قوت المصريين.. نقص حاد في السلع الضرورية واختفاء بعضها

19 أكتوبر 2016
وصل العجز بالسكر التمويني إلى 70%
+ الخط -


تواجه الأسواق المصرية نقصاً حاداً في معظم السلع الاستراتيجية والاستهلاكية التي يحتاجها المواطن المصري في حياته اليومية ولا يمكنه الاستغناء عنها، وسط تزايد غير مسبوق في أسعار تلك السلع نتيجة لشح المعروض منها، إلى جانب الزيادات الكبيرة في قيمة فواتير الماء والكهرباء والغاز.

وتشهد معظم محافظات مصر نقصا شبه كامل في السكر والأرز والزيت بالجمعيات الاستهلاكية، والأسواق التجارية الكبيرة، ومن قبل شهدت البلاد نقصا كبيرا في معظم الأدوية، واختفاء تاما لألبان الأطفال، ونقصا في المخزون الاستراتيجي للقمح.

كما تشهد الأسواق أزمة في أسطوانات البوتاجاز، وبوادر أزمة جديدة تطل برأسها في محطات البنزين والسولار، على خلفية وقف السعودية إمدادات البترول لمصر، فضلا عن ارتفاع أسعار باقي السلع الأخرى التي يتم استيرادها من الخارج بسبب نقص الدولار وتهاوي قيمة الجنيه المصري.

وباتت التباين في المواقف هو العنوان الأبرز والمسيطر على حديث الشارع المصري، فالمعارضون يرون أن نظام عبد الفتاح السيسي فشل في توفير أبسط الاحتياجات اليومية للمواطنين، والمؤيدون يلقون اللوم على جشع التجار والمحتكرين والأساليب الاستهلاكية الخاطئة للمواطنين ويعترفون بضعف الحكومة في مواجهة ذلك. ويحمل آخرون المسؤولية لأجهزة سيادية تلعب كل منها على وتر الصراع السياسي الدائر في البلاد.

وبين كل هذه النقاشات، يبقى قوت الشعب المصري غائبا بين سندان الجشع والاحتكار ومطرقة الصراع السياسي الدائر في البلاد منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013.

أزمة أرز وسكر وزيت

ووسط اتهامات بالاحتكار بتواطؤ من الحكومة المصرية، قفزت أسعار الأرز إلى مستويات قياسية، على خلفية نقص الأرز في الأسواق على الرغم من وجود فائض في الإنتاج. وهو ما فسره رئيس شعبة المواد الغذائية في الغرفة التجارية بالقاهرة، أحمد يحيى، قائلا إن "محتكري الأرز لا يزيد عددهم عن 10 أفراد يعطشون الأسواق ويرفعون الأسعار".

وحذر عضو لجنة الزراعة والري والأمن الغذائي بمجلس النواب المصري، محمود شعلان، من تجدد أزمة الأرز بعد انتهاء موسم الحصاد وامتناع المزارعين والفلاحين عن توريد المحصول إلى الحكومة بسبب تدني السعر الحكومي بفارق 700 جنيه في الطن الواحد عن سعر التجار.

وأشار شعلان في تصريحات صحافية إلى أن التجار احتكروا السوق وستحدث أزمة أرز قريبة كما حدث سابقا.

أزمة السكر وحملات وزارة التموين بمنطقة السيدة زينب 


وقال نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين، فريد واصل، إن هناك خطة ممنهجة من جانب الحكومة ضد الفلاحين والمزارعين لمساندة التجار، مشيرا إلى أن وزارة الزراعة لا تعلن عن أسعار الأرز إلا بعد أن تتأكد أن محصول الأرز في مخازنهم.

وفي ضوء متابعة أزمة اختفاء السكر، كشف مصدر مطلع في وزارة التجارة والصناعة بمصر، عن توجه حكومي لإسناد استيراد السكر لصالح شركة الوادي التابعة لإحدى الجهات السيادية، بعدما تفاقمت أزمة نقص هذه السلعة، حتى أصبح المعروض منها يقل عن ثُلث الطلب.

وقال المصدر لـ"العربي الجديد" إن ثمة توجها إلى إسناد ملف استيراد السكر كاملا لصالح المخابرات، لكن هذا يستلزم رفع أسواق السلعة في السوق المحلية، إذ يقل بنحو النصف عن مستوى الأسعار في السوق الدولية.

وتفرض الحكومة المصرية سعرا للسكر عند 4550 جنيها للطن (517 دولارا)، وهو سعر يتكبد معه المستوردون خسائر بالغة، إذ يبلغ سعر السلعة في السوق الدولية حاليا نحو 600 دولار للطن.

وكما هو الحال في السكر والأرز، تشهد مخازن الزيت الحكومية، ارتباكا واضحا على خلفية تراجع الحكومة عن استيراد فول الصويا لإنتاج كميات جديدة من الزيت التمويني بسبب ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه.

وبحسب مسؤولين في وزارة التموين، يصل العجز في زيت الطعام إلى 80 في المائة، وتستورد الوزارة 50 في المائة من احتياجاتها من فول الصويا، بينما تحصل على 50 في المائة من المزارعين، لإنتاج الزيت التمويني الذي يتم توزيعه على أكثر من 19 مليون بطاقة تموينية تكفي 67 مليون أسرة.

وأصدر الاتحاد العام للغرف التجارية تقريراً أكد فيه أن عجز السلع التموينية على مستوى محافظات الجمهورية مستمر منذ سبتمبر/أيلول الماضي حتى الشهر الجاري، ووصل العجز بالسكر التمويني إلى 70 في المائة، والأرز إلى 40 في المائة، والزيت لـ 10 في المائة.

وأرجع التقرير سبب الأزمة إلى ضعف عمليات التوريد من الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، وخاصة شركتي الجملة.

ودعا إلى العودة لمنظومة صرف سلع فارق نقاط الخبز القديمة، والتي كان فيها البدال التمويني يشتري السلع من الشركات مباشرة، من دون اللجوء إلى الشركة القابضة للصناعات الغذائية.

أزمة السكر وحملات وزارة التموين بمنطقة السيدة زينب 


من جهته، قال وزير التموين والتجارة الداخلية، اللواء محمد علي مصلحي، إن أرصدة السلع التموينية الرئيسة متوافرة، وإن هناك توجيهات رئاسية ببناء احتياطي يكفي 6 أشهر مقبلة.

وعلق رئيس جهاز حماية المستهلك، اللواء عاطف يعقوب، على تلك الأزمة قائلا: "هناك أياد خفية وراء أزمة نقص السلع، وتوجد جهات لا تريد الخير لمصر".

في المقابل، أكد المتحدث باسم نقابة بدّالي السلع التموينية ماجد النادي، وجود نقص كبير في السلع التموينية هذا الشهر.

وقال إن "النقص كبير، ولا نستطيع السيطرة عليه، المواطن يأتينا يريد الشراء بكل نصيبه من الدعم سكّراً أو أرزاً لأنه يسمع إشاعات عن شح السلعة، وبحسب النظام الجديد للتموين فنحن لا نستطيع منعه".

وفي ظل استمرار أزمات نقص السلع التموينية، وغلاء الأسعار، طالب رئيس ائتلاف الأغلبية (دعم مصر)، محمد زكي السويدي، بضم أموال الصناديق الخاصة إلى الموازنة العامة للدولة، لضخها لصالح الدعم النقدي.

المساهمون