(كتاب رونالدو 11)..الأسوأ والأفضل وهدف روما الخيالي ونهائي موسكو

26 يوليو 2016
+ الخط -


تعاقد فيرغسون في صيف 2007 مع أندرسون وناني وتزايد حضور كريستيانو في غرفة ملابس مانشستر يونايتد: لقد أصبح قائدا للوافدين الجديدين بفضل عوامل اللغة المشتركة وتقارب أسلوب اللعب. كان سعيدا بتوفير الحماية والإرشاد لهما.

كان صاحب الـ22 عاما حينها يحمل فوق ظهره رغبات زملائه في الفريق وأماني الجماهير من كل أنحاء البلاد. شعر بالراحة. وحدهم المختارون هم من يسعدون بالتواجد في قلب الإعصار. شعر بالسعادة كل أسبوع وهو يلعب أمام جماهير عبرت البلاد بطولها وعرضها لرؤية "معشوقيهم" وهم على أرض الملعب.

في موسم 2007-2008 وصل رونالدو لمستوى جعل ذلك السابق أشبه بالقزم. علم فيرغسون أنه يجب على الفريق تمرير الكرة لرونالدو وأعطى تعليماته للاعبين للقيام بهذا. يقول جاري نيفيل "توقفنا عن الإصابة بالإحباط منه حينما كان يعمل على تغيير مركزه من ناحية إلى أخرى دون قول أي شيء لأي شخص. علمنا أن هذا التنوع هو مكمن قوتنا. أصبح نجم الفريق. حينما تسجل 30 أو 35 هدفا فيمكنك القيام بما ترغب فيه".

كان لكريستيانو أهداف واضحة وضوح الشمس. كان سعيدا بواجباته ومسؤولياته في الفوز بالمباراة من أجل زملائه. كقائد للفريق. قائد من نوع خاص؛ ذلك الذي يفعل الأشياء كما يتمنى ويجبر البقية لفعل ما يرغب فيه. إذا لم يتمكن من اقناعهم فإنه كان يفعل الأمور لوحده بنفس الطريقة. رونالدو يحقق أهدافه مهما حدث.

يقول مايك فيلان مساعد فيرغسون: "بعد فترة وحينما تفهم مدى جودته، بدأ يدرك أن كل الأمور يجب أن تدور حوله. كل اللاعبين الجيدين يفعلون هذا. كان يشعر بالاستياء حينما لا يمرر زملاؤه الكرة له".

تقبل الفريق بشكل طبيعي هذا الأمر، ولكن سكولز وغيغز وناني كان بإمكانهم فك شفرات الدفاع بأنفسهم. كانوا يقولون له "لا نحتاج لاستخدامك اليوم"، كما يشير فيلان الذي يضيف "يمكنك أن تتخيل مدى الغضب الذي كان يصيبه".

الأسوأ والأفضل والنهم
يقول فيلان إن أسوأ وأفضل فترات سنوات عمله كمدرب كانت مع كريستيانو رونالدو حيث يضيف: "عليك أن تتحلى بالقوة معه. في اليوم الذي كان يقول فيه اللاعبون: لقد استمتعنا بتدريبات اليوم، كان هو يقول: لم أشعر بأي شيء".

بدأ كريستيانو في طرق باب فيلان كل يوم وهكذا كانت البداية:

- ما الجديد الذي يمكنك أن تقدمه لي اليوم؟

- افعل هذا.

في اليوم التالي يعود ويطرق الباب مجددا:

-ذلك التمرين الذي أخبرتني به.. ما هذا بحق الجحيم؟ إنه هراء.

- ما الذي ترغب فيه إذا؟

-أرغب في أن أصبح أفضل لاعب في العالم ويجب أن تساعدني كل يوم على تحقيق هذا.

بدأ فيلان في قضاء ساعات طويلة أمام حاسوبه، ليس هذا فقط بل اللجوء لمعارفه وزملائه، بجانب قراءة أدلة وموسوعات التدريب. الأمر لم يكن هينا لذا يتابع: "لم أقض أبدا مثل هذا الوقت دون نوم. كان الأمر صعبا. لأن كريستيانو كان كل يوم يسأل " ما الجديد الذي يمكنك أن تقدمه لي اليوم"؟

يقول فيل نيفيل "في الماضي إذا ما سألت أي أحد في كارينغتون من كان سيصبح الأفضل في العالم بينه وبين ميسي كان الجميع يجيب رونالدو. الاعتقاد السائد أنه كان لا يمكن لأحد مقارعة هذا".

هدف روما الخيالي
في ذلك الموسم سجل رونالدو هدفا يتذكره الجميع أمام روما على ملعب الأوليمبيكو في ربع النهائي، تحديدا في الأول من أبريل 2008. أرسل سكولز عرضية وكانت الكرة في الهواء. لم يظهر بالمرة أن أحدا قادرا على فعل أي شيء بخصوصها ولكن..

يقول روني في سيرته الذاتية "لقد قفز وكل عضلات رقبته كانت مشدودة"، فيما يضيف جاري نيفيل "قفز مثل مايكل جوردان وأنهى الأمر مثل مايكل جوردان"، بينما يتابع فيلان "لم أر شخصا يطير في الهواء هكذا من قبل. لم يكن في الصورة ولكن جسده اخترق الفراغ وسجل برأسه في الشباك".

يكمل لويس ساها "أنا رأس حربة وأعرف أن هذه ليست كرتي، أنني لن أصل بدا لهذه الكرة ولكنه تمكن من القفز بشكل.. حسنا ربما تراه واقفا أمام المرآة وهو يضع كريم الجيل على شعره ولكنه يقفز مثل العملاق ويضرب الكرة برأسه".

يضيف فيلان "كان لا يزال في الهواء حينما سكنت الكرة بالشباك. هذه الأمور لا يمكنك تدريبها بل يجب أن تكون سعيدا فقط لمشاهدتها".

أمام برشلونة وتشيلسي
في موسم 2007-2008 تمكن من تسجيل 42 هدفا (30 في الدوري من ضمنها تسع رأسيات)، على الرغم من أنه لم يبدأ التسجيل إلا في آخر سبتمبر/ أيلول وتعرضه لإصابة استمرت شهرين، ولكنه لم يرغب في الغياب عن أي مباراة بموسم كان يبدو تاريخيا.

في نصف نهائي دوري الأبطال كان مانشستر يونايتد على موعد مع برشلونة فرانك ريكارد ورونالدينيو وديكو على ملعب كامب نو. أقنع كارلوس كيروش فيرغسون باللعب بكريستيانو كرأس حربة لأنه لن يكون قادرا على التعامل مع ظهير برشلونة على عكس بارك جي سونج، هذا بخلاف إيمانه بقدرته على استغلال نقاط ضعف جابرييل ميليتو وبطئه.

لم تعجب الفكرة رونالدو كثيرا وكان تأثيره محدودا للغاية في المباراة بل وأنه أهدر ركلة جزاء في اليوم الذي جعل ليونيل ميسي العالم يبدأ في ملاحظته، فيما اضطر الـ"ريد ديفلز" للانتظار لمباراة الإياب ليصعد بهدف بول سكولز. كان هذا أول نهائي تشامبيونز لمانشستر يونايتد في تسع سنوات بل وتوج الفريق أيضا بالـ"بريميير ليغ" مجددا.

في نهائي دوري الأبطال كانت المواجهة إنكليزية خالصة أمام تشيلسي. منح فيرغسون رونالدو دورا حرا في نهائي موسكو. كان يرغب في أن ينفذ انطلاقاته القوية أمام قلبي الدفاع والظهير الأيمن، فيما اتخذ افرام جرانت قرارا مفاجئا باللعب بمايكل إيسيان كقلب دفاع. كانت خطة فيرغسون تعتمد على اتخاذ دفاع الـ"بلوز" قرارات تعتمد على تحركات رونالدو.

يقول غيغز: "ظننت أن بإمكانه العبور من إيسيان متى كان يرغب ولكنها كانت مهمة صعبة أمام فريق قوي وصاحب خبرة". ظهر رونالدو للحظات وغاب أخرى وهو الأمر الذي يفسره جاري نيفيل بقوله: "قلة من اللاعبين هم من يخوضون نهائي دوري الأبطال بشكل جيد. حينما يكون الخصم يتفوق عليك بعشرة أيام أو أسبوعين من أجل الاستعداد لك، فإنه يكون على دراية بكل التفاصيل الصغيرة لإيقافك".

لم تتوافر في المباراة السيولة اللازمة للمباريات التي يحبها ولكن رونالدو تمكن من التسجيل برأسية. لم يحاول ايسيان حتى القفز للعراك معه على الكرة. ربما فكر حينها: "هذا الارتفاع لا يناسبني"، ولكن كريستيانو لا يفكر هكذا. كان هدف التعادل الذي أحرزه لامبارد قبل نهاية الشوط الأول هو الأخير في المباراة التي امتدت لوقت إضافي وركلات ترجيح.

كان دور كريستيانو هو الركلة الثالثة. التقط الكرة بإصرار ثم قبلها ووضعها مكانها. تراجع ووضع يديه على وسطه وبدأ ركضه الشهير. توقف في نصف الطريق. ربما كانت لديه شكوك وسدد كرة كانت في متناول بيتر تشيك. وضع يديه على وجهه متحسرا بعد ذلك.

كان القدر رحيما برونالدو وانتهت ركلات الجزاء بتتويج مانشستر باللقب بعدما سجل غيغز ركلته وأهدر أنيلكا، ولكن بدلا من أن يركض كريستيانو نحو زملاء فريقه للاحتفال افترش منتصف الملعب. إنه رونالدو الأصلي: لن نعرف أبدا إذا ما كان يرغب في أن يكون مركز الاهتمام أم أنه كان لا يصدق الفوز. ذهب جاري نيفيل إليه وطالبه بالمجيء للاحتفال ولكن على أي حال رونالدو كان يستمتع بنجاحه في عالمه الصغير. لاحقا شكر الحارس ادوين فان دير سار على تصديه الذي منح الفريق اللقب.

هذه كانت نهاية موسم استثنائي أظهر فيه البرتغالي أنه كان حينها أفضل لاعب في العالم بدون أدنى شك. الأمور الآن تبدو وردية؟ حسنا.. في هذه الليلة امتزج طعم السعادة بالقلق في حلق مشجعي مانشستر يونايتد بسبب تصريحاته بعد المباراة التي كانت تلمح إلى أن هذه ربما تكون أخر مباراة له مع مانشستر يونايتد.

المساهمون