وتعدّ بلدة الحولة شمال حمص إحدى هذه المناطق التي تشهد عمليات عسكرية وقصفاً جوياً مكثفاً، في محاولة من النظام لفرض حصار مطبق عليها يتحمّل نحو 2400 طفل رضيع أولى نتائجه التي تمثّلت بغياب حليب الأطفال منذ 28 يوماً.
وأوضح الناشط الإعلامي سامر الحمصي، لـ"العربي الجديد"، أن "قوات النظام مدعومة بأعداد كبيرة من المليشيات الطائفية وتحت غطاء جويّ روسيّ، عملت على فرض حصار مطبق على أكثر من 75 ألف مدني بالتزامن مع نقص في المواد الغذائية والطبية ومواد التدفئة"، مشيراً إلى أنّ "المشهد الأكثر إيلاماً هو بكاء الأطفال جوعاً، في حين تقف عائلاتهم عاجزة أمام ألمهم عن تأمين علبة حليب تبعد عنهم الجوع وخطر فقدان حياتهم".
من جانبه، قال أبو الفاروق، وهو أحد الأطباء الميدانيين في منطقة الحولة، إنّ "السوريين، وخاصة الأطفال والنساء، يعانون رعبا دائما جراء حالة الحرب التي تعيشها البلاد والقصف المتواصل بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والطيران الحربي الروسي، ما يؤثر سلباً على الأم المرضع، حيث إن الخوف الشديد والتوتر يؤديان إلى نقص إفراز الحليب لديها وفي بعض الأحيان إلى توقف إفرازه بشكل دائم".
وبحسب أبو الفاروق، فإنّ "ضيق ذات اليد لمعظم الأسر يحول دون تأمين التغذية المناسبة للأم منذ بداية الحمل وطيلة فترة الإرضاع، ما يتسبب في أحيان كثيرة بإصابة الأمهات بسوء التغذية ويؤثر سلباً على إفراز الحليب لدى الأم المرضع، ما يجعل السبيل الوحيد للحفاظ على حياة الأطفال هو حليب الأطفال الصناعي كبديل أو كمساعد مع حليب الأم".
وبيّن الطبيب الميداني أن "أكثر من 80% من أطفال منطقة الحولة يعتمدون على حليب الأطفال، إما بشكل كلي أو جزئي، ولدينا في منطقة الحولة قرابة 2400 طفل دون عمر العام، 60% منهم دون الستة أشهر، وهؤلاء الأطفال لا يمكن أن يستغنوا عن حليب الأطفال"، لافتا إلى أنه "مع غياب هذه المادة وارتفاع سعرها عمد الأهالي إلى استخدام حليب الأبقار والأغنام كبديل عنها، ما سبب في معظم الحالات أمراضاً معوية وإسهالات وصل بعضها للجفاف، الأمر الذي قد يؤدي إلى كارثة إنسانية"، كما ناشد "جميع منظمات المجتمع الدولي والهيئات الإنسانية العمل على إنقاذ هؤلاء الأطفال بالسرعة القصوى".
وأفاد أبو الوليد، وهو أحد الصيادلة في منطقة الحولة، بأنّ "حليب الأطفال اليوم نادر الوجود في منطقة الحولة نتيجة الحصار، وإن وجد فإنّ سعر العلبة الواحدة 400 غرام يتجاوز 2500 ليرة سورية، وهي تكاد لا تكفي الطفل أربعة أو خمسة أيام".
بدوره، قال عضو جمعية "آلاء الخيرية" الناشط أبو سليمان لـ"العربي الجديد"، "لدينا مراجعات يومية طلباً لحليب الأطفال وللأسف فإن إمكاناتنا متواضعة وقد استهلكنا مدخراتنا أثناء استقبال النازحين القادمين من ريف حماه الجنوبي هرباً من القصف الجوي الروسي، ما جعلنا عاجزين عن تقديم المساعدة لمثل هذه الحالات، وأعتقد أن حليب الأطفال اليوم لا يقل أهمية عن العمل في مجال تقديم المواد الغذائية وفي بعض الأحيان يكون أهم، فالإنسان البالغ قد يجد من يساعده أو يجد البديل حتى لو اضطر لأكل الأعشاب ولكن الطفل لا يمكن أن يستغني عن الحليب فلا بديل لديه".
وحذر أبو سليمان من "كارثة إنسانية قد تصيب أطفال منطقة الحولة قريبا"، محملاً "المجتمع والهيئات الدولية مسؤولية ذلك بالاشتراك مع المنظمات الإنسانية التي تعمل في الشأن في السوري الغائبة وبشكل تام عن منطقة الحولة، رغم استمرار المأساة منذ 28 يوماً على التوالي وكل نداءات الاستغاثة التي يتم توجيهها يومياً".