تواجهُ الفتاة التركية العزباء كثيراً من الأسئلة التي قد تكون محرجة، على غرار: "هل أنت متزوجة أم مخطوبة؟ هل لك حبيب؟ كم عمرك؟". وفي مواجهة هذه الأسئلة، أصدرت الكاتبة التركية شِبْنِم بورجوأوغلو، بداية العام الماضي، كتاباً حمل عنوان: "تحدثي بقدر زوجك"، الذي حقّق نجاحاً كبيراً وتحوّل إلى فيلم يحمل الاسم نفسه، وقد نال إعجاب كثيرين.
يوجّه الكتاب نصائح للفتاة العزباء حول كيفية جذب الرجل الذي يعجبها. تقول القاعدة الأولى: لا تعطي الشاب انطباعاً بأنك متاحة، مضيفة: "إذا كنت تريدين الإيقاع بزوج المستقبل، استمري بالهرب، ولا تردي على رسائله النصية أو مكالماته مباشرة. انتظري ثلاثين دقيقة واجعليه بحالة شوق". وتنصحُ بإغاظة الشخص الذي تعتبره الفتاة مناسباً لها، قائلة: "أريهِ كم أنت جميلة لكن لا تدعيه يلمسك. وكوني على ثقة بأنه سيفعل كل ما في وسعه لإسعادك".
وعلى الرغم من الانتقادات الكثيرة للكتاب في الصحف والبرامج التركية، بسبب النصائح التي تحيل العلاقة بين الرجل والمرأة إلى لعبة ساذجة، فإنه نجح في نقل تجارب حقيقية يعيشها الشباب التركي مع بداية كل علاقة جديدة، ما جعله يتربّع على قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في البلاد العام الماضي.
وقد يظن البعض أن المراهقات فقط هن من يقبلن على شرائه، لكن يؤكد باعة الكتب الأتراك أن "الجميع يشترون الكتاب، حتى الرجال يشترونه بحجة إهدائه لأخواتهن أو بناتهن". في السياق، يؤكد محمد إمير الذي اشترى الكتاب، لـ "العربي الجديد"، أنه فكر في إهدائه لشقيقته العزباء علّه يساعدها في الزواج. يضيف أنه "في كل عائلة هناك امرأة عانس. أنت تعرف أن المجتمع التركي يستخدم أمثلة كثيرة جارحة بحقهن. على سبيل المثال، الرجل الذي لا يتزوج يظل أعزب مهما طال الزمن، أما الفتاة فتصير عانساً".
وعلى الرغم من التغييرات الكبيرة التي عاشها المجتمع التركي، ما زالت الزيجات المدبرة موجودة بكثرة. وبحسب مركز الإحصاء التابع لوزارة العائلة والسياسات الاجتماعية التركية، فإن نسبة الزيجات المدبرة عام 2014 تجاوزت الـ 51 في المائة من عموم الزيجات، 10 في المائة منها حصلت بقرار عائلي من دون أخذ رأي الزوجين. أما زواج "الخطيفة"، فبلغت نسبته 4 في المائة وتركز في منطقة مرمرة (غرب تركيا).
من جهة أخرى، تعجّ قنوات التلفزيون ببرامج تعمل على التوفيق بين الرجال والنساء، ويطلق عليها بالتركية "برامج الزواج"، منها برنامج "زواج مع المقدِمة زحل توبال" على قناة ستار التركية الذي يبث يومياً لأكثر من أربع ساعات، باستثناء يومي السبت والأحد، وبرنامج "تزوج مع إسراء إيرول" على قناة "آي تي في" الذي يبث لنحو ثلاث ساعات ونصف الساعة يومياً.
في البداية كانت هذه البرامج تستضيف العروس والعريس، لكن في وقت لاحق، صارت أمهات العرسان يحضرن أيضاً. وما زالت هذه البرامج تتمتع بشعبية كبيرة بين النساء، سواء العازبات أو المتزوجات.
في السياق، تؤكد نادرة إرأوغلو (معلمة متقاعدة) أنها مدمنة على هذه البرامج. تقول: "على الرغم من أنني تجاوزت الخمسين من العمر، لكنني لا أنوي الاستعانة بهذه البرامج. كيف سأواجه تلاميذي وأهلي في حال شاهدوني أبحث عن عريس؟ لكن لا أخفي أنني مدمنة على هذه البرامج". الأمر عينه تؤكده دويغو توبباش (24 عاماً). تقول: "أتابع هذه البرامج بشغف. إنها مسلية ومليئة بالمواقف المضحكة، وقد علمتني الكثير أيضاً".
على الرغم من أن هذه البرامج ليست مجانية، إلا أن كثيرين يلجؤون إليها للزواج. ولا بد للمشارك من دفع مائة ليرة تركية (نحو أربعين دولاراً). وتشير بعض المصادر إلى أن هذه البرامج تحقق أرباحاً عالية. فعلى سبيل المثال يحقق برنامج مثل "الماء" على قناة فوكس أرباحاً شهرية تتجاوز الستة آلاف دولار. أما برنامج المقدمة زحل توبال فتتجاوز أرباحه الـ 15 ألف دولار شهرياً، فيما تصل أرباح برنامج المقدمة إسراء إيرول إلى 54 ألف دولار شهرياً.
ويؤكد محمد درويش (59 عاماً) الذي يقيم في إسطنبول، والذي شارك في أحد هذه البرامج، أنه اضطر للجوء إلى هذه البرامج على الرغم من قناعته بعدم جدواها. يقول: "بعد مرور أكثر من خمس سنوات على وفاة زوجتي بالسرطان، لم ألتقِ بأي امرأة مناسبة خلال العمل".
اقرأ أيضاً: أتراك "يحتالون" على منع تعدّد الزوجات