كاراجات السيارات في رام الله... احتيال "على القطعة"

30 مايو 2016
عطل السيارة أزمة على جيوب الفلسطينيين(عباس مومني/ فرانس برس)
+ الخط -
قصص غريبة يعيشها المواطن في فلسطين مع أصحاب ورش تصليح السيارات (الكاراجات). وأكثر القصص غرابة، هي تلك التي تعيشها النساء. فكل ورشة لتصليح السيارات تغني على ليلاها، حيث تغيب الرقابة تماماً، ويبقى المستهلك عرضة لجشع أصحاب الورش. انطلاقاً من هذا الواقع، قامت "العربي الجديد" باستطلاع حول العقبات التي تواجه المواطنين، وكم ينفقون لتصليح سياراتهم.
بحسب نتائج الاستطلاع، فإن أغلبية إجابات النساء أكدت أنهن يستعن بالأهل والأصدقاء، إما بالاستشارة أو من خلال اصطحابهم إلى ورش السيارات، نظراً لما يتعرضن له من غش عند تصليح سياراتهن.
تقول الصحافية رانيا الحمد الله، من مدينة طولكرم: "منذ سنتين، أدركت أن أصحاب كاراجات التصليح يستغلون الفتيات، فقد أبلغت زملائي في العمل أن الميكانيكي في كاراج التصليح بدّل قطعاً بمبلغ يصل إلى 57 دولاراً، فكان جواب زملائي أن هذه القطع لا تساوي أكثر من 13 دولاراً فقط". وتضيف: "أذكر أيضاً أنني دفعت ما يعادل 270 دولاراً لتصليح عطل أصاب سيارتي، وفي ما بعد علمت أن تصليح هذا العطل لا يكلف أكثر من 42 دولاراً".
أما سوسن الأسعد، من مدينة نابلس، فتقول لـ"العربي الجديد": "لا أذهب إلى ورش تصليح السيارات بمفردي، إذ يتم استغلالي، وعلى سبيل المثال، كنت قد اتفقت سابقاً مع أحد أصحاب الكاراجات على تصليح السيارة مقابل مبلغ معيّن، لكنني اكتشفت أنه لم يقم بتبديل القطع، رغم أنني دفعت ثلاثين دولاراً".
أما نسرين عواد، فتقول: "لم أصلح سيارتي منذ نحو 6 سنوات، حيث أُدرك تماماً أنهم يستغلون الفتيات، وفي كل مرة أذهب إلى ورش التصليح، يكون أخي على الهاتف يتحدث مع صاحب الكاراج".


احتيال متواصل

"عليك ملازمة كاراج الصيانة، وعدم ترك السيارة، لأن بعض الورش تعمل على تبديل قطع السيارة الصالحة والأصلية بقطع أخرى قديمة أو قطع رديئة التصنيع"، كما تقول سماح، من مدينة رام الله. وتضيف: "عندما ذهبت إلى كاراج السيارات في المنطقة الصناعية في بيتونيا بسبب سيلان في راديتير التدفئة أصاب سيارتي، قال لي صاحب الكاراج "إن السيارة بحاجة إلى تغيير راديتر السيارة كاملاً، بحيث تصل الكلفة إلى نحو 167 دولاراً"، إلا أن السعر تبدّل، بعدما أحضرت صديقي، حيث أشار صاحب الكاراج إلى أن السيارة لا تحتاج أكثر من وضع مادة السيليكون في "الراديتير" الذي لا يكلف نصف دولار".
تغيب الفواتير الضريبية عند تصليح السيارات أو حتى صيانتها أو تبديل أية قطعة فيها، إلا في ما ندر، كما تغيب فواتير استلام السيارة برقمها ونوعها. في فلسطين، جميع التعاملات بين مالكي السيارات وأصحاب الكاراجات تكون "على السبحانية"، كما يقول الفلسطينيون، بمعنى أنها تكون دون أوراق رسمية، أو فواتير، أو حتى كفالة خاصة بالتصليح أو قطع الغيار. فبعض الميكانيكيين يعرفون كيف يحتالون على الزبون، خصوصاً إذا شعروا أن الزبون يجهل تماماً في أمور السيارة، حيث يسهل خداعه.
يقول وسام، وهو تاجر سيارات مستعملة، لـ"العربي الجديد": "توجد ثلاثة أنواع من ورش التصليح، فهناك الورش غير المرخصة وغير المسجلة، وأخرى مرخصة في البلدية ولكنها ليست مسجلة في الضريبة، وهناك ورش مسجلة ومرخصة، والأخيرة فقط تقوم بتسليم الفاتورة الضريبية"، مضيفاً: "إن أصحاب الورش غير المرخصة، وفي حال إلزامهم بتسليم فاتورة، فإنهم يستعينون بدفاتر فواتير من كاراج آخر".

يؤكد عبد الله، سائق سيارة عمومية منذ نحو 25 عاماً، أن أسعار التصليح في وكالات السيارات مكلف جداً، فالقطعة التي يصل سعرها إلى 1000 دولار، تباع في السوق بسعر 400 دولار، ورغم أن الأخيرة غير مكفولة، لكن سعرها مقبول.
يشير صالح، وهو صاحب ورشة في مدينة البيرة، إلى أن ورشته مرخصة بشكل رسمي، لكنه لا يقوم بإعطاء فواتير إلى الزبائن، حيث إن الزبون يقوم عادة بمقارنة الأسعار مع ورش أخرى، وهذا ما يسبب المشاكل، فالناس لا يفرقون بين العمل الجيد أو الرديء، أو بين القطع الأصلية أو تلك المزيفة.
أما بشأن دور وزارة الاقتصاد في حماية المستهلك، فيقول مدير عام حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الفلسطينية، إبراهيم القاضي، لـ"العربي الجديد": "يقتصر دورنا في مطالبة أصحاب قطع غيارات السيارات والكاراجات بإشهار الأسعار، وعلى صاحب السيارة المطالبة بفاتورة وكفالة من صاحب الكاراج بالخدمة التي قدمها، سواء أكانت تتعلق بالصيانة أو تركيب قطع غيار"، مشيراً إلى أن الوزارة تتلقى العديد من الشكاوى بهذا الخصوص.
المساهمون