كاترينا هونزيكوفا تشيكية تدعم أطفال سورية

19 نوفمبر 2017
نسعى إلى تعريف المجتمع التشيكي على السوريين (العربي الجديد)
+ الخط -
ناشطون كثر حول العالم تعاطفوا مع قضايا السوريين الذين فرّوا من بلادهم المشتعلة. كاترينا واحدة من هؤلاء وهي تسعى إلى التخفيف من أثر الصدمات النفسية على الأطفال منهم

عندما بدأت الصور وتسجيلات الفيديو تنقل المشهد السوري في عام 2011، كانت قِلّة من الشعب التشيكي تعرف ماذا يجري هناك بالتحديد. في الوقت نفسه، كانت وسائل الإعلام التشيكية تنقل رواية النظام السوري، باعتباره نظاماً مقاوماً للحركات الإسلامية المتطرّفة. في ذلك الحين، لم تصدّق الشابة التشيكية كاترينا هونزيكوفا الرواية التشيكية، وبدأت تطّلِع على الأخبار من مصادر مختلفة حول العالم حتى تفهم حقيقة الأمور. لم تتوقّف كاترينا عند هذا الحدّ، وحاولت التواصل مع ناشطين سوريين في الداخل، قبل أن تعمد إلى ترجمة مقالات من اللغة الإنكليزية إلى التشيكية حتى يتمكّن مواطنوها من قراءتها.

ومع مرور الوقت، تفرّغت كاترينا لمساعدة اللاجئين السوريين الذين لم يصل منهم إلا عدد قليل إلى جمهورية التشيك، فصارَت تزور مخيّمات اللجوء في صربيا وتتواصل ومجموعة من أصدقائها مباشرة مع العائلات السورية هناك حتى تعرف ما يلزمهم تحديداً. وتخبر كاترينا أنّها جمعت هدايا سوف تحملها إلى هناك في زيارتها المقبلة. تلك الهدايا التي تنوي توزيعها على أطفال أحد مخيّمات اللجوء في صربيا، هي لأبطال مسلسلات كرتونية خارقي القوى، على أن تكون بمثابة دعم نفسي للاجئين الصغار. كذلك سوف تحمل معها مجموعة أخرى من الألعاب تعتمد على القفز واللعب الجماعي، وقد عمدت إلى جمعها خلال الشهور الستة الماضية.

تجدر الإشارة إلى أنّ كاترينا تابعت تدريباً أكاديمياً في مجال معالجة الصدمات أو الرضوض النفسية عند الأطفال، والحالات التي شاهدتها بين الأطفال السوريين كانت الدافع الرئيسي وراء اختيارها مهنتها. فقد صدمها عدد الأطفال الذين فقدوا القدرة على الكلام أو الحركة أو اللعب أو التفاعل الاجتماعي، إثر أحداث مخيفة شهدوها خلال الحرب داخل سورية.

واتّخذت الشابة قرارها بإنشاء مشروع يهدف إلى تدريب الأهالي في مخيّمات اللجوء، لمعالجة الصدمات النفسية التي يعاني منها أطفالهم. فاختارت كتاب "دليل الأهل في معالجة الصدمة النفسية عند الأطفال" وتواصلت مع كاتبيه الأميركيَين ماغي كلاين وبيتر لافين، وجمعت أبرز المواد المذكورة في الكتاب والتي من الممكن الاستفادة منها في التعامل مع الأزمات النفسية المرتبطة بالحروب والإصابات النفسية والجسدية. وضعتها في كتيّب إرشادي سوف يُترجَم إلى اللغة العربية، وهو يتضمّن تمارين وألعاب يَسهل تطبيقها من قبل الأهالي. وهي تسعى إلى طبع عشرة آلاف نسخة من الكتيّب، إذا تمكّنت من الحصول على دعم مادي كافٍ. كذلك تعمل على مجموعة قصص مصوّرة ترفقها بالكتيّب من شأنها أن تساعد على شرح التمارين للعائلات المعنيّة، وذلك بهدف الوصول إلى أكبر عدد من المحتاجين إلى هذا الدعم.

وتخبر كاترينا أنّ "اهتمامي بالأطفال بدأ أوّلاً لأنّني أمّ وأعرف حساسية مرحلة الطفولة، ولأنّني شاهدت حالات كثيرة جعلتني أقف أمامها مصدومة. لم أكن أريد البكاء، لكنّني كنت أقضي الليالي في المخيّمات والألم يعتصر قلبي". لم تقف كاترينا كمتفرّجة، بل بدأت تعمل بالفعل وأسست جمعية أُطلِق عليها اسم "تشيكيّون من أجل سورية"، بمشاركة صديقتها تيريزا تسيبولكوفا. والجمعية تعمد إلى الاجتماع مع مختلف الأحزاب السياسية في جمهورية التشيك بهدف طرح اقتراحات تسهّل حياة اللاجئين السوريين، لكنّ جمهورية التشيك قابلتها بالرفض في معظم الأحيان. كذلك تعمل الجمعية على نشاطات إغاثية وتعليمية، وتساهم في حصر عدد السوريين اللاجئين في براغ وخلق بيئة صديقة لهم وتساعدهم في تعلّم اللغة والتعرّف على البيئة الجديدة. وتؤكد كاترينا: "نحن نسعى إلى تعريف المجتمع التشيكي المغلق على السوريين، فالأحزاب السياسية تسعى إلى نشر الخوف بين المواطنين التشيكيين الذين يجهلون هوية السوريين الحقيقية".

في السياق، يقول ماجد وهو لاجئ سوري من أصل فلسطيني، "لم أتعرّض إلى تجربة سيّئة، فالجميع يرحّب بي ويحاول مساعدتي عندما يعرف أنّني أتيت من سورية. يبدو أنّ الإنسانية تطغى على السياسة في نهاية الأمر".

وكانت صحافية تشيكية قد عمدت إلى مساعدة ماجد وأفراد عائلته لإيجاد منزل يستقرّون فيه، عندما حصلوا على حقّ اللجوء في جمهورية التشيك. كذلك ساعدهم جيرانهم في اختيار المدارس وعرّفوهم على المحيط. وما يرويه ماجد عن تجربته يعكس جواً إيجابياً، إذ إنّه وأفراد عائلته لم يتعرّضوا منذ وصولهم إلى البلاد قبل ثلاثة أعوام إلى أيّ اضطهاد أو عنصرية.

من جهة أخرى، يُذكر أنّ السلطات التشيكية تعمد إلى حجز الأشخاص (مهما كانت جنسياتهم) الذين يَعبرون حدودها من دون وثائق قانونية، أو بطريقة غير شرعية، وتوزّعهم على مراكز تشبه المعتقلات يُحرَمون فيها من أبسط حقوقهم، من قبيل استعمال الهاتف المحمول أو الإنترنت. كذلك تقدَّم لهم وجبات محدّدة من الطعام يومياً، لا تكفي لمدّهم بالاحتياجات الغذائية الأساسية. ومن الممكن أن يستمرّ احتجازهم في تلك المراكز لمدّة تصل إلى ستة شهور قبل أن يُصار إلى إعلامهم برفض طلبات اللجوء التي تقدّموا بها أو قبولها.

تجدر الإشارة إلى أنّه في حال لم يعمد الشخص إلى تقديم طلب لجوء خلال 48 ساعة من وصوله إلى الأراضي التشيكية، تحتجزه السلطات في تلك المراكز قبل ترحيله إلى البلد الذي يحمل جنسيّته.
المساهمون