كرة لبنان في زمن كورونا.. عودة محفوفة بالمخاطر

27 يوليو 2020
يشهد لبنان ارتفاعاً في عدد الإصابات بفيروس كورونا (حسين بيضون)
+ الخط -

تقترب عودة الدوري اللبناني في الفترة المقبلة مع انطلاق تحضيرات الأندية وخوضها تدريبات، تمهيداً لانطلاق دورة تنشيطية تسبق البطولة المحلية الرسمية.

وكان الدوري اللبناني قد شهد سيناريو مثيراً، ومرّ بالعديد من المراحل، حتى جاء قرار إلغائه في نهاية الأمر بسبب تفشي فيروس كورونا.

بداية القصة
يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 انطلقت سلسلة الاحتجاجات الشعبية بعد فشل الحكومة اللبنانية في إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية التي كانت تلوح في الأفق، وسبق هذه الثورة التي شارك فيها العديد من أطياف المجتمع اللبناني، توقف الدوري بسبب معاناة الأندية من الناحية الاقتصادية، وعدم قدرتها على تغطية النفقات المفروضة عليها من ناحية رواتب اللاعبين أو حتى دفع المستحقات التي تتوجب عليها في كلّ مباراة مقابل استعمال الملعب، باعتبار أن معظم الأندية أو حتى أغلبيتها الساحقة لا تمتلك ملعباً خاصاً يتمتع بمواصفات دولية.

توقف الدوري إذاً قبل بداية الثورة حتى، وباتت شمّاعة الأندية والرؤساء والحقل الرياضي بكامله جاهزة تحت عنوان "الأوضاع الأمنية لا تسمح"، لكن في المشهد الخفي كانت مشاكل الأندية المالية هي السبب الأول والأخير، ثم جاء وباء كورونا العالمي ليدق المسمار الأخير، ويعلن إلغاء الدوري.

خطة تفتقر إلى العنصر الأهم
بقي لبنان لفترة يسجل عدد إصابات بفيروس كورونا يراوح بين الـ30 و70 تقريباً يومياً، قبل أن يرتفع في الأيام الأخيرة ليناهز حاجز الـ200 يومياً، وهو رقم يتوقع أن يصبح أكبر في الأيام المقبلة.

في كلّ دول العالم التي قررت استكمال الدوري أو حتى التحضير للموسم المقبل وضع بروتوكل صحي من أجل ضمان عدم إصابة اللاعبين والحكام والأطقم الفنية والمراقبين وما إلى ذلك، مع منع حضور الجماهير بطبيعة الحال، التي هي في الأصل ليست بالكبيرة في لبنان.

وضع الاتحاد اللبناني بروتوكوله الخاص بناءً على ما سارت عليه جميع الاتحادات الأخرى، مثل التباعد الاجتماعي على مقاعد البدلاء، وعدم المصافحة بين اللاعبين والحكام، والامتناع عن دخول غرف الملابس أو الاستحمام بعدها أو قبلها، والطلب منهم القدوم بأطقم المباريات.

في الظاهر قد تبدو هذه الخطة مثالية، لكن ينقصها العنصر الأهم، أين فحوصات الـ"PCR" للاعبين والحكام وجميع العاملين في القطاع الرياضي، الذين سيدخلون إلى المباريات؟
في كلّ الدوريات بالعالم التي عاودت نشاطها، أجريت فحوصات للاعبين وتبينت إصابة العديد منهم، الذين عزلوا مباشرة واستكملت التدريبات، لكن ذلك لم يحصل في لبنان.

خطورة متزايدة
على من تقع مسؤولية استكمال الدوري من دون فحوصات؟ على الاتحاد أم وزارة الرياضة أو حتى الصحة؟ هل يعود السبب إلى أن الدولة اللبنانية شبه مفلسة وهي غير قادرة على إقامة فحوصات أسبوعية لكلّ هؤلاء اللاعبين؟ وحتى في الرياضات الأخرى؟ هل هذا المؤشر يعني موت دوريٍ لم يبصر النور حتى؟

تقوم الأندية اللبنانية بالتحضير للموسم الجديد، صفقات من هنا وهناك، نادي العهد البطل يدعم فريقه وكذلك يفعل النجمة والأنصار والبرج وتطول القائمة، لكن الخطورة تكمن في أن معظم اللاعبين لا يلتزمون  بالتباعد الاجتماعي غير الموجود أصلاً في البلد.
معظم اللاعبين خاضوا دورات شعبية على ملاعب النجيل الاصطناعي "ميني فوتبول" وبطولات على البحر كذلك، خالطوا لاعبين آخرين وهم يقومون بذلك حتى في حياتهم اليومية، إن كان عبر الذهاب إلى المقاهي أو المنتجعات السياحية والبحر وحتى الملاهي الليلية، التي تشهد إقبالاً كبيراً واختلاطاً بدون أي ضوابط.

أي دوري سيُستكمل بهذه الحالة مع ارتفاع عدد الإصابات في الأيام الأخيرة؟ ومن سيضمن عدم نقل هؤلاء اللاعبين الفيروس لعائلاتهم وأقاربهم في ظلّ منافستهم لاعبين من مناطق وأماكن مختلفة، من الشمال والجنوب والبقاع وبيروت والجبل؟

وزير الصحة حمد حسن، في حديثه لوسائل إعلام محلية، يوم الخميس الماضي، قال إن لبنان دخل مرحلة التفشي المجتمعي، ثم طالب بإغلاق البلد في وقتٍ لاحق لمدة أسبوعين، بالتالي فإن الوضع لم يعد كالسابق، كي تقام مباريات كرة القدم من دون فحوصات للجميع، فتعقيم الكرات قبل المباريات ليس كافياً ولا حتى عدم المصافحة؛ هي أمورٌ بديهية من الواجب أن تحصل بشكلٍ طبيعي ودون اتخاذ أي قرارات.

ضربةٌ من ألعاب القوى؟
وقبل أيام جاء قرار الاتحاد اللبناني لألعاب القوى بإلغاء اللقاء الذي كان مقرراً أمس، السبت، بسبب إصابة بطلة لبنان في سباقات 100 و200 متر عزيزة سبيتي بفيروس كورونا ليُدق ناقوس الخطر.

وإذا ما أردنا الحديث عن بلدٍ آخر، فما حصل في السودان خير دليل، إذ عادت الأندية للتدريبات قبل أسبوعين تقريباً دون إجراء فحوصات، قبل أن تُصدم الأوساط الرياضية بالمسحات الطبية التي كشفت إصابة 7 لاعبين بكوفيد-19.

هذا الخبر وحده ينسف كلّ ما قام به الاتحاد اللبناني لكرة القدم. كيف ستكون العودة وكلّ اللاعبين لم يخضعوا لفحوصات فيروس كورونا؟ أسئلة كثيرة تبقى بدون إجابة في لبنان.

المساهمون