كتاب في فم الإسفنجة الفرنسية

10 يونيو 2016
عمل لجلال سيبهر، إيران
+ الخط -

منذ ثلاثة أشهر، صدر كتاب "آخر أيام محمد" للباحثة التونسية، هالة الوردي، التي اختارت أن تكتبه بالفرنسية وتنشره لدى إحدى دور النشر الباريسية (ألبان ميشال).

قيل مباشرة إثر صدوره إنه سيثير زوبعة. لم يحدث ذلك إلى حد الآن، رغم أنه عُرض وبيعت كل نسخه حين ظهر في "معرض تونس للكتاب" نهاية آذار/ مارس الماضي، في ما عدا بعض الأصوات الناقدة لثقته المفرطة في المرويّات التراثية والاستشراقية.

لن نذهب في مسالك الكتاب أكثر، بل سننظر إليه باعتباره منتجاً ثقافياً، اختارت مؤلّفته أن يُنشر في "السوق" الفرنسية. نظرة تتقاطع مع ما يحدث هذه الأيام مع أمين معلوف إثر حضوره في قناة إسرائيلية ناطقة بالفرنسية، وهو أيضاً أحد طارحي "تاريخنا" في سوق القراءة الغربية، وإن بشكل كتابة مغاير تماماً لذلك الذي اختارته الوردي.

يعرف متابع الحياة الثقافية الفرنسية أن أحد سجالاتها الكبرى هو تقاطعاتها مع اللوبيات، المالية والسياسية والإثنية؛ اللوبي الصهيوني هو اللوبي الأشهر كما في أمكنة أخرى من العالم.

توظيف الثقافة في صراع اللوبيات موضوع ظلّ حيّاً ومتجدّداً منذ أيام روجيه غارودي في القرن الماضي وصولاً إلى جدالات ميشال أونفري وبرنار هنري ليفي على بعد شهور قليلة.

وسائل الإعلام، الجمعيات، المهرجانات، وطبعاً دور النشر ليست بعيدة عن هذا النقاش والتهم المتطايرة منه، كونها أذرعاً لهذا اللوبي أو ذلك، أو كما يقول الكاتب (المتمرّد) مارك-إدوار ناب بأنها "إسفنجة" في إحالة مزدوجة للضخ الذي تمارسه والمادة التي تُصنع منها الدُّمى.

وهكذا، فإن تسليم مخطوط عمل لكبريات دور النشر الفرنسية، أو الجلوس على أحد كراسي قناة تلفزيونية هناك، هو امتطاء قطار يسير فوق كل تلك السكك، ولا يعرف أحدهم إلى أين يقوده السائق.

كبريات دور النشر مثل "لا ديكوفارت" و"لوسوي" و"لارماتون" وغيرها، ليس من النادر أن تفتح أبوابها لكتّاب عرب، من هنا نشير إلى أننا لا نُدين خطوة الوردي في حدّ ذاتها، ولكن ما ينبغي إيصاله هو أن وعياً أعلى ينبغي أن يتحلّى به مثقفونا وهم يضعون أقدامهم على هذه العتبات. فهل يدخلون الشبكة الفرنسية بعيون مفتوحة؟

المواضيع الإشكالية، التي ينفتح عليها كتاب هالة الوردي، من المتوقع ان تُحدث في أي وقت جدالاً حاداً، فهي مثل ألغام قابلة للانفجار حين يدوس أحدهم عليها أو يوجد من يفكّر في تفجيرها. حين يحدث ذلك ستأخذ قضية الكتاب حيّزاً في الطبق الإعلامي الغربي، وسيجري توظيفه حسب الأجندات ومصالح اللوبيات.

المساهمون