كتابة بلا تراكم

23 يناير 2016
حسين بيكار / مصر
+ الخط -

يبدو غياب مبدأ التراكم أشبه بعاهة مستديمة في جسم الإبداع العربي، ينتج عنه عجز لدى المبدعين في حقول مختلفة عن الانطلاق من منجز السابقين والتقاط التجارب الأكثر طليعية للذهاب بها إلى أقصى ما يمكن.

في المغرب مثلاً، نلاحظ النتائج الكارثية لهذه العاهة ومسؤوليتها عن تراجع مريع في قيمة الراهن المنشور. فعندما نقرأ في الشعر والنثر لشباب في العشرينيات من العمر وحتى الثلاثينيات نجد أنفسنا، في أحيان كثيرة، أمام نصوص هزيلة بدون مرجعيات ونفاجأ بلغة ضعيفة لا أثر فيها لمجهود شخصي وغياب تام للأسلوب وكأنها كُتبت من فراغ.

أحيانا نقرأ لشاعر أو كاتب نشر خمسة إصدارات أو أكثر ويكتب في كل المنابر ويمثّل المغرب في المهرجانات وفي النهاية نكتشف أن نصوصه صدى لكتابات إنشائية بليدة.

أليس من العيب أن يخوض شاعر أو ناثر ما تجربة الكتابة وكأنه يدبِّج في جزيرة معزولة من دون أن يقرأ ويستوعب ما أنجزه السابقون وحتى المعاصرون له من شعر ونثر وعانوا الأمرين حتى يجدوا لهم موقعاً في خريطة الكتابة الصعبة؟

من الواضح أننا أمام شكل من الأمّية محيّرة ومُلغزة، أو أننا أمام عقدة رهيبة تجعل الشعراء والكُتّاب يجهلون ويتجاهلون الانطلاق من مناطق متقدمة في الشعر والنثر ليضعوا لبنة إضافية في منجز كتابي بدأ منذ عقود طويلة. وبدل أن نبني أهرامات نجد أنفسنا أمام أحجار مبعثرة وأسوار مهجورة لم يكتمل بناؤها بعد.


اقرأ أيضاً: بشرى ويزغن: مغامرة أُخرى لشيخات العيطة

المساهمون