصرُّ حركة التغيير الكردية، أبرز المعارضين وأشدهم على حكومة كردستان، على عدم مشاركتها في أي جلسة حوار تجمعها بـ"الحزب الديمقراطي الكردستاني". وقال عضو الحركة أمين بكر، لـ"العربي الجديد"، إن "التغيير ليست ضد التفاوض أو الحوار مع الديمقراطي الكردستاني، ولكن نحن نرى أن الديمقراطي الكردستاني والحكومة في أربيل، قاما بعمليات تزوير كبير خلال الانتخابات الماضية لمصلحتهما، على حساب أصواتنا في مراكز الاقتراع، كذلك محاربتهما جماعة المعارضة الكردية. الديمقراطي الكردستاني يريد دخول العملية السياسية والحصول مكاسب تهمه، دون أصوات تضايقهم، أو وجود معارضة، وهذا السلوك غير ديمقراطي. حزب البارزاني يبحث عن مكاسبه الخاصة وليس عن مكاسب الشعب الكردي، لذا ليس من الصواب أن ندخل في حوار وتفاهم مع هذا الحزب".
وفي ما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية بين بغداد وأربيل قال البارزاني، إن "إقليم كردستان مستعد للتنسيق مع بغداد لتصدير نفط كركوك عبر الإقليم"، موضحاً أن "من حق شعب كردستان الاطلاع على عملية بيع نفط الإقليم". وأكمل: "ناقشنا في اجتماع مجلس الوزراء تقرير شركة ديلويت العالمية الخاصة بواردات ومصاريف نفط إقليم كردستان".
بدوره، بيَّن المحلل السياسي العراقي محمد شفيق، أن "الأحزاب المعارضة لغاية الآن مواقفها متذبذبة، ويبدو أنها لا تملك قراراً موحداً بشأن تكوين جبهة موحدة"، مرجحاً "دخول المعارضين ضمن التحالف الكردستاني من جديد لأسباب كثيرة، أبرزها عدم التوصل إلى موقف حاسم، بالتزامن مع قرب تشكيل الحكومة الجديدة". وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن "التحالف الكردستاني أكثر تماسكاً من بقية التحالفات الأخرى، لأنه من لون واحد وأيضاً مطالبه تقريباً واحدة وموحدة، عكس التحالفات السنية والشيعية متعددة الأهواء والتوجهات"، لافتاً إلى أن "حكومة كردستان المقبلة لن تخرج من الحزبين الرئيسين لكن أرجّح صعود شخصية معتدلة قد تعمل على حلحلة الخلافات بين بغداد وأربيل والمساهمة في تحقيق تطلعات الشعب الكردي".