اجتمعت مجموعة من الخبراء الرياضيين والمدربين في مقر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وأصدروا دراسة كروية جديدة تُظهر خطط كرة القدم الجديدة بناءً على ما حدث في البطولة الأوروبية الأخيرة، التي استضافتها فرنسا. وبذلك تم تحليل كل شيء على أرض الملعب من أول مباراة حتى النهائي الكبير، وذلك لتفسير ما حصل مع كل منتخب وكيف فكر كل مدرب خلال توظيف اللاعبين وما هي الخطط التي نجحت.
تغيير مركز المهاجم
في بطولة يورو 2016، حوالى 18 منتخباً من أصل 24 لعبت بمهاجم واحد في الخط الأمامي، هذا ينطبق على المنتخب الألماني الذي لعب أحياناً بدون مهاجم في بعض المباريات، في حين أن المنتخب البرتغالي بطل أوروبا كان ضمن الأقلية التي لعبت بمهاجمين، ليؤكد أن الاعتماد على مهاجمين ينفع أحياناً. لكن انخفاض مستوى التهديف لدى المهاجمين في دور المجموعات، أثار جدلاً حول دورهم في هذه اللعبة حديثاً.
ويقول ألان غيريسي، أحد أعضاء الفريق التقني للاتحاد الأوروبي، وحامل لقب يورو 1984 مع المنتخب الفرنسي، أن السؤال المطروح حالياً هو توظيف المدرب لهذا المهاجم على أرض الملعب، هل المهاجم رقم 9 مهمته تسجيل الأهداف أم دوره يقتصر على مهمات أخرى؟ وفي ظل التحفظ الدفاعي الكبير الذي ظهر في بطولة يورو 2016، أصبح الاعتماد على الكرات العرضية والتسديد من الخارج المصدر الرئيسي لتسجيل الأهداف، في حين أن سبعة أهداف من أصل 36 سُجلت في دور المجموعات جاءت من كرة بينية مدروسة، ليصبح دور المهاجم الاستحواذ على الكرة وتناقل الكرات مع الزملاء لفتح ثغرة دفاعية في النهاية.
الهجمات المرتدة ليست فعالة
بعد ما فعله ليستر سيتي في "البريميير ليغ" واجتهاده الكبير في صناعة وإنهاء الهجمات المرتدة بأفضل طريقة ممكنة، توقع الكثير من الخبراء الرياضيين أن تلعب المرتدات دوراً كبيراً في البطولة الأوروبية. في يورو 2008، 46% من الأهداف التي سُجلت كانت من هجمات مرتدة، لكن في يورو 2012 انخفضت هذه النسبة وأصبحت 23% فقط من مجموع الأهداف الكاملة للبطولة الأوروبية.
ومعظم الأهداف التي سُجلت في يورو 2016 من هجمات مرتدة جاءت في وقت متأخر من اللقاء، حيثُ كانت المنتخبات تبحث عن تحقيق نتيجة جيدة فقط، وليس من خطة لعب واضحة وصريحة. لكن هذه الإحصاءات والأرقام لا تنفي محاولة البعض كسر هذه النظرية. مدرب المنتخب البولندي، أدار ناولكا، قال: كانت هناك سيطرة للمنتخب الألماني في المباراة، وسمحنا لهم بهذه السيطرة لكي نضربهم في الهجمات المرتدة".
هذا الأمر لم ينجح مع ألمانيا التي، وإن كانت تحمل فكراً هجوميّاً دائماً، فهي لا تغفل الدفاع وسلاح الهجمات المرتدة. وأشارت الدراسة إلى أن أبرز أهداف المنتخبات في يورو 2016، كان التخفيف قدر الإمكان من الأضرار، إذ ظهر بشكل واضح أن معظم مدربي المنتخبات يدفعون باللاعبين للوقوف في منطقة الجزاء أو على حدودها لمنع هجمات الخصم.
عودة الكرات الطويلة
في يورو 2012 استعمل أقل من ربع المنتخبات سلاح الكرات الطويلة، وتحديداً حوالى 31% فقط من المنتخبات، استعملت التمريرات الطويلة في حوالى 10% من وقت المباراة. في المقابل، في يورو 2016 لم يتمكن أي فريق من الوصول إلى هذه الأرقام. حتى إسبانيا (10%)، فرنسا (11%) وألمانيا (12%) ومثلها المنتخب الإنكليزي.
وهذا الأمر بدا واضحاً في مباراة إسبانيا وإيطاليا، لأن المدرب، أنطونيو كونتي، أجبر أكثر منتخب يجيد صناعة التمريرات القصيرة على تمرير الكرات الطويلة. مثلاً الحارس الإسباني ديفيد دي خيا مرر 19 كرة طويلة في مباراة واحدة (20 تمريرة طويلة في دور المجموعات).
لكن وبعيداً عن نظرية أن الضغط العالي يُجبر الخصم على لعب الكرات الطويلة، هناك مشكلة الدفاع المتأخر والمنظم في الخلف. وهذا ربما ما عانى منه برشلونة والمنتخب الإسباني في السنوات الأخيرة، عندما تتكتل مجموعة من اللاعبين في الخلف.
التغيير في التشكيلة
بعد نهاية يورو 2016، اكتشف الفريق التقني أن خطة (4-2-3-1) كانت الأكثر استعمالاً في البطولة، إذ استعملها حوالى عشرة منتخبات، لكن مع ارتفاع عدد المنتخبات المشاركة إلى 24، تبدلت التشكيلات كثيراً مقارنةً بيورو 2012.
وفي يورو 2008 مثلاً، سبعة من أصل 16 منتخباً لعبت بخطة (4-2-3-1)، وخمسة منتخبات بخطة (4-3-3) وأربعة منتخبات بخطة (4-4-2)، وإيطاليا الوحيدة لعبت بخطة (3-5-2). وخلال يورو 2016، استعمل المنتخب الألباني والأيرلندي الشمالي خطة (4-5-1)، وبعد ذلك تبدلت الخطة إلى (3-5-2).
بدأ مدرب ويلز كولمان البطولة بخطة (3-4-3)، التي سمحت لغاريث بيل وأرون رامسي بمساندة المهاجم الأساسي أو رأس الحربة. كما لعبت أيرلندا بخطة (4-1-4-1، في حين خاضت أيسلندا والسويد البطولة الأوروبية بخطة (4-4-2).
الاعتماد على الكرات العرضية
وجدت المنتخبات أن الحل الأمثل لمشكلة التكتل الدفاعي هي الكرات العرضية، لذلك ارتفعت نسبة الكرات العرضية بشكل كبير في المباريات.
في يورو 2012 وصلت نسبة الكرات العرضية إلى 26.16 في المباراة الواحدة. وبعد أربع سنوات وتحديداً في يورو فرنسا 2016، وصلت هذه النسبة إلى حوالى 40.76 في المباراة الواحدة، أي أنها زيادة ضخمة بحوالى 56%. وهذا الأمر ظهر أيضاً في دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، إذ أن حوالى 35% من الأهداف كانت من الكرات العرضية.