كان ذلك كافياً

06 نوفمبر 2016
(الشاعر)
+ الخط -

حوار التشيلي
سترى بحراً من الحجارة
سترى أقحواناً في البحر
سترى إلهاً للجوع
سترى الجوع
سترى أشكالاً كأنها زهور
سترى صحراءَ
سترى البحر في الصحراء
سترى كُرهكَ
سترى دولةً من العطش
سترى جروفاً من المياه
سترى أسماء هاربة
سترى العطش
سترى قصص غرام هاربة
سترى القليل من الحب
سترى زهوراً كأنها حجارة
سترى عيونها هاربة
سترى قمماً
سترى أقحواناً في القمم
سترى يوماً أبيض
سترى أنه يذهب
سترى ولن ترى
وستبكي


كتابة 178
تحدثّك الآن الصخور التي تكسّرت عليها حياتك
تخبرك عن أكثر من إيثاكا مزيفة
عن الغرق في السواحل البعيدة
عن تعبكَ وأنت تنعطف صوب الأمواج
تقول لك إن نهاية الأرض توجد هناك في الأبعد
وإن البحر ينهار هناك، إن بحرك المعشوق ينهار وإن السفن لم تعد مطلقاً إلى مرافئها
تحدّثك المخاوف في ليلكَ

فتبدو حينئذ كأنها شيء يوقظ هذه القصائد
كأنها شيء بداخلكَ، كأنها شيء يعبر البحر ويستفيق.


سوريتا
كما في حلم، حين كان كل شيء ضائعاً
قال لي سوريتا إنه سيجمع الشراع
لأنه كان قد رأى نجمة في أعماق الليل.
حينها وأنا متكوّرٌ جنب أخشاب الزورق
بدا لي أنّ النور يضيء من جديد عينيّ المنهكتين.
كان ذلك كافياً. أحسستُ أنّ النعاس يغمرني.


احفظيني في داخلك
حبّي: احفظيني في داخلك
في السيول الجارفة السرية
التي يقيمها نهرك.
وحين يظلّ منّا
شيء مثل شاطئ فقط
احفظيني في داخلك أيضاً.
احفظيني في داخلك مثل استفهام
المياه التي تمشي.
وبعدها: حين تسقط الطيور الكبيرة
والسحاب يشي لنا
أن الحياة تسرّبت من بين أصابعنا
احفظيني في داخلك أيضاً
في الهواء العذب الذي ما يزال في صوتك
الصلب والبعيد
مثل مجاري الأنهار الجليدية حين يصل الربيع.


* RAÚL ZURITA شاعر تشيلي ولد في العاصمة سانتياغو سنة 1950. اعتقل خلال فترة حكم الديكتاتور بينوتشيه وتعرض للتعذيب. حصل على "جائزة بابلو نيرودا" و"الجائزة الوطنية للأدب" في التشيلي، ويعتبره بعض النقاد أبرز اسم شعري في أميركا اللاتينية اليوم.

** ترجمة عن الإسبانية إبراهيم اليعيشي


المساهمون